الثلاثاء، 11 أغسطس 2009

الشباب اليمني.. بطالة وهشاشة تعليم تهدد مستقبلهم والمنظمات خارج نطاق التغطية

ـ العشاري: لدينا نظريا الكثير فيما يتعلق بالشباب ولكن لم ينظر إليها في اعتماد التمويلات
ــ الأغبري: إيجاد رؤية صحيحة لمعالجة مشاكل الشباب وإدماجهم في مجتمعهم
الشباب عماد الأمة، نصف الحاضر، وكل المستقبل، هكذا تسميهم المجتمعات، والتي وعت دورهم وأهميته في المستقبل؛ إذ لم يعد من الممكن أو المستساغ تجاهل هذه الشريحة الاجتماعية، سواء فيما يتعلق بالمشكلات والقضايا التي تعانيها وتواجهها، أم ما يتصل بتطلعاتها وآمالها الواسعة صوب حياة أفضل.
وإدراكا لأهمية دور الشباب الذي يمثل اليوم نسبة كبيرة من بين سكان العالم، تحرص الأمم المتحدة في الكثير من أعمالها وأنشطتها على تفعيل مشاركتهم في كل ما يهم شؤون مجتمعاتهم وبلدانهم باعتبارهم هبة وثروة بشرية ثمينة تمنح أوطانهم قوة دافعة وقاطرة قوية للعمل والإنتاج إذا أُحسن إعدادهم في مؤسسات التعليم والمعرفة وتكوين المهارات واستثمارهم السليم في عمليات التنمية والتطوير.
ومن هذا المنطلق تحتفل الأمم المتحدة في 12 أغسطس من كل عام باليوم الدولي للشباب، اليوم الأربعاء، في الذكرى التاسعة، وقد خصصت له هذا العام موضوع "الاستدامة: التحدي الذي نواجهه ومستقبلنا".
"السياسية" سلطت الضوء حول هذا الموضوع ومشاكل الشباب اليمني وأنشطة الجهات المعنية وخرجت بالحصيلة التالية.



خلفية اليوم الدولي للشباب
أصدرت الجمعية العامة في 17 ديسمبر 1999 في قرارها 54/120، توصية قدمها المؤتمر العالمي للوزراء المسؤولين عن الشباب، لشبونة، 8-12 آب/ أغسطس 1998، أن تعلن في 12 آب/ أغسطس يوم الشباب الدولي.
وأوصت الجمعية العامة بتنظيم أنشطة إعلامية لدعم ذلك اليوم كطريقة لتشجيع زيادة الوعي من برنامج العمل العالمي للشباب حتى سنة 2000 وما بعدها، الذي اعتمدته الجمعية العامة في عام 1995 القرار 50/81.
هذا وقد كان الاحتفال باليوم الدولي للشباب العام الماضي 2008 تحت شعار "الشباب وتغير المناخ: حان وقت العمل"، بينما في عام 2007 تحت شعار "مشاركة الشباب من أجل التنمية"، وفي عام 2006 "مواجهة الفقر معا"، وفي عام 2005 "التقيد بالالتزامات"، وفي عام 2004 "الشباب في المجتمع بين الأجيال"، وفي 2003 "العثور على عمل لائق ومنتج للشباب في كل مكان"، وفي 2002 "الآن وللمستقبل: الشباب في العمل من أجل التنمية المستدامة"، وفي 2001 "الصحة ومعالجة البطالة"، بينما شهد العام 2000 أول احتفال باليوم الدولي للشباب.

أجندة الأمم المتحدة للشباب
ويعتبر برنامج الأمم المتحدة للشباب (دبليو. بي. أ. واي) التابع لإدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية جزءا فقط من الأمانة العامة للأمم المتحدة مع ولاية صريحة لمعالجة قضايا الشباب، ومنظومة الأمم المتحدة ككل، وتدعم تنمية الشباب مع مجموعة متنوعة من البرامج والأنشطة ويوفر إطارا للسياسات ومبادئ توجيهية عملية للعمل الوطني والدعم الدولي لتحسين حالة الشباب في جميع أنحاء العالم ويغطي (دبليو. بي. أ. واي) المجالات ذات الأولوية للشباب، ويتضمن اقتراحات للعمل في مجملها مثل الصحة والتعليم والعمل، والظروف الخاصة للفتيات والشابات بين المجالات التي تقدم للشباب تحديات التنمية في العديد من أنحاء العالم.

الاستدامة ودور الشباب
الاستدامة لا تشير فقط إلى المحافظة على التوازن البيئي والتجديد، وإنما تلخص الاستدامة ثلاثة جوانب للحياة: البيئة، المجتمع، والاقتصاد. ويعرف الدكتور بدر الأغبري، من كلية التربية جامعة صنعاء، التنمية المستدامة بأنها "التنمية التي تفي باحتياجات الحاضر دون التقليل من قدرة الشباب جيل المستقبل على الوفاء باحتياجاتها".
ومع أخذ هذه الأمور في الاعتبار، فلا بد من أن الشباب يواجه التحدي المتمثل في تحقيق الاستدامة على أكمل وجه، لأنها تساعد في تمهيد الطريق إلى الأمام من خلال القرن الـ21 وما بعده. الشباب والعمل والاستيعاب والمشاركة الكاملة، عوامل رئيسية لتطوير عالم اليوم لأجيال اليوم والغد إلى وجود المستدامة.
وفي السياق ذاته، يقول الأغبري: "لا بد أن ننطلق من حقيقة أن الشباب هم نصف الحاضر وكل المستقبل، وهذا ما تؤكده التجارب الوطنية التي أثبتت عمليا عبر التاريخ أن الشباب هم أهم مصادر الطاقة المتجددة التي لا تنضب وصلب رأس مالها البشري، ولهذا فالشباب مسؤولون مسؤولية كاملة عن التجاوب واستكمال عناصر ومقومات حركة التطوير في المجتمع اليمني، وذلك في إطار السياسات والبرامج العامة للدولة".

مشاكل الشباب اليمني
هنا ينبغي أن نطرح إشكاليات الشباب اليمني حيث أفاد عدد لا بأس به من الشباب ممن استطلعت "السياسية" آراءهم بهذه المناسبة بأنهم لا يعلمون شيئا عن هذه المناسبة، ولأول مرة يسمعون بها نظرا للظروف والمشاكل اليومية التي تواجههم وتمنعهم من متابعة كل جديد يطرأ على العالم إلا ما ندر، بينما آخرون أجمعوا على أن البطالة، وغلاء المهور، ومسألة المساواة بين الجنسين، وهشاشة التعليم، وغياب برامج التدريب والتأهيل المصاحبة للتعليم وما بعده، وغيرها تعد أهم المشاكل التي تواجههم وينتظرون المجهول الذي لن يكون أفضل مما هو قائم اليوم حد قولهم، خصوصا وأن نسبتهم تتزايد يوما بعد يوم يقابلها ندرة فرص العمل ومحدودية وضالة حجم المشروعات والأنشطة والخطط الحكومية الهادفة لردم الهوة بين الشباب وتقليص مشاكلهم.

فلاشات إعلامية للمنظمات الدولية
برنامج الاحتفال باليوم الدولي للشباب في اليمن هذا العام والذي سيقام، اليوم الأربعاء، بدعم وتنسيق من قبل وزارة الشباب والرياضة والمنظمات الدولية العاملة في مجال الشباب (صندوق الأمم المتحدة للسكان والمنظمة الثانية للاجئين والوكالة الأميركية واليونيسيف وغيرها حافل بالعديد من الأنشطة والفعاليات بحسب مدير عام برامج الشباب في منظمة رعاية الأطفال صباح بدري وأوضحت بدري أنه لأول مرة تجتمع كافة القطاعات بوزارة الشباب والرياضة لتنظيم مثل هذه الفعالية والتي سيتم فيها انطلاق الماراثون وافتتاح معسكر للكشافة والمرشدات وخيمة ثقافية وغيرها.
لكن ذلك لا يعني شيئا مقابل المشاكل التي يعانيها الشباب اليمني، فبحسب معلومات حصلت عليها "السياسية" في وزارة الشباب والرياضة تفيد بأن المنظمات الدولية التي ترعى أنشطة الأطفال والشباب الناشئة في اليمن يفترض أن تساهم بشكل فاعل في إيجاد مشاريع حقيقية تفيد الشباب اليمني وتسهم في خلق فرص عمل إلى جانب التأهيل والتدريب إلا أن معظم أنشطتها فلاشات إعلامية وإعلانية.

لا شيء جديد هذا العام
حملنا كل تلك الهموم واتجهنا إلى وزارة الشباب والرياضة والتي وجدنا فيها أن أهم الإشكاليات التي تعوق تنفيذ وإقامة برامج وأنشطة ثقافية ورياضية وفكرية وعلمية... للشباب هي عدم توفر الموازنات الكافية لذلك. والتقينا هناك الوكيل المساعد لقطاع الشباب، أحمد العشاري، والذي قال: "كما هو معروف ومألوف سنويا لا شيء جديد هذا العام فيما يخص الشباب اليمني، فيما يخص البرامج أو الأنشطة أو غيرها"، موضحا أنه "طالما لا توجد إمكانيات مادية فلا يوجد أي جديد". وأشار إلى أنه "على الصعيد النظري هناك الكثير والكثير لدى وزارة الشباب والرياضة من الخطط والبرامج الموضوعة والتي تعكس مجمل التوجهات القيادية العليا والبرنامج الانتخابي لفخامة الرئيس والاستراتيجية الوطنية للطفولة والشباب وقرارات القمم العربية فيما يتعلق بالشباب وبرنامج العمل العالمي للشباب"، وجميعها -حد قوله- تم استيعابها في الخطط والبرامج الموضوعة والمرفوعة والتي لم ينظر إليها في اعتماد التمويلات اللازمة في مشاريع الموازنات التي ترفق سنويا منذ عام 2007.

ضرورة معالجة مشاكل الشباب
من جهتها أوضحت أستاذ علم الاجتماع المساعد بكلية الآداب جامعة صنعاء، الدكتورة عفاف الحيمي، أنه في ظل عدم وجود شيء مهم يشغل الشباب ويملأ فراغهم بالفائدة ويبني عقولهم، لا شك أنهم ينجرون وراء أشياء سلبية كثيرة لا تفيدهم ولا تنفعهم بقدر تأثيرها السلبي عليهم.
وطالبت الحيمي بضرورة معالجة مشاكل الشباب جميعها، وأن توفر لهم الجهات المختصة وظائف مناسبة وتأمينا صحيا وسكنا ووسائل ترفيهية جميلة ومشجعة، وأن تقوم الجامعات بدورها ومهمتها على أكمل وجه، والتي لا تنحصر في التلقين فقط، بل تتعدى ذلك إلى التوعية والتنشئة ورفع وعي وثقافة المجتمع وتحقيق وظيفة اقتصادية للشاب الخريج. وبرغم انتقادها لمن يقومون بمثل هذه السلبيات اعترفت وصادقت على المثل القائل "يد الفارغ في النار".

تربية الشباب وتعليمهم مفتاح جميع الحقوق
ومن أجل التصدي لقضايا الشباب يقول الدكتور الأغبري إن من الضروري إيجاد رؤية صحيحة لمعالجة مشاكل الشباب وإدماجهم في مجتمعهم وعدم تركهم للمصيدة من قبل الفئات الحاقدة على المجتمع وإشغال أوقات فراغهم من خلال تقديم الدورات المتخصصة والمتعددة في مجال تعليمهم حرف ومهن يدوية (كهرباء, سباكة, نجارة, سيارات، وغيرها) وتجنيبهم تعاطي القات وإيجاد بديل مناسب كممارسة الرياضة والرحلات العلمية والترفيهية بالإضافة إلى التوعية الإعلامية في حل مشاكلهم.
وأضاف: "هنا يأتي دور التعليم الذي يعتبر حقا أساسيا لجميع المواطنين باعتباره يشكل الحلقة المركزية في تنمية شخصية الشباب بكافة جوانبها لأن تربية الشباب وتعليمهم يمثلان مفتاحا لجميع الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية".
وأوضح أن شباب المدن يحضون بالنصيب الأكبر من التعليم أكثر بكثير من شباب الأرياف اليمنية والذين لم يتمكنوا من مواصلة تعليمهم والحصول على المعرفة والمهارة من خلال فرص التدريب والتأهيل وكذلك الالتحاق بالتعليم الجامعي.

الاهتمام بشباب الريف
ودعا الاغبري، بمناسبة اليوم الدولي للشباب، إلى ضرورة الاهتمام بشباب الريف وتوفير كل السبل الكفيلة بتهيئتهم للمستقبل الأفضل والتركيز بدرجة أساسية في وضع الخطط التنموية التي تساعدهم في سد احتياجاتهم وإغلاق الأبواب التنموية أمام المحرضين والمغرضين في استغلال ظروف شباب الريف باستخدام الاحتياج والفراغ المعرفي والتعصب الموروث في قضايا لا تخدم الشباب ولا مصلحتهم وإنما تخدم مصالح شخصيات معينة.
(السياسية) ـ استطلاع غمدان الدقيمي:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق