https://www.irfaasawtak.com/a/432827.html
أب يمني: لم أتلقَ حتى اتصالا واحدا من مسؤول يعزيني
أبريل ٢٠, ٢٠١٨
غمدان الدقيمي
شارك
لا يزال عبدالله الخليدي، وهو مواطن يمني قُتلت زوجته وطفله البالغ مع العمر تسع سنوات بهجوم إرهابي قبل شهرين، غير قادر على تجاوز صدمته النفسية والجسدية.
“صحتي تدهورت كثيراً بعد الحادثة.. أحياناً أعجز عن النوم.. أتخيلهما في كل زوايا المكان”، قال الرجل الستيني متحدثا لموقع (ارفع صوتك) عبر الهاتف من مدينة عدن جنوبي غرب البلاد.
وفقد الخليدي، الذي بات يفكر جديا بالهجرة من البلاد، زوجته وطفله الياس نهاية شباط/فبراير الماضي بهجوم إرهابي بسيارتين مفخختين استهدف مقراً لقوات مكافحة الإرهاب في مدينة عدن التي تتخذها الحكومة اليمنية عاصمة مؤقتة للبلاد.
كان متفحما
وتنبى تنظيم داعش الهجوم الذي خلف نحو 50 قتيلاً وجريحاً معظمهم من المدنيين، ضمن سلسلة هجمات وعمليات اغتيال واسعة طالت خلال السنوات الأخيرة قيادات عسكرية وأمنية ومدنية رفيعة ورجال دين ومقرات حكومية في مدينة عدن.
كانت عائلة الخليدي على وشك العودة إلى المنزل من جولة للتنزه في ساحل جولد مور السياحي، عندما هاجم الإرهابيون المقر الأمني القريب من المكان المكتظ بالمنتزهين، ما أسفر عن سقوط تلك الحصيلة الثقيلة من القتلى والجرحى.
وقال عبدالله الخليدي “بعد وقت قصير تفاجأت باتصال من ابنتي وهي تبكي..".
فهم الخالدي من ابنته أنهم في المستشفى، ثم انهارت ولم تستطع مواصلة الحديث، لكن شخصا آخر شرح له ما حدث.
هناك، وجد جثمان زوجته مضرجا بالدماء والشظايا في مختلف أنحاء جسدها، كذلك كانت ابنته غدير (23 عاماً) مصابة إصابات بالغة في أنحاء جسدها، وكذلك ابنه يونس (11 عاماً).
"رأيت الكثير من الدماء في المستشفى، لا أعتقد أنني سوف أستطيع أن أنسى هذ المشهد طوال عمري”.
“كانت حالتي صعبة جداً، أريد البقاء هناك بجانب عائلتي، لكني لم أجد طفلي إلياس بجوارهم، لم أجد جثمانه إلا بعد حوالي خمس ساعات في مستشفى آخر، كان متفحما”.
اقرأ أيضاً:
من يغتال المشايخ في اليمن؟
عديمو الإنسانية
أضاف الخليدي، وهو مغترب في بريطانيا عاد إلى عدن خلال فترة الحرب الحالية لزيارة عائلته، “معاناتي لا توصف، لكنني أحاول قدر الإمكان تمالك نفسي وإسعاد طفليّ الناجيين من الحادثة لاستمرار مشوار الحياة معهما”.
الطفل القتيل الياس وشقيقه يونس قبيل مقتله بساعة فقط/تنشر بإذن من عائلته لارفع صوتك
الطفل القتيل الياس وشقيقه يونس قبيل مقتله بساعة فقط/تنشر بإذن من عائلته لارفع صوتك
“الأطباء نصحوني بتسفير ابنتي للعلاج خارج اليمن لأنها عاجزة عن تحريك إحدى ساقيها، وبعض الشظايا مازالت في جسدها، وكالمثل طفلي يونس”.
وشكى الرجل من تجاهل السلطات الرسمية له تماماً باعتباره أحد ضحايا الإرهاب. “لم أتلق حتى اتصالا واحدا من مسؤول يعزيني أو يقول لي عظم الله أجرك”.
كوابيس
ولا يخفي رامي علي (36 عاما)، وهو موظف حكومي في مدينة عدن، قلقه المستمر من الانفلات الأمني الكبير، قائلا “عندما نخرج من منازلنا لا نضمن أن نعود إليها سالمين”.
“حينما سمعت الانفجار نزلت من الباص وهربت بعيدا عن المكان، اعتقدت أنه داخل الباص الذي كنت راكبا فيه”، أضاف رامي، متحدثا لموقع (ارفع صوتك) عن هجوم إرهابي بسيارة ملغومة على مدخل إدارة المباحث العامة بعدن في 5 تشرين الأول/نوفمبر 2017.
وخلف الهجوم الذي تبناه أيضا تنظيم داعش، أكثر من 46 قتيلا و47 جريحا على الأقل، حسب مصادر أمنية.
ويوضح رامي “شاهدت أشلاء الجنود متناثرة في المكان.. غالبا ما تراودني كوابيس مزعجة أثناء النوم”.
اقرأ أيضاً:
طفلة يمنية: لا أريد الجنة.. أريد الحياة!
كرب
يقول الدكتور حسن بن عقيل، وهو اختصاصي أمراض نفسية “كثيرا ما يتعرض ضحايا العمليات الإرهابية لما يسمى كرب ما بعد الصدمة، حيث تظهر لدى الشخص أعراض من القلق والاكتئاب يترافق معها ذكريات ملحة للحادثة”.
وأضاف لموقع (ارفع صوتك) “بعض الضحايا يتطور لديهم المرض ويصل إلى حدود الذهان وعدم الإحساس وفقدان الذاكرة”.
وأشار إلى أن الآثار النفسية المترتبة لهذه الحوادث “تطال المصابين وأسرهم، وكثيرا من الأشخاص الذين حضروا الحادثة أو كانوا في مكانها أو حتى اولئك الذين قد يشاهدونها على شاشات التلفاز”.
وسرد الدكتور بن عقيل قصة أحد الضحايا الذين تعامل معهم، كان شابا في السابعة عشرة من العمر أرسله أصدقائه لشراء طعام لهم، وعندما عاد وجدهم أشلاء ممزقة في المنزل الذي كانوا يقطنوه نتيجة عملية إرهابية.
“هذا الشاب تعرض لاضطراب نفسي شديد جداً، واضطر إلى الرقود في مستشفى نفسي بصنعاء لتلقي العلاج”.
وأعرب عن اسفة لمحدودية مراكز العلاج والتأهيل النفسي لهؤلاء وغيرهم في اليمن.