الجمعة، 5 مارس 2010

التأكيد على ضبط آليات ووسائل العمل السياسي والوطني وتبني صيغة فاعله للاصلاحات


صنعاء (السياسية) ـ غمدان الدقيمي: قال نائب مدير مكتب رئاسة الجمهورية، الدكتور عبد الهادي الهمداني، إن الأسباب الرئيسية التي أدت إلى انعقاد مؤتمر لندن الأخير المخصص لمناقشة مشاكل اليمن، هي حماية مصالح الدول الغربية في المنطقة، وليس من أجل شيء آخر। وأشار الهمداني، في الندوة التي عقدها مركز "منارات"، مساء الثلاثاء، لمناقشة محور "اليمن في محيطه الإقليمي وفضائه الدولي في ضوء نتائج لقاء لندن، واستشراف آفاق اجتماع الرياض"، والتي ناقشها المركز للأسبوع الثالث على التوالي، إلى أن مؤتمر لندن الذي انعقد الشهر الماضي ليس إلا تظاهرة أراد من خلالها رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون في دعوته لانعقاده جرجرة العالم خلفه لإثبات أنه شخصية دولية مهمة يسعى لمحاربة الإرهاب، وبالمثل فعل الرئيس الأميركي باراك أوباما، والهدف تصدير أزماتهما الداخلية للخارج. وقال إن الدليل على ذلك عدم دعوة كافة المعنيين لحضور المؤتمر، بمن فيهم جامعة الدول العربية، وعدم تخصيص الوقت الكافي، حيث خصص ساعة ونصف فقط، وتم أخذ تعهد على اليمن بتنفيذ ما اتفق عليه في مؤتمر لندن للمانحين، بينما أجلت بقية المواضيع إلى مؤتمر الرياض الذي حددت له مهمة مسبقة (مؤتمر فني) لتقييم مؤتمر لندن للمانحين وما أنفق من التعهدات وما لم ينفق والمشاريع التي أنجزت والتي لم تنجز، والتهيئة للمؤتمر القادم (مؤتمر مجموعة أصدقاء اليمن) الذي سيخصص -حد قولهم- لتقديم المساعدات وما إذا كانت هناك أموال إضافية أخرى، وخلص (مؤتمر الرياض) إلى ضرورة أن يعمل اليمن على محاربة الإرهاب ومنعه من الوصول إلى مصالحهم في الدول المجاورة.


فرض قيود واشتراطاتولفت إلى أن كل هذه التحركات لم تأت بجديد، وأن اليمن لا يزال يتابع مبلغ الـ5 المليارات الذي تعهد به المانحون في مؤتمر لندن 2006، باستثناء الوعود التي قطعها المانحون. وتحدث الهمداني عن تداعيات التطورات الأخيرة التي شهدها اليمن، والتركيز عليه بخلفية مختصرة عن مؤتمري لندن الأول والثاني ومؤتمر الرياض وما خلصت إليه، والإشكالية المتعلقة بعدم قدرة اليمن على استيعاب المبلغ المتفق عليه وما دفع بالولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا للقول بأن اليمن أصبح يشكل خطورة على الأمن العالمي، إلى جانب مشاكل اليمن الداخلية كالفقر والبطالة وغيرهما. ولفت إلى أن مؤتمر لندن الأخير فرض قيودا واشتراطات على اليمن، كأن تقدم المساعدات على مراحل، وألا يتم الانتقال إلى المرحلة الثانية إلا بعد إتمام المرحلة الأولى، وألا تقدم المبالغ "كاش" (نقدا) وإنما لمشاريع تنموية كإنشاء الطرق وبناء المدارس والمستشفيات وتقوم بإنشائها شركات عالمية توظف أبناء كل منطقة (موقع المشروع) مكلفة من قبل المانحين وتقوم الدول المانحة بالإشراف المباشر بالتنسيق مع الحكومة اليمنية على المشاريع التي ستغطيها مخصصاتها، بالإضافة إلى أن تلتزم الحكومة اليمنية بوضع خطط تنموية للاحتياج، بما في ذلك تأهيل الشباب تأهيلا مهنيا لكي ينخرطوا في تنفيذ هذه المشاريع، وربط تقديم الدعم التنموي بالإصلاحات الاقتصادية والسياسية والأمنية التي هي واضحة في كافة المجالات.
مخاوف من التدخل الأجنبيواعتبر الهمداني -في ذات الوقت- مؤتمر لندن ناجحا نسبيا كاجتماع بحد ذاته لمناقشة قضايا اليمن، ولو أنه لا يوجد شيء ملموس أو محسوس، مؤكدا أنه مازالت هناك مخاوف من احتمالات التدخل الأجنبي المباشر في اليمن، مستدلا بقول وزير الدولة البريطاني أثناء زيارته لليمن بعد المؤتمر: "اليمن لديه فرصة ذهبية إذا ما أحسن استغلالها وقام بما عليه من الالتزامات، وإلا لا نستطيع معرفة ما سيقع". واعتبر الهمداني أن هذا هو الخطر الكبير الذي لن يستثني أحدا في اليمن وسيدخل اليمن -لا سمح الله- في مشاكل كثيرة، داعيا إلى ضرورة حسن استخدام هذه الفرصة والقيام بما هو واجب والدور المنوط بنا والتحاور حول مشاكلنا ووضع سياسة واضحة لمحاربة الإرهاب.
خلق صيغة للتعاملمن جهته أكد عضو مجلس الشورى الدكتور مطهر السعيدي أنه لا يمكن أن يمثل مؤتمر لندن علامة فارقه لليمن، إلا إذا كان محفزا ومنظم وداعما لجهود اليمن الذاتية، وأن هذا المؤتمر لم يتمخض عنه التزام شركاء اليمن بحل مشاكله نيابة عن تلك الجهات، وإنما في أحسن الأحوال ومن منظور إيجابي هو لمساعدة اليمن ضمن مهام محددة لحل مشاكله وإطلاق عمليات البناء الذاتي بجهوده وقدراته الذاتية من خلال العون الدولي. وأضاف: "بما أن اليمن قد انخرط في عملية الشراكة، بغض النظر عن ملابسات هذه الشراكة التفصيلية، فإن عليه أن يحاول خلق صيغة للتعامل في إطار هذا الواقع على النحو الذي يعزز أو يخلق معالم صيغة للمصالح المشتركة والمواءمة فيما بينها بما يحقق الصالح العام لليمن والشركاء الآخرين؛ بمعنى: تحقيق صيغة من الانسجام الموضوعي بين بنية منظمة ومحددة المعالم لمصالح اليمن وبين صيغة الاشتراطات الدولية وصيغة العمل التي تعكس المصالح الدولية".
مقومات البناء الذاتيوأشار إلى أن التحديات الملحة التي يفرضها الواقع، ومن الناحية الموضوعية، سواء من المنظور السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي، هي حقائق قائمة ولا بد من التعامل معها وخلق صيغة للموائمة بين ضرورات التعامل المباشر والفاعل مع تحديات قائمة بحيثياتها وضروراتها ومتطلباتها، وبين الصيغة الملائمة لتطوير المسار الاستراتيجي وخصائصه، وضمان عدم وجود تناقض مربك يؤدي إلى التقدم خطوة والعودة للخلف خطوتين. وفيما يتعلق بقدرة اليمن على استيعاب المبالغ المخصصة في مؤتمر لندن للمانحين، أكد أن ذلك لا يمكن أن تتأسس وتتأصل إلا في إطار نسق من هذا النوع، كونه النسق الذي يحقق مقومات البناء الذاتي واستمرارية تحقيق المكاسب في مسارات العمل المختلفة.
صيغة فاعلة للإصلاحوأكد السعيدي ضرورة تنفيذ عدة نقاط من أجل تهيئة العمل الإصلاحي والتنموي بمضمونة الاستراتيجي وشروط الحد الأدنى لتحقيق النجاح التنموي في اليمن، منها: إعادة الاعتبار للفكر الاستراتيجي والنظري للوقوف أمام الاختيارات الرئيسية والمبدئية فيما يتعلق بتحديد نهج ومسار التعامل مع تحديات الواقع وبناء المستقبل، وضبط آليات ووسائل العمل السياسي والوطني من قبل كل الأطراف سواء المعارضة أو الحزب الحاكم أو غيرهما، بما يمنع التناقض والاختلافات الحاصلة اليوم، بالإضافة إلى احترام المؤسسية ومرجعية المصلحة العامة وتبني صيغة فاعلة وكاملة للإصلاح الاقتصادي والإداري، والتعامل الفاعال مع تحدي الإرهاب والتطرف الديني والمذهبي بصيغ بناءة وعملية تستوعب خصوصية الواقع اليمني. وطالب بتفعيل المبادرة الإصلاحية الذاتية كمهمة وطنية لحماية اليمن من تدخلات الآخرين وتعزيز الثقة بقدرته على حل مشكاله وحماية الشراكة الدولية والإقليمية من سوء الظن وتحويلها للارتكاز على قاعدة من الثقة والتعاون والمصداقية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق