ظهرت الفرحة على وجوه طلاب وطالبات القسم العلمي في مركزي "معاذ ابن جبل", و"نسيبة" بعد خروجهم من امتحان مادة الكيمياء، وأكدوا أن الامتحان كان "بسيطا"، وهو ما أكده أيضا طلاب في مراكز مختلفة بأمانة العاصمة.
"السياسية" رصدت مشاهدة وآراء الطلاب عن امتحان مادتي الكيمياء والتاريخ، وكيف كانت بالنسبة لهم.
أجبنا بشكل جيد
التقينا عددا من الطلاب والطالبات أجمع غالبيتهم منهم على أن امتحان الكيمياء لطلاب الثانوية العامة (القسم العلمي) في مركزي "معاذ ابن جبل"، ونسيبة"، "سهل وبسيط"، وأن الأسئلة كانت مناسبة وأجابوا بشكل جيد.
واعتبر الطالب إيهاب شجاع الدين أن امتحان الكيمياء سهل جدا ولم تكلفه الإجابة عليه سوى أقل من ساعتين، مضيفا: "بعكس امتحان مادة الفيزياء والتي كانت صعبة بشكل لم نتوقعه، وكالمثل بفارق بسيط مادة اللغة الإنجليزية الفترة الأولى، والقرآن الكريم والذي لم يكن الوقت كافيا، حيث تم سحب دفاتر الإجابات قبل أن نكمل، لذا نتمنى مراعاتنا". ذلك ما أكد أيضا زميله محمد يحيى، والذي أشار إلى أن الدرجة التي سيحصل عليها في مادة الكيمياء لن تقل عن 95 درجة.
لا بأس بها
توجهنا بعد ذلك إلى مركز مدرسة نسيبة -المجاور لمركز معاذ- الخاص بطالبات القسم العلمي، وأجمع عدد منهن على سهولة الامتحان بينما أخريات اعتبرن الأسئلة "جمعت بين السهل والصعب". وأثناء تجولنا في منطقة هائل بأمانة العاصمة الخميس الماضي عقب امتحانات الثانوية العامة التقينا عددا من طلاب القسم الأدبي، وأشار البعض إلى أن امتحان التاريخ لا بأس به وآخرون قالوا إنه سهل.
لفت انتباهي وأنا أتجول أمام مركز معاذ ابن جبل وجود عدة قصاصات غش -أو ما يصطلح عليه محليا بـ"البراشم"- داخل سور وسلالم المركز عقب امتحان الكيمياء خاصة بهذه المادة، والتي قد تكون استخدمت سواء بعلم المراقبين أو دون علمهم، أو عكس ذلك بمعنى (لم تستخدم).
العمل فترتين إشكالية!
من جانبه، أوضح رئيس مركز معاذ بن جبل، جميل الخياطي، أن امتحان مادة الكيمياء سهل بدليل عدم تذمر الطلاب داخل القاعات وأن 389 طالبا أدوا امتحاناتهم الثانوية (قسم علمي) في المركز، مؤكدا أن امتحان مادة الفيزياء كان "صعبا"، وأن مادتي القرآن الكريم والتربية الإسلامية يجب استبدال امتحانهما في الأعوام القادمة إلى يومين منفصلين بدلا من يوم واحد (فترتين) كما هو الحال اليوم لعدم كفاية الوقت وكالمثل مادة اللغة الإنجليزية.
وعن أبرز الإشكاليات التي شهدها المركز أشار الخياطي إلى أن المركز لم يشهد أي إشكالية تعرقل سير الامتحانات وأن عدم توفير مدرسين (ذكور) بشكل كاف بدلا من المدرسات بحكم أن المركز للبنين، والعمل فترتين في بعض المواد وقلة المخصصات المالية أبرز الإشكاليات التي واجهتهم.
أستاذ الكيمياء وطرق التدريس بكلية التربية جامعة صنعاء د. مهيوب أنعم:
لم تظهر ثلاثة مستويات عليا مهمة في أسئلة الكيمياء والتذكر سيد الموقف
أكد أستاذ الكيمياء وطرق التدريس بكلية التربية جامعة صنعاء، الدكتور مهيوب أنعم، في تقييمه لأسئلة امتحان مادة الكيمياء لطلاب الثانوية العامة (نموذج أمانة العاصمة) أنها من حيث النوعية شملت الموضوعية بنسبة 29 بالمائة، وأخرى مقالية بنسبة 71 بالمائة، وأن هناك عدالة في التوزيع بين الأسئلة الموضوعية (الاختيارات، الفراغات، وعلامة صح أو خطأ)، وأن تقسيم الدرجات جيد (6 أسئلة لكل سؤال 20 درجة).
وأوضح مهيوب أن الإشكالية في الاختيار (مطلوب من الطالب اختيار 4 أسئلة من أصل 6)، التي تشهد جدلا بين التربويين، خصوصا إذا لم تشمل أو تغطِّ كافة الوحدات في المنهج, حيث تجعل الطالب يتهرب غالبا من أسئلة مهمة ويختار بحسب مذاكرته، مبينا أن السؤال الأول في الامتحان لم يغطِّ الوحدات: 3، 4، 5، و9، وكذا السؤال الثاني لم يشمل الوحدات: 2، 4، 7، و9، وهكذا بقية الأسئلة، لافتا إلى أنه كان يفترض إجبار الطلاب على الإجابة على أربعة أسئلة لخلق منافسة وإحداث عدالة لمساواة الطلاب المتميزين.
وفي تقييمه للأسئلة من ناحية المستويات التي تقيسها ذكر مهيوب نظرية مشهورة يدركها واضعو الأسئلة ويتم بموجبها وضع أسئلة الامتحانات حد قوله، إما بقياس مستوى التذكر (الحفظ) أو الفهم كمستويات دنيا، أو من خلال قياس المستويات العليا لدى الطلاب، وهي: التطبيق، التحليل، التركيب، والتقويم، موضحا أن التقويم أصعب الأجزاء كونه يتطلب إصدار حكم على قضية متعلقة بموضوع معين، وأنه لا يجيدها الطالب إلا بعدما يكون متمكنا من كل المستويات السابقة، منوها بأن الستة الأسئلة الواردة في الامتحان 51 بالمائة منها تقيس مستوى تذكر الطالب (الحفظ)، 42 بالمائة للفهم، و7 بالمائة يقيس التطبيق، بينما لم تظهر الثلاثة المستويات العليا الأخرى رغم أهميتها.
خلل كبير جدا
وبيّن أن التطبيق ظهر في السؤالين الأول والثاني، مؤكدا سلبية عدم اختيار الطلاب لهذين السؤالين واللذين بموجبهما يعرف أن الطالب لديه مهارات عليا تمكنه من الالتحاق بالجامعة وتعطيه الأفضلية عندما يقارن مع آخرين.
واستغرب الدكتور مهيوب من حذف الوحدتين الرابعة والتاسعة وعدم ورود أي أسئلة منهما في الامتحان، واللتين تتحدثان عن الطاقة والتفاعلات النووية والكيمياء والبيئة, معتبرا ذلك خللا كبير جدا نظرا لأهميتهما، مضيفا: "طالما والتذكر سيد الموقف في الأسئلة فلا شك أن بإمكان أي طالب أن يجيب ويحصل على درجة, غير ذلك فهو كارثة".
الكميم: اجورنا لا تتناسب والجهد الذي نبذله
الحامدي: المالية لم تستجب لمطالبنا
استنكر رؤساء ونواب ومراقبون وعاملون في العملية الامتحانية عدم قيام الجهات المختصة برفع أجورهم ومستحقاتهم, والتي لا تفي حاليا بأبسط المتطلبات.
وأشاروا إلى أن هناك علاقة مباشرة بين تدني الأجور وظاهرة الغش, خصوصا وأن غالبية الطلاب يفضلون تسهيل عملية الغش، وأن بعض ضعفاء النفوس يستغلون ذلك لجمع المال. وحول ذلك أكد نائب رئيس المركز الامتحاني بثانوية الشعب بالأمانة، ناصر الكميم، أن أجور العاملين في العملية الامتحانية لا تتناسب والجهد الذي يبذلونه لإنجاح سير الامتحانات، حيث لا تتجاوز 250 ريالا خاضعة للضريبة للملاحظين في المرحلة الأساسية في اليوم، و300 ريال للملاحظين في المرحلة الثانوية خاضعة للضريبة, موضحا أن هناك وعدا بأن تدعم أمانة العاصمة بمبلغ مماثل لهذا المبلغ الذي تقدمة وزارة التربية والتعليم.
وأشار إلى أن هناك علاقة مباشرة بين تدني الأجور وظاهرة الغش، حيث يلجأ البعض من القائمين على المراكز الامتحانية من رؤساء ونواب ومراقبين وملاحظين من ضعفاء النفوس إلى تغطية مصاريفهم من خلال جمع مبالغ مالية من الطلاب مقابل السماح لهم بالغش.
ذلك ما أوضحه أيضا الملاحظان أحمد سالم، وعلي مسعد، وطالبا برفع المبلغ، كونه لا يفي بأبسط المتطلبات ومن المعيب أن تقدمه الجهات المختصة. ولفتت إحدى المراقبات إلى شفافية اللائحة المالية بخصوص تحديد أجور العاملين في العملية الامتحانية هذا العام بعكس الأعوام الماضية؛ إلا أنها قالت: "لا تكفي". أضف إلى ذلك -بحسب أحد المراقبين بمركز امتحاني بالأمانة- أن رئيس المركز الامتحاني كلف ملاحظا واحدا فقط في كل لجنة طوال فترة الامتحانات بهدف توفير أجر الملاحظ الآخر لصالحه، وربما هذا ما يحدث في كثير من المراكز بعموم محافظات الجمهورية!
من جهتها لفتت رئيس المركز الامتحاني بمدرسة القديمي بالأمانة جمالة القاضي، إلى أن هناك تحسنا هذا العام فيما يتعلق بالأجور بعد إعلان أمانة العاصمة بتوفير مبلغ مماثل للمبلغ المعزز من وزارة التربية, وأكدت في ذات الوقت أنه برغم ذلك لا تكفي مقارنة بارتفاع الأسعار والوضع الاقتصادي المتردي.
اعتراف رسمي
وفي حوار سابق لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) نشر قبيل بدء امتحانات الشهادتين الأساسية والثانوية, اعترف نائب وزير التربية والتعليم رئيس اللجنة العليا للامتحانات، الدكتور عبد الله الحامدي، بأن أجور العاملين في العملية الامتحانية متدنية، مضيفاً: "نأسف أن وزارة المالية لم تستجب لنا لرفع مستحقاتهم ونأمل أن تكون هناك مشاركة فاعلة للسلطات المحلية في تحسين أجورهم ونتمنى على وزير المالية النظر إلى أن الـ300 أو 400 ريال لا تفي بحق المراقب أو الملاحظ وقد رفعنا مقترح لرفعها إلى 1500 ريال ونأمل أن ترى النور في الموازنة القادمة".
السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا نترك ثغرات يستغلها الآخرون بما يسيء لسمعتنا ومستقبل أجيالنا والوطن بشكل عام!؟ ألا يعلم المعنيون، سواء وزارة التربية أم المالية أم السلطات المحلية، أن هذا المبلغ مضافا إليه مبلغ مماثل يسهل عملية الغش رغما عن كل التحذيرات والوعود التي تطلقها الجهات المختصة لمعاقبة المخلين في العملية الامتحانية؟!
(السياسية) ـ غمدان الدقيمي:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق