الجمعة، 31 ديسمبر 2010

نحو يمن خال من الفساد


أكد أكاديميون ومختصون أن الفساد أصبح مصدر القلق الرئيسي لليمنيين, ويتقدّم على عدم الأمن والفقر, حيث يُعد سببا رئيسيا لهما وقاد إلى التشكيك في فعالية القانون وقيم الثقة والأمانة, وخطر يجب استئصاله لتحقيق عملية التنمية.
وأشاروا إلى أن الفساد يؤدي إلى إضعاف النمو الاقتصادي وتهديد عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية, وكابوس مخيف يُهدد السلم الاجتماعي بالخطر في أي بلد ينتشر فيه.

بيئة ملائمة
ويعرف المشرِّع اليمني الفساد في القانون رقم 39 لسنة 2006 بشأن مكافحة الفساد, أنه "استغلال الوظيفة العامة للحصول على مصالح خاصة سواء كان ذلك بمخالفة القانون أم باستغلاله أم باستغلال الصلاحيات الممنوحة", وأوضح الدّكتور سعيد عبد المؤمن في ورقته "نُبذة عن الفساد والفساد في اليمن", قدّمها في ندوة "الفساد ومخاطره على الاقتصاد الوطني والاستثمار" التي نظّمها المركز اليمني للشفافية ومكافحة الفساد الأسبوع الماضي بصنعاء, خارطة الفساد في اليمن منذ الحُكم الإمامي في الشمال والاستعمار البريطاني في الجنوب وما أعقبهما وحتى اليوم, منوها بأنه توفّر له بيئة ملائمة خلال السنوات الماضية, والتي نمت في ظل ظروف ومراحل تطور متعاقبة, تمكن خلالها من الانتشار في كل وحدات جهاز الخدمة المدنية العامة وفي القطاع الرأسمالي الخاص, الأمر الذي أدى إلى ظهور اختلالات إدارية خطيرة وصلت إلى حد المرض الذي يمكن القول إنه لم يعد من السّهل مكافحته والحد منه فقط, بل سيكون له مخاطره على استقرار النظام العام في اليمن -حد قوله. وأن الأمر يزداد سوءا نتيجة لفشل سياسات الإصلاح الإداري ومكافحة الفساد الحكومية. منوها بأن اليمن تحتل مراتب دُنيا في مؤشرات الفساد, الذي تصدره منظمة الشفافية الدولية, ففي العام 2002 احتلت المركز 88, والمركز 141 عام 2008, ووصلت التراجع حتى المركز 154 عام 2009.


من جهته، أوضح أستاذ الأدب والنّقد بجامعة صنعاء الدكتور عادل الشجاع, في ورقته "الفساد وعوائق الاستثمار في اليمن", أنه برغم إطلاق اليمن مشروع الإصلاح السياسي والحرب على الفساد قبل عقد ونصف، وأُنشئت الهيئة العليا لمكافحة الفساد, إلا أنه يزداد يوما بعد يوم, وأنه وفق التقديرات يُقدر حوالي 5 بالمائة من أفراد المجتمع يستحوذون على نحو نصف إجمالي الدّخل الوطني, الأمر الذي ينعكس في مظاهر الفقر والمرض إلى جانب اجتماعي واسع, في مظاهر الترف والبذخ والإسراف والتبذير على جانب قلّة قليلة من السكان, ونتيجة لذلك فإن مُعدل الفقر واحد من أعلى معدلات الفقر في العالم، حيث تجاوز 40 بالمائة من السكان, وتعد اليمن -بحسب تقرير الأمم المتحدة للتنمية- ثاني أفقر بلد عربي بعد جيبوتي.

آثاره وأسبابه ومظاهره
إلى ذلك، أكد الدكتور سعيد عبد المؤمن الآثار السلبية للفساد في الجوانب السياسية والقانونية والاقتصادية والإدارية والخدمية, كإضعاف الاستقرار السياسي, وتبديد الموارد المحدودة للدولة والإضرار بالعملية الديمقراطية, وفقدان هيبة القانون في المجتمع, وإعاقة عمليات التنمية وإضعاف النمو الاقتصادي ومُعدلات الاستثمارات, والتأثير على تحصيل موارد الدولة ممّا يؤدي إلى زيادة عجز الموازنة العامة، وبالتالي تخفيض مستوى الإنفاق العام, لافتا إلى أسباب انتشاره, كالسيطرة على السلطة من قبل فئة أو أسرة أو حزب, وحرمان الآخرين من المشاركة, وضعف السلطة التشريعية, وعدم استقلالية السلطة القضائية وتدخل السلطة التنفيذية في شؤونها والسطو على بعض اختصاصاتها, وغياب الإرادة السياسية في الإصلاح الإداري ومكافحة الفساد, واستمرار سريان بعض اللوائح والقوانين رغم عدم ملاءمتها للواقع, والجمع بين المنصب العام والعمل التجاري.
بالإضافة إلى ضُعف الوازع الديني, والولاء المناطقي والعشائري والمهني والنّقابي والرياضي, والسياسات الاقتصادية غير المدروسة التي لا تراعي تحقيق قدر من العدالة في توزيع الدّخل القومي على أفراد المجتمع, وانخفاض القيمة الحقيقية للأجور والمرتّبات, وتقليص الدّور الاقتصادي للدولة وضُعف تأثيرها وغيرها.
وبيّن أن بعض مظاهره وأشكاله تتمثل في العمولات وهي نوع من أنواع الرشاوى, واستغلال البعض للوظيفة العامة للحصول على مناصب هامة للأقارب والأتباع, وتوزيع أراضي الدولة على شكل هبات أو بأسعار منخفضة, وتقصير موظفي جهاز الخدمة المدنية في أداء واجباتهم, والاستخدام السيِّئ لأوقات العمل, والاتجار بالسلاح خاصة المخالف للقوانين الدولية والإقليمية, وغيرها من المظاهر.
وعاء لتكديس الثروة
ويتفق مع ذلك الدكتور عادل الشجاع, موضحا أن الفساد في اليمن يبدو بصورة السرطان الذي ينمو وينتشر بسرعة كبيرة, بسبب الخلل في موازين القوى بين من يمتلكون السلطة ويوظِّفونها لصالحهم الخاص وبين عموم الشعب الذي يتعرّضون للفساد, إلى جانب أن مكافحة الفساد في اليمن تقوم على التنظير ولم تذهب بعد إلى تحديد الفساد وتشخيص الفاسدين, بدليل أننا ومنذ ما يزيد عن خمسة عشر عاما لم نسمع عن إقالة أي مسؤول حكومي نتيجة لتورّطه في الفساد أو إحالته إلى القضاء بتهمة الفساد.
وأضاف الشجاع: "على الرغم من اشتداد المرض وتفاقم الأوضاع الاقتصادية والسياسية إلا أن الفساد لا نسمع عنه سوى في الخطابات والنّدوات ووسائل الإعلام, وإذا كان من المُمكن أن نتفهّم حالة الرشوة لشُرطي المرور أو لمراقب الدّوام أو للموظف الصغير, نظرا لواقع الحياة البائسة التي يعيشها أمثال هؤلاء, طالما أن أجورهم لا تضمن الحد الأدنى من حاجاتهم, لكن الأمر يُعد خطيرا ومثيرا للقلق والاشمئزاز عندما يستغل المنصب الحكومي لتمرير الصفقات والمُناقصات وإبرام العقود غير المشروعة واستخدام السلطة وعاءً لتكديس الثروة دون أدنى اعتبار لمصالح الوطن والمواطن وخُطط التنمية الاقتصادية العامة, والأسوأ منه عندما تصبح قيم الفساد أحد شروط اختيار الأفراد لتولّي المسؤولية سواء السياسية أو الإدارية، وكيف تغزو هذه القيم العقول والضمائر, فتغدو في الثقافة الشعبية مظهرا إيجابيا تدلّ على الحنكة والذّكاء في مواجهة القيم النبيلة, قيم الحق والنزاهة والعدل, التي أصبحت -على ما يبدو- سمات الشخصية الضعيفة والساذجة وقليلة الحيلة!".
ويتفق الشجاع وعدد أكبر من المهتمين على أن الفساد ليس مختصا باليمن فقط, إلا أنه أصبح تربة خصبة لنمو الروح الانتهازية، حيث تسللت الشخصيات الفاسدة إلى مواقع القيادة وتفننت الفساد, في حين تخضع مثل تلك الممارسات في البلدان المتقدِّمة للرقابة والمحاسبة أمام القضاء وتُنبذ من قبل الرأي العام والضمير الحي.
السياسات الاقتصادية!
من جانبه، أكد مستشار رئيس الوزراء لشؤون الاستثمار، جمال الحضرمي, في ورقته (قانون الاستثمار بين عامي 2002 و2010... قراءة مقارنة), أهمية الاستثمار, وما تتمتع به اليمن من مناخ استثماري تتوافر فيه مُعظم مقوِّمات نجاح الاستثمار, وأن هناك العديد من العوامل المشجِّعة على الاستثمار أبرزها: السياسة الاقتصادية الملائمة, والتي يجب أن تتسم بالوضوح والاستقرار وتنسجم معها القوانين والتشريعات, ممّا يعني أن تشجيع الاستثمار لا يتحقق في قانون, وإنما نتيجة جُملة من السياسات الاقتصادية المتوافقة التي توفّر مستلزمات الإنتاج وبأسعار منافسة وتؤمّن السوق والطلب الفعّال لتصريف المنتجات, وهو ما يتوقّف على: إعادة توزيع الدّخل وزيادة حصة الرواتب والأجور, وتشجيع التصدير وإزالة معوّقاته, وتطوير إجراءات التسليف وتنشيط المصرف الصناعي, وغيرها.
إلى جانب توفّر البنية التحتية اللازمة (الكهرباء, الماء, المواصلات, والاتصالات), وبنية إدارية مناسبة بعيدة عن روتين إجراءات التأسيس والترخيص وطُرق الحصول على الخدمات المختلفة, وضرورة ترابط وانسجام القوانين مع بعضها البعض, وعدم تناقضها ووضوحها.
وقدّم الحضرمي مقارنة بين قانوني الاستثمار رقم 22 لسنة 2002, وعام 2010, مبينا أن أسباب استبدال القانون السابق والذي كان يُعد وبإجماع كثيرين من أفضل القوانين في الجزيرة, بالقانون الجديد الصادر خلال العام الجاري، لعدم التطبيق الجيّد من قبل الجهات المختصة, وعدم وجود دراسات سابقة لتعديل القانون، وخاصة من قبل المنظّمات والجهات المختصة بالتنفيذ, إلى جانب البحث عن مصادر تمويلية جديدة للحكومة من المستثمرين بدلا من تقديم التسهيلات السابقة, وتحوّل وظيفة الهيئة العامة للاستثمار من الأداء التنفيذي لخدمات الاستثمار إلى الترويج له فقط, وترك الجهات المختصة الأخرى تؤدي دورها.

الأنسب للاستثمار
إلى ذلك، أكد خبراء اقتصاديون ومهتمون أن قانون الاستثمار رقم 22 لسنة 2002, أفضل من القانون الجديد بكل المقاييس، وأنه الأنسب لجذب وتشجيع الاستثمار في اليمن في حال التطبيق الجيّد, وأن القانون الجديد أضاف إشكاليات أخرى لقضية الاستثمار بدلا من مُعالجة الإشكاليات القائمة, إن لم يكن أنهى الاستثمار بطريقة سيِّئة.
ونوهوا بأن الجوانب الأمنية والسياسية والبنية الأساسية, والمعوّقات الإجرائية (البيروقراطية وتعدد الجهات المسؤولة عن الاستثمار), والتشريعية المتمثلة في ضعف وسائل فضِّ المنازعات, وضعف الحوافز والامتيازات المقدّمة للمستثمرين, وعدم ملاءمة النظام الضريبي, وقصور في الشفافية وضُعف القضاء التجاري, من أبرز معوِّقات وإشكاليات الاستثمار في اليمن, على الرغم من دعوة الحكومة إلى تشجيع الاستثمار وتدخلاتها في هذا الجانب.

صفقات مشبوهة
وفي سياق موضوع الفساد, أكد رئيس مركز الإعلام الاقتصادي، مصطفى نصر, أن حالة الفساد المتفشية في اليمن هي نتاج إدارة سياسية تُسيء استخدام الموارد الطبيعية والبشرية وتحاول استغلالها بطريقة غير سوية, وقطاع خاص يستغل ويترعرع في بيئة تتسيّدها ظاهرة الصفقات المشبوهة والتحايل في كل التعاملات المالية وعدم كفاءة المنافسة, مشيرا في ورقته (الفساد في القطاع الخاص وأثره على التنمية), قدّمها في ذات الندوة, إلى أن الفساد اليمني مركّب يُمارس بالتساوي من قبل القطاع الخاص والموظفين في تلك المؤسسات التي يلتقيان فيها.
وقدّم نصر لمحة تاريخية عن القطاع الخاص اليمني, مبينا أنه يعيش إعاقة شبه دائمة, حيث لم يتمكّن من استلام دفة قيادة الاقتصاد الوطني, قطاع مستورد بدرجة رئيسية، حيث بلغ متوسط مساهمته في الصادرات 8,5 بالمائة خلال الأعوام 2006 -2008, مقارنة بنسبة 65,8 بالمائة في الواردات, وأن الاستثمارات العامة الحكومية ما تزال هي المسيطرة على إجمالي النمو في الإنفاق الاستثماري في البلد, خاصة وأن استثماراتها نمت خلال الخطة الخمسية الثانية بنسبة 25 بالمائة, في حين لم يحقق القطاع الخاص المحلي والأجنبي استثمارات سوى 11,5 بالمائة في السّنة خلال ذات الفترة, أقلّ بكثير عمّا كان مستهدفا 23,5 بالمائة.
وبيّن نصر تأثير الفساد على القطاع الخاص من خلال عدّة نقاط: سُوء تخصيص الموارد المالية والإمكانيات العامة وإهدارها في أوجه لا تحفز النمو الاقتصادي, وتهديد الاستقرار الاقتصادي ومناخ الاستثمار، وبالتالي هروب رؤوس الأموال الوطنية وتثبيط الاستثمارات الخاصة, والحد من المنافسة والابتكار للقطاع الخاص, والمُساهمة في توسيع دائرة الفقر وتراجع فرص العمل, لافتا إلى النواحي التي يُسهم القطاع الخاص من خلالها بصورة فاعلة في تفشي ظاهرة الفساد في اليمن، من أبرزها: التهرب الجمركي والضريبي حيث لا يتجاوز نسبة ما يتم دفعه 20 بالمائة, إلى جانب التضخّم في الأسعار, وتزييف السلع والمنتجات.
تفعيل الرقابة الذاتية
ونؤكد في هذا السياق أن هناك تداخلا بين الفساد ومعوّقات الاستثمار, فالفساد -بحسب الدكتور عادل الشجاع- يؤدي إلى تفشي ظاهرة البيروقراطية في الأجهزة والمصالح الحكومية وتضارب القرارات وارتفاع الرّسوم الجُمركية وغياب الأمن, وهي ذات المعوِّقات التي تواجه الاستثمار, مؤكدا أنه لا يمكن مُعالجة الفساد ما دام تعيين القُضاة بيد السلطة، ولم يتحوّل إلى انتخابات داخل الهيئة القضائية يقوم على قاعدة الكفاءة المهنية والقانونية والأخلاقية, وما لم تشرك الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد كلا الخدمة المدنية والتربية والتعليم في تغيير سياسات التوظيف, خاصة وأنهما من أكثر الوزارات التي يوجد فيها موظفون أشباح.
وحثّ الشجاع على ضرورة إصلاح النظام الجُمركي والضريبي والتوسّع في العمل بالمناطق الحُرة وإقامة موقع شبكي لليمن تتوفّر فيه كافة البيانات عن الاستثمار وإزالة كافة معوِّقاته, معتبرا أن الفساد في اليمن -وعلى ضوء ما سبق- ظاهرة سياسية بامتياز ومُعالجتها لن تكون مثمرة إلا عندما تكون مُعالجة سياسية.
وفي هذا الاتجاه، دعا نصر إلى تطوير الأنظمة المؤسسية واللوائح الداخلية لمؤسسات القطاع الخاص, ووضع قواعد صارمة وتوحيد معايير المُحاسبة ومُراجعة الحسابات, وتحويل الشركات والمؤسسات العائلية إلى شركات ومؤسسات مساهمة تتمتع بالشفافية والإفصاح, وتقليص إجراءات منح التراخيص للمشاريع الاستثمارية، وإصدار دليل يسهل الحصول عليه, وضرورة قيام منظّمات الأعمال بتنفيذ برامج توعية لرجال وسيدات الأعمال لرفع الوعي بخطورة ظاهرة الفساد وآليات مكافحتها والتعريف باللوائح والأنظمة المجرمة للفساد والرشوة.
ومن المؤكد أن تفعيل الرقابة الذاتية على النفس وتربيتها على القيم الدِّينية والأخلاقية واحترام المجتمع وحبّ الوطن, ودور الفرد بتبليغ الجهات المختصة في أي قضية فساد يطّلع عليها, إلى جانب دور الأسرة والتي تعتبر حجر الزاوية في هذا الجانب في إطار المجتمع والحياة العامة, وكالمثل بالنسبة لدور الجماعة والتي يكمن دورها في عدم تقبّلها للفاسدين, سيُساهم في التصدِّي لظاهرة الفساد والحد منها.
وقبل ذلك، يجب إجراء دراسات علمية حول الفساد للخروج بالحلول المناسبة, لعدم وجود دراسة مرجعية تحدد حجمه ومكامنه وكيفية معالجته.
(السياسية) ـ غمدان الدقيمي:

الرجل الذي رسم بريشته الخيرة سبيل التعليم في الاعبوس



كتب/غمدان الدقيمي:
لم يستسلم للظروف الصعبة التي عاشها اليمن في ثلاثينيات القرن الماضي. في بداية حياته تلقى تعليمه الأولي- قراءة القران، وتعلم أبجديات الكتابة-على يد المرحوم عبده راشد- احد أبناء قريته، لينتقل بعدها إلى عدن للعمل مع والده، ليصبح أحد أبرز رواد العمل الخيري والوطني ومؤسس ثاني مدرسة في منطقة الأعبوس.

الحاج محمد عبد الجبار راشد- 83 عاما- أب لأربعة أبناء وخمس بنات، وهو من مواليد قرية "المراوية" أعبوس (مديريه حيفان م/ تعز)، مؤسس مدرسة النور مراويه أعبوس في العام 1960 الموافق 1381هـ، على نفقته الخاصة وبرعاية وتشجيع من قبل والده- رحمة الله عليه، والتي تحتفل هذا العام بمرور خمسين عاما على تأسيسها، فضلا عن المساهمة في بناء صروح تعليمية أخرى في عزلته، قبل نحو نصف قرن من الزمان ولازالت شامخة حتى اليوم.
قال عنه البعض، هو شخص عظيم ورمز رائع. رسم بريشته الخيرة معالم التعليم في الأعبوس، ولا يزال خيره يشع نوراَ حتى اليوم. فقد كان الفضل له في تأسيس مدرسة النور مراوية أعبوس، التي شهدت في الثاني من ديسمبر ، المهرجان الخامس لتكريم أوائل مدارس الأعبوس، والذي تنظمه سنويا فرع جمعية الأعبوس الاجتماعية الخيرية بعدن.
وفي السياق ذاته، يقول عنه مدير تحرير صحيفة الثورة، عبدالرحمن بجاش: "هذا الرجل- أطال الله في عمره- لم يكن أحد رجال الأعمال الرواد الذين نحتوا الصخر بأيديهم، لم يكن صاحب فيليبس- فقط- بل هو الذي رسم بريشته الخيرة معالم طريق التعليم في الأعبوس, وكان في العام 1381هـ، على موعد مع النور الذي أضاء جبال وقرى وشعاب وأوديه المنطقة، مدرسة النور لا تزال تشهد، على عمق الرؤية وحسن التقدير لدى هذا الرجل القدير، الذي لم يبخل في تقديم الكثير وفي مختلف المجالات".
من جانبه، يصفه رجل الأعمال، أمين احمد قاسم، بالشخصية العظيمة والرائعة وقل أن تجد مثيلا له، وقال، "لقد مد يد العون والدعم لأبناء عزلته وللوطن عموما بسخاء، وخيره لا يزال يشع حتى اليوم، رغم أن الظروف قست عليه مؤخرا، لكنه ظل جميلا ورائعا وعلينا أن نقدره كأحد رموز الخير في منطقة الأعبوس.
التعليم "شغله الشاغل"
ليس هذا فحسب، بل إن "محمد"، وفي وقت لاحق، لم يألوا جهدا في توسيع المدرسة على نفقته الخاصة، لتستوعب الأعداد المتزايدة من التلاميذ بافتتاح صفوف ومراحل جديدة، خصوصا بعد قيام ثورة 26 سبتمبر، ولم يبخل في تلك الفترة وما أعقبها في التكفل بتوفير المستلزمات المدرسية ورواتب المدرسين وكل متطلبات المدرسة، بما مكنها من مواصلة مهمتها التعليمية- هذا ما قاله شقيقه "عثمان".
ويضيف: "بدأ شقيقي "محمد" مشوار حياته العملية وهو لم يتجاوز السابعة عشرة من العمر، حيث غادر مسقط رأسه إلى عدن عام 1944، لمساعدة والدي في "دكان صغير" كان يملكه، أضافا إليه فيما بعد "طاحونا"، وأنضم إليهما لاحقا شقيقي "هزاع". وخلال فترة شبابه كان "محمد" مداوما على حضور حلقات الدرس وتلاوة القران في مساجد عدن، لسد حاجته من المعرفة، كغيره من الشباب الذي لم يحظوا بتعليم نظامي، وهو الأمر الذي دفعه للاهتمام بالتعليم.
ويواصل، فضلا عن الحس التجاري الذي تمكن من خلاله تطوير تجارة والده، ليصبح منذ ستينات القرن الماضي حتى العام 1995 وكيلا لشركة "هتياشي" اليابانية، للإلكترونيات، ظل التعليم شغله الشاغل ورأى فيه ولايزال حتى اليوم، الحل الأمثل لضمان حرية الإنسان وكرامته وأساسا لتقدم الأوطان. وقال، فيما بدأ في الأشراف على دراستنا- أشقاؤه الثلاثة- في عدن ومن ثم إرسالنا إلى القاهرة، شارك في تأسيس ودعم بناء المدارس في عزلته والتبرع لغيرها في عدن- المدرسة الأهلية بالتواهي، ومدرسة بلقيس بالشيخ عثمان وغيرهما.

مدرسة النور
رغم أن سمعه ضعيف، إلا أننا استطعنا التواصل معه بمساعده شقيقه "عثمان" وأحد أحفاده وولده "عادل". يقول عن فكره تأسيس مدرسة النور: "كانت الحاجة ملحة لوجود مدرسة في تلك الفترة، ناقشتها مع والدي، فتحمس للأمر، ما شجعني على تكليف عمي "ردمان"، يرحمة الله، للإشراف على البناء حتى أنجز".
ولاحظ أنه "قبل تأسيس مدرسة النور- مراوية، لم تكن في الأعبوس سوى مدرسة واحدة هي "الحرية" في بني علي- اعبوس، التي أنشئت في عام 1956، ليتوالى بناء المدارس في المنطقة بتمويل من نادي "الاتحاد العبسي" بعدن الذي يعود إليه، مع مبادرات المواطنين المجانية، الفضل الأكبر في النهضة التعليمية المبكرة في المنطقة.

وقال محمد: "كنت اشتري كتب القراءة والحساب من عدن وأرسلها للمدرسة في القرية"، مؤكدا سعادته الغامرة عندما كان يتابع تزايد عدد تلاميذ المدرسة عاما بعد آخر، وقال، إن ذلك الشعور لا يزال يغمره حتى اليوم. وظل محمد يقوم بتزويد المدرسة بمختلف المستلزمات التعليمية من كتب وطباشير حتى آلت في منذ العام 1968 لإشراف وزاره التربية في الجمهورية الوليدة.
يشار إلى أن "محمد" ظل يعمل في شركته الخاصة في عدن حتى العام 1971، ليتنقل معها إلى صنعاء حيث باعها في أواخر التسعينات.
++++++++++++داخـــــل إطار++++++++++++

أحد رواد العمل الاجتماعي وأبرز المتبرعين لدعم حكومة ثورة 26 سبتمبر


أكد رئيس فرع جمعية الأعبوس الاجتماعية الخيرية بعدن الدكتور عبد الوالي هزاع, أن "محمد عبد الجبار راشد" أحد رجال الخير الشهيرين في الأعبوس وقد بدأ مسيرته في عدن حيث كان يعمل مع والده، وهم أقدم من أدخلوا "وكالة هيتاشي" اليابانية في الجزيرة العربية وبها عُرفوا بين الناس أو سُموا باسمها.
ويضيف: "كان "محمد" من المبادرين الأوائل في تأسيس نادي الاتحاد العبسي في عدن الذي تأسس عام 1952 واشتهر كأنشط منظمة شعبية بين المنظمات النظيرة التي انتشرت حينها، وكان عضواً في قيادة النادي والمسئول المالي له، وعلى الدوام أؤتمن بأموال النادي وممتلكاته، حتى أن مبنى النادي الكائن في كريتر- عدن تمّ شراؤه باسمه وظلّت وثائقه باسمه حتى اليوم, مع إجراء مبايعة داخلية تؤكِّدُ ملكية النادي للمبنى وكان ذلك تعبيراً كبيراً على الثقة التي كان يحوزها بين أقطاب الأعبوس وقيادات النادي على الدوام".
وعندما بدأت حركة بناء المدارس في الأعبوس،- وهي الحركة التي سبقت كل أرياف اليمن-، كان "محمد" واعياً ومدركاً لحاجة أبناء المنطقة وللتعليم ولأهميته لحاضرهم ومستقبلهم، فساعد على تنشيط دور النادي في هذه العملية وتشجيع الأهالي على الخطوات السريعة لتوفير شروط البدء في مشاريع البناء. وفي هذا الإطار خصص النادي مبلغاً وقدره 8000 شلن ثمانية آلاف شلن لكل مشروع مدرسة شرعت لجنته التأسيسية بالعمل وكان للوالد "محمد" دور أساسي في ذلك, هكذا يقول الدكتور عبدالوالي هزاع.
ويستطرد: "إضافة إلى تبنّيه لبناء مدرسة النور, على نفقته الخاصة وممثلاً لوالده أيضاً، فقد دعم – إضافة إلى دعم النادي – أغلب مدارس الأعبوس التي تمّ تدشين بنائها في تلك المرحلة (النصف الثاني من الخمسينيات وبداية الستينيات من القرن الماضي) وقدّم الكميات المطلوبة من الإسمنت والأخشاب, أو حسب ما تؤكِّدُ المعلومات أن بعض المدارس حينها استهلكت الكميات التي قُدّمت لها وطلبت كميات إضافية أخرى من المواد وكان لها مجيباً وداعماً على الدوام".
وأكد هزاه أنه عُرف عن موقعٍ أو موقعين لم تشرع فيهما اللجنة التأسيسية للمدرسة في بناء المدرسة بسبب نشوء بعض الخلافات فتبددت المواد التي قدّمها لها "محمد", وبالتالي حُرموا بسبب ذلك من أي دعمٍ جديد, "كان ذلك تعبيراً عن احترامه ودقّته في تقديم العون للمتفانيين في تحقيق المشاريع وعدم المجاملة".
وأضاف: "وكان ـ أطال الله في عمره ـ, رجلا خيّرا ومتبرّعاً للمشاريع الخدمية للمنطقة وكذلك للهمّ الوطني، حيث يعد أحد أبرز المتبرّعين لمشروع طريق الراهدة المفاليس عبر الأعبوس، وهو المشروع الذي ساهم فيه نادي الاتحاد العبسي بثمانية وأربعين ألف شلن 48000 شلن, تمّ تسليمها للمرحوم الحاج هائل سعيد أنعم، وأحد أبرز المتبرعين لدعم حكومة ثورة 26 سبتمبر 1962 الوليدة, في إطار التبرُّع الذي قدّمه النادي والمقدر بنحو خمسين ألف شلن (50000 شلن), ولعب أيضاً دوراً مباشراً في تجهيزِ ونقلِ المتطوعين للدفاع عنِ الثورة من عدن إلى تعز وصنعاء من أبناء الأعبوس وغيرهم، وعُرف عنهُ قيامه بترحيل عددٍ من السيارات المملوءة بالمتطوعين من الشباب يومياً".
وعبر هزاع عن فخره برواد العمل الخيري والتعاوني, مشبها "محمد عبد الجبار راشد" بأحد تلك القمم, داعيا إلى توثيق تاريخ التعاون والعمل الخيري والاجتماعي ورواده في منطقة الأعبوس باعتباره ملاحم عظيمة قلّ نظيرها وليكُن عبرة للأجيال الجديدة القادمة.
(السياسية)- غمدان الدقيمي:

الجمعة، 13 أغسطس 2010

الجلعي في محاضرة بمركز (منارات): يجب إصدار قانون مكافحة الاتجار بالبشر وتجريم ومعاقبة المتاجرين وتفعيل أساليب الوقاية والحماية

دعا حقوقي يمني الدولة لإصدار قانون مكافحة الاتجار بالبشر, وإنشاء دوائر متخصصة في الجهات الحكومية ذات العلاقة وزارات "السياحة والداخلية والشؤن الاجتماعية وحقوق الإنسان والعدل", وهيئة حكومية مختصة لمكافحة الاتجار بالبشر أسوة بالدول العربية وتنمية المراقبة الذاتية لدى الأفراد.

وأكد رئيس المؤسسة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر(تحت التأسيس) علي الجلعي, في محاضرة "ظاهرة الاتجار بالبشر أبعادها الاجتماعية والاقتصادية والدينية" القاها مساء اليوم الثلاثاء في (منارات), إنشاء نيابة ومحاكم متخصصة لقضايا جرائم الاتجار بالبشر, الاعتراف بوجود الظاهرة بداية لوضع حلول عاجلة وسريعة, تفعيل دور المؤسسة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر وبالشراكة المجتمعية مع الجهات الرسمية, والالتزام بمبادئ الشريعة الإسلامية وأحكامها في شتى مناحي الحياة و منها الاتجار بالبشر.

إلى جانب, تفعيل أساليب الوقاية والحماية من هذه الجريمة, تجريم ومعاقبة المتاجرين بالبشر بأقصى العقوبات وكذا الدول المتسببة في تهيئة البيئة الخصبة للمتاجرين بالبشر, التقدم بأطروحات علمية في الماجستير والدكتوراه عن هذا الموضوع, ودراسة أسباب وقوع الكثير من النساء والأطفال والعمال ضحية لهذه الجريمة ووضع الحلول لها, وتفعيل دور الإعلام في التوعية بمخاطر الظاهرة ونتائج كثر الإنجاب, وإتاحة الفرصة للعمال لتقديم شكاويهم للجهات المعنية وحلها.

وبين الجلعي أن التقارير الدولية تشير إلى أن ظاهرة الاتجار بالبشر تنتشر في 139 دولة بينها 17 دولة عربية: السعودية، قطر، الكويت، عمان، الأردن، مصر، ليبيا، المغرب، الإمارات، لبنان، سوريا، تونس، اليمن، الجزائر، البحرين، موريتانيا، السودان, وأن أرباح استغلال النساء والأطفال جنسياً يقدر بنحو 28 مليار دولار، وأن مليون وربع مليون طفل وطفلة تحت سن‏18‏ سنة ضحايا الاتجار بالبشر بغرض العمالة الرخيصة والاستغلال الجنسي بحسب منظمة اليونيسيف‏..‏ وحوالي أربعة ملايين من النساء والأطفال يتعرضون للتجارة غير المشروعة سنويا وهي تحقق نحو ستة مليارات دولار أرباحا سنويا.‏

وأوضح أنه بحسب التقارير الدولية, فإن اليمن وبعض الدول العربية تصنف ضمن الفئة 2 بالاتجار بالبشر وهي البلدان التي لا تمتثل امتثالاً تاماً مع المعايير المتعلقة بالبشر في الحد الأدنى، ولكن تبذل جهوداً كبيرة لتقديم نفسها في الامتثال لتلك المعايير, لافتا إلى أن اليمن بلد عبور ومنشأ وبلد المقصد للنساء وأطفال من منطقة القرن الأفريقي؛ الاثيوبية والصومالية، وبمجرد وصولهم يجبرون على التسول وممارسة الدعارة والعبودية المنزلية.

تدمر سوق العمل

ولفت الجلعي أن الاتجار بالبشر هو الاستخدام والنقل والإخفاء والتسليم للأشخاص من خلال التهديد أو الاختطاف أو الخداع, واستخدام القوة والتحايل أو الإجبار أو من خلال إعطاء أو أخذ فوائد لاكتساب موافقة وقبول شخص يقوم بالسيطرة على شخص أخر بهدف الاستغلال الجنسي أو الإجبار على القيام بالعمل.

لافتا بأن مفهوم الاتجار بالبشر طبقا لهذا البروتوكول ينقسم إلى قسمين الأول الاتجار بالبشر لأغراض جنسية حيث يتم فرض ممارسة جنسية مقابل أجر بالقوة أو بالخداع أو بالإكراه, أو أن يكون الشخص الذي أجبر على القيام بذلك النشاط لم يبلغ الثامنة عشر من العمر, والقسم الثاني تجنيد أو إيواء أو نقل أو توفير أو امتلاك البشر من أجل العمل أو الخدمة عن طريق القوة أو الخداع أو الإكراه بهدف الإخضاع لعبودية قسرية أو لاستغلال غير مشروع كضمان الدين أو الرق, مؤكدا أن الأطفال والنساء والعمال هم الفئات المستهدفة في عملية الاتجار بالبشر لأسباب عدة أهمها الجوع والفقر والضعف والحرمان, إضافة إلى السلوك الاستنكاري التي فرضته القوى الدولية المتنفذه.

ونوه الجلعي بالآثار النفسية والصحية والاقتصادية الاجتماعية والسياسية لهذه الظاهرة, حيث تدمر الشخص الذي تتم المتاجرة به, وتدمر سوق العمل كونها تساهم في فقدان الطاقة البشرية, وظهور عادات اقتصادية غير سليمة أهمها الاستثمارات سريعة الربحية قصيرة الأجل والسعي إلى التأثير على المسئولين وشيوع سلوك التهريب الضريبي, واختلال القيم الاجتماعية, وزيادة الأطفال الغير شرعيين, واستدراج المرأة والطفل كسلعة وتحول مفهوم النظام السياحي في المجتمع إلى نظام يقوم على أساس المتاجرة بالبشر من خلال بيعه وشرائه بما يخالف القيم والكرامة الإنسانية.

صنعاء(السياسية) ـ غمدان الدقيمي:

الأربعاء، 7 يوليو 2010

في امتحان مادتي الإحصاء والجبر والهندسة ...امتحان جمع بين السهل والصعب




اختتم 32 ألفا و397 طالبا وطالبة في القسم الأدبي، أمس، آخر أيام امتحاناتهم الثانوية بمادة "الإحصاء"، مودعين بذلك مرحلة مهمّة في حياتهم، فيما ينتظر طلاب القسم العلمي البالغ عددهم 173 ألفا و108 طلاب وطالبات غدا الثلاثاء بفارغ الصبر، حتى ينهوا امتحاناتهم.

"السياسية" كعادتها تابعت آراء طلاب الثانوية العامة بقسميها العلمي والأدبي في أمانة العاصمة، وكيف كانت الامتحانات والأسئلة عن امتحان مادتي "الإحصاء للأدبي"، و"الجبر والهندسة للعلمي".


++استيـــــاء

التقينا عددا من طلاب القسم الأدبي وأجمع غالبيتهم أن امتحان الإحصاء "جمع بين السهل والصعب"، وشكا طلاب مدارس: ابن ماجد وهائل سعيد وخالد بن الوليد، الذين يؤدون امتحاناتهم في مركز 26 سبتمبر، أن فرع التكامل في مادة الإحصاء لم يدرسوه، ووردت منه أسئلة في الامتحان، وهو ما أثار سخطهم.

واعتبر صدام البعداني -أحد طلاب القسم الأدبي في مركز26 سبتمبر- أن امتحان الإحصاء سهل باستثناء الصعوبة في سؤال التكامل، وأنه بالرغم من ذلك إجابته جيّدة، يوافقه الرأي زميله شهاب الحمادي، وأجمعا إلى جانب زملاء آخرين لهم على أن امتحان المواد: الفلسفة والتاريخ وجزء من مادة الإنجليزي، أصعب ما واجهوه خلال فترة الامتحانات، في حين أجمع طلاب آخرون في مدارس "المجد" بمنطقة الصافية على أن امتحان الإحصاء سهل جدا خصوصا بالنسبة لطلاب المدارس الحكومية، بينما واجه طلاب المدارس الخاصة بعض الإشكاليات في هذه المادة.

++سهل للطالب المذاكر
توجّهنا بعد ذلك إلى مركز مدرسة أسماء الخاص بطالبات القسم العلمي، وأجمعت عدد منهن على أن الأسئلة جزء منها صعبة وجزء سهل، وأبدين استياءهن من السؤالين الأخيرين في قسم الهندسة، وكذا السؤال الثاني في الجبر.

إلى ذلك أجمع طلاب من عدّة مدارس بأمانة العاصمة على أن الامتحان سهل للطالب المذاكر، يقول محمد القادري: "امتحان الجبر والهندسة سهل جدا، وأتوقع أن أحصل على 80 درجة في أسئلة اليوم".

من جهتهم، أشار ملاحظون في مركز الحورش (قسم علمي) إلى أنهم لا حظوا شكاوى طلاب القسم العلمي من عدم وضوح أسئلة الجبر والهندسة بعكس ما يراه الملاحظون أنها سهلة وبسيطة للطلاب المذاكرين.

++غامضة وغير مباشرة
عن امتحانات الثانوية القسم الأدبي، هناك من يقول عنها "إنها سهلة وبسيطة"، وآخرون يقولون إنها متوسطة، وجمعت بين السهل والصعب، وآخرون يصفونها بالصعبة "وكأنها عقاب من الوزارة".

وخلال مهمّة متابعة الامتحانات التقينا رئيس مركز مدرسة 26 سبتمبر الذي أدى فيه 298 طالبا يمثلون ثلاث مدارس حكومية ومدرستين خاصتين من القسم الأدبي امتحاناتهم الثانوية، محمد الحباشي، فقال: "امتحان الإحصاء لا بأس به، ولم تكن هناك شكوى محددة أجمع عليها الطلاب، وما لاحظناه وشكا الطلاب منه هو كثافة امتحان مادة القرآن الكريم وعدم كفاية الوقت وإجماع على صعوبة امتحان المواد الفلسفية؛ كونها غامضة وغير مباشرة".

ويضيف: "ولكن الحمد لله، الامتحانات داخل المركز سارت بهدوء منذ اليوم الأول وحتى اليوم الأخير، وكان لدينا 9 طلاب مكفوفين يؤدون امتحاناتهم في المركز لكنهم معفيون من امتحان مادة الرياضيات، وكذا فرعي الخط والإملاء والرسوم التوضيحية في كافة المواد، وكنا نكلف مراقبين يكتبوا إجاباتهم بعد أن يقسّموا بعدم كتابة شيئا لم يجبه الطالب الكفيف، وللأمانة الطلاب المكفوفون متفائلون أكثر من غيرهم من الأصحاء إن لم يكونوا أجابوا أفضل من غيرهم من الأصحاء، واقترح بأن يتم خلال الأعوام المقبلة فتح مراكز خاصة بالمكفوفين، وهو ما نوصي به في تقاريرنا اليومية".

++غير كافية
وأشار الحباشي إلى أن أجور المراقبين ورؤساء اللجان الامتحانية غير كافية، وأنه لا يزال العمل يتم باللائحة القديمة الخاصة بالامتحانات، والتي تنص على أنه يجب أن يؤدي 30 طالبا امتحاناتهم في كل قاعة دراسية، في حين لا تكفي القاعات لأكثر من 20 طالبا في المرحلة الأساسية و25 طالبا في المرحلة الثانوية، وأن رؤساء المراكز يضطرون لفتح قاعات أو لجان إضافية في حين لا تعتمد أجور هذه اللجان ويتم تغطيتها من أجور اللجان المعتمدة، متمنيا معالجة هذه الإشكالية خلال الأعوام المقبلة.

++أبرز الإشكاليات
عضو اللجنة العليا للامتحانات سوسن مصطفى التي التقيناها في مركز 26 سبتمبر، أمس، في مهمة رصد ورفع تقرير يومي للوزارة حول أي اختلالات تشهدها المراكز الامتحانية، أوضحت أن أبرز الإشكاليات التي رصدتها من الميدان شكاوى الطلاب حول كثافة امتحان مادة القرآن الكريم وصعوبة مادة الفيزياء والمواد الفلسفية، وكذا مادة اللغة الانجليزية لنقص عدد المدرسين في تدريس هذه المادة، في حين شكا طلاب مدارس: ابن ماجد وهائل سعيد وخالد بن الوليد، من عدم دراسة الوحدة الأخيرة في مادة الإحصاء والتي وردت منها أسئلة، وبيّنت أن الامتحانات بشكل عام تتناسب مع الفروق الفردية بين الطلاب.

+++ إطار+++
تربوي: صعوبة أسئلة الهندسة
من جهته، أكد مدرس مادة الرياضيات نصيب ردمان في تقييمه لأسئلة امتحان مادة الإحصاء لطلاب الثانوية العامة القسم الأدبي (نموذج محافظة تعز) بشكل عام كان شاملا للمنهج كاملا، ومناسبا لجميع الطلاب وشبه موضوعي، وفيما يتعلق بامتحان الجبر والهندسة لطلاب القسم العلمي أشار إلى أن أسئلة الجبر طويلة لكنها جيّدة وتناسب الطالب المذاكر في حين أن أسئلة الهندسة فيها نوع من الصعوبة.

+++ إطــار +++
مراقب: تسابق المصححين على دفاتر الامتحانات يؤدي إلى ظلم كبير للطلاب

"العالم يتقدّم ونحن لا زلنا نعمل بالطرق التقليدية العقيمة في معظم المجالات، أبرزها: تصحيح دفاتر امتحانات طلاب الشهادتين الأساسية والثانوية"... هكذا يقول أحد التربويين بأمانة العاصمة ممّن عملوا فترة طويلة في مجال التصحيح والمراقبة.

ويشير المراقب -الذي طلب عدم ذكر اسمه- إلى أن أجر التصحيح لا يختلف عن أجر العاملين في العملية الإمتحانية (في المراكز) كونه ضئيلا جدا، حيث لا تتعدى أجرة الدفتر الواحد 30 ريالا للشهادة الثانوية تقسّم بين عدد من المصححين، باعتبار أن كل مصحح يتولّى تصحيح فقرة من سؤال أو سؤال معيّن من دفتر ويتولى آخر فقرة أخرى وهكذا، وأن ذلك ما يدفع بالكثير من المُصححين إما للانسحاب من عملية التصحيح؛ نظرا لقلة الأجر أو للتسابق وتصحيح أكبر قدر من الأسئلة والدفاتر بغية الحصول على أجر أكبر دون اعتماد الدِّقة في التصحيح ممّا يعني ظلم كثير من الطلاب.
الأسوأ من ذلك، أن -بحسب أحد مشرفي التصحيح في المرحلة الأساسية- أجر الدفتر الواحد في الشهادة الأساسية 11 ريالا قابلة للضريبة وتوزّع بين ثمانية مصححين (لجنة التصحيح).

السؤال الذي يطرح نفسه: هل لدى الجهات المختصة ممثلة بوزارة التربية والتعليم آلية جديدة وسليمة للقيام بهذه المهمّة على أكمل وجه، ورفع أجور المصححين ومحاسبتهم على كل صغيرة وكبيرة ليحصل كل ذي حق على حقه من الطلاب، بدلا من المقاولة، قد يكون من ضحاياها طلاب متميِّزون في حين يعطى آخرون ما لا يستحقون؟!

(السياسية) ـ غمدان الدقيمي:

في امتحان مادتي 'الكيمياء'و'التاريخ' طلاب الثانوية العامة ..سهل وبسيط والاسئلة مناسبة



ظهرت الفرحة على وجوه طلاب وطالبات القسم العلمي في مركزي "معاذ ابن جبل", و"نسيبة" بعد خروجهم من امتحان مادة الكيمياء، وأكدوا أن الامتحان كان "بسيطا"، وهو ما أكده أيضا طلاب في مراكز مختلفة بأمانة العاصمة.
"السياسية" رصدت مشاهدة وآراء الطلاب عن امتحان مادتي الكيمياء والتاريخ، وكيف كانت بالنسبة لهم.


أجبنا بشكل جيد
التقينا عددا من الطلاب والطالبات أجمع غالبيتهم منهم على أن امتحان الكيمياء لطلاب الثانوية العامة (القسم العلمي) في مركزي "معاذ ابن جبل"، ونسيبة"، "سهل وبسيط"، وأن الأسئلة كانت مناسبة وأجابوا بشكل جيد.
واعتبر الطالب إيهاب شجاع الدين أن امتحان الكيمياء سهل جدا ولم تكلفه الإجابة عليه سوى أقل من ساعتين، مضيفا: "بعكس امتحان مادة الفيزياء والتي كانت صعبة بشكل لم نتوقعه، وكالمثل بفارق بسيط مادة اللغة الإنجليزية الفترة الأولى، والقرآن الكريم والذي لم يكن الوقت كافيا، حيث تم سحب دفاتر الإجابات قبل أن نكمل، لذا نتمنى مراعاتنا". ذلك ما أكد أيضا زميله محمد يحيى، والذي أشار إلى أن الدرجة التي سيحصل عليها في مادة الكيمياء لن تقل عن 95 درجة.


لا بأس بها
توجهنا بعد ذلك إلى مركز مدرسة نسيبة -المجاور لمركز معاذ- الخاص بطالبات القسم العلمي، وأجمع عدد منهن على سهولة الامتحان بينما أخريات اعتبرن الأسئلة "جمعت بين السهل والصعب". وأثناء تجولنا في منطقة هائل بأمانة العاصمة الخميس الماضي عقب امتحانات الثانوية العامة التقينا عددا من طلاب القسم الأدبي، وأشار البعض إلى أن امتحان التاريخ لا بأس به وآخرون قالوا إنه سهل.

لفت انتباهي وأنا أتجول أمام مركز معاذ ابن جبل وجود عدة قصاصات غش -أو ما يصطلح عليه محليا بـ"البراشم"- داخل سور وسلالم المركز عقب امتحان الكيمياء خاصة بهذه المادة، والتي قد تكون استخدمت سواء بعلم المراقبين أو دون علمهم، أو عكس ذلك بمعنى (لم تستخدم).


العمل فترتين إشكالية!
من جانبه، أوضح رئيس مركز معاذ بن جبل، جميل الخياطي، أن امتحان مادة الكيمياء سهل بدليل عدم تذمر الطلاب داخل القاعات وأن 389 طالبا أدوا امتحاناتهم الثانوية (قسم علمي) في المركز، مؤكدا أن امتحان مادة الفيزياء كان "صعبا"، وأن مادتي القرآن الكريم والتربية الإسلامية يجب استبدال امتحانهما في الأعوام القادمة إلى يومين منفصلين بدلا من يوم واحد (فترتين) كما هو الحال اليوم لعدم كفاية الوقت وكالمثل مادة اللغة الإنجليزية.
وعن أبرز الإشكاليات التي شهدها المركز أشار الخياطي إلى أن المركز لم يشهد أي إشكالية تعرقل سير الامتحانات وأن عدم توفير مدرسين (ذكور) بشكل كاف بدلا من المدرسات بحكم أن المركز للبنين، والعمل فترتين في بعض المواد وقلة المخصصات المالية أبرز الإشكاليات التي واجهتهم.


أستاذ الكيمياء وطرق التدريس بكلية التربية جامعة صنعاء د. مهيوب أنعم:
لم تظهر ثلاثة مستويات عليا مهمة في أسئلة الكيمياء والتذكر سيد الموقف
أكد أستاذ الكيمياء وطرق التدريس بكلية التربية جامعة صنعاء، الدكتور مهيوب أنعم، في تقييمه لأسئلة امتحان مادة الكيمياء لطلاب الثانوية العامة (نموذج أمانة العاصمة) أنها من حيث النوعية شملت الموضوعية بنسبة 29 بالمائة، وأخرى مقالية بنسبة 71 بالمائة، وأن هناك عدالة في التوزيع بين الأسئلة الموضوعية (الاختيارات، الفراغات، وعلامة صح أو خطأ)، وأن تقسيم الدرجات جيد (6 أسئلة لكل سؤال 20 درجة).
وأوضح مهيوب أن الإشكالية في الاختيار (مطلوب من الطالب اختيار 4 أسئلة من أصل 6)، التي تشهد جدلا بين التربويين، خصوصا إذا لم تشمل أو تغطِّ كافة الوحدات في المنهج, حيث تجعل الطالب يتهرب غالبا من أسئلة مهمة ويختار بحسب مذاكرته، مبينا أن السؤال الأول في الامتحان لم يغطِّ الوحدات: 3، 4، 5، و9، وكذا السؤال الثاني لم يشمل الوحدات: 2، 4، 7، و9، وهكذا بقية الأسئلة، لافتا إلى أنه كان يفترض إجبار الطلاب على الإجابة على أربعة أسئلة لخلق منافسة وإحداث عدالة لمساواة الطلاب المتميزين.

وفي تقييمه للأسئلة من ناحية المستويات التي تقيسها ذكر مهيوب نظرية مشهورة يدركها واضعو الأسئلة ويتم بموجبها وضع أسئلة الامتحانات حد قوله، إما بقياس مستوى التذكر (الحفظ) أو الفهم كمستويات دنيا، أو من خلال قياس المستويات العليا لدى الطلاب، وهي: التطبيق، التحليل، التركيب، والتقويم، موضحا أن التقويم أصعب الأجزاء كونه يتطلب إصدار حكم على قضية متعلقة بموضوع معين، وأنه لا يجيدها الطالب إلا بعدما يكون متمكنا من كل المستويات السابقة، منوها بأن الستة الأسئلة الواردة في الامتحان 51 بالمائة منها تقيس مستوى تذكر الطالب (الحفظ)، 42 بالمائة للفهم، و7 بالمائة يقيس التطبيق، بينما لم تظهر الثلاثة المستويات العليا الأخرى رغم أهميتها.


خلل كبير جدا
وبيّن أن التطبيق ظهر في السؤالين الأول والثاني، مؤكدا سلبية عدم اختيار الطلاب لهذين السؤالين واللذين بموجبهما يعرف أن الطالب لديه مهارات عليا تمكنه من الالتحاق بالجامعة وتعطيه الأفضلية عندما يقارن مع آخرين.
واستغرب الدكتور مهيوب من حذف الوحدتين الرابعة والتاسعة وعدم ورود أي أسئلة منهما في الامتحان، واللتين تتحدثان عن الطاقة والتفاعلات النووية والكيمياء والبيئة, معتبرا ذلك خللا كبير جدا نظرا لأهميتهما، مضيفا: "طالما والتذكر سيد الموقف في الأسئلة فلا شك أن بإمكان أي طالب أن يجيب ويحصل على درجة, غير ذلك فهو كارثة".


الكميم: اجورنا لا تتناسب والجهد الذي نبذله
الحامدي: المالية لم تستجب لمطالبنا
استنكر رؤساء ونواب ومراقبون وعاملون في العملية الامتحانية عدم قيام الجهات المختصة برفع أجورهم ومستحقاتهم, والتي لا تفي حاليا بأبسط المتطلبات.
وأشاروا إلى أن هناك علاقة مباشرة بين تدني الأجور وظاهرة الغش, خصوصا وأن غالبية الطلاب يفضلون تسهيل عملية الغش، وأن بعض ضعفاء النفوس يستغلون ذلك لجمع المال. وحول ذلك أكد نائب رئيس المركز الامتحاني بثانوية الشعب بالأمانة، ناصر الكميم، أن أجور العاملين في العملية الامتحانية لا تتناسب والجهد الذي يبذلونه لإنجاح سير الامتحانات، حيث لا تتجاوز 250 ريالا خاضعة للضريبة للملاحظين في المرحلة الأساسية في اليوم، و300 ريال للملاحظين في المرحلة الثانوية خاضعة للضريبة, موضحا أن هناك وعدا بأن تدعم أمانة العاصمة بمبلغ مماثل لهذا المبلغ الذي تقدمة وزارة التربية والتعليم.
وأشار إلى أن هناك علاقة مباشرة بين تدني الأجور وظاهرة الغش، حيث يلجأ البعض من القائمين على المراكز الامتحانية من رؤساء ونواب ومراقبين وملاحظين من ضعفاء النفوس إلى تغطية مصاريفهم من خلال جمع مبالغ مالية من الطلاب مقابل السماح لهم بالغش.
ذلك ما أوضحه أيضا الملاحظان أحمد سالم، وعلي مسعد، وطالبا برفع المبلغ، كونه لا يفي بأبسط المتطلبات ومن المعيب أن تقدمه الجهات المختصة. ولفتت إحدى المراقبات إلى شفافية اللائحة المالية بخصوص تحديد أجور العاملين في العملية الامتحانية هذا العام بعكس الأعوام الماضية؛ إلا أنها قالت: "لا تكفي". أضف إلى ذلك -بحسب أحد المراقبين بمركز امتحاني بالأمانة- أن رئيس المركز الامتحاني كلف ملاحظا واحدا فقط في كل لجنة طوال فترة الامتحانات بهدف توفير أجر الملاحظ الآخر لصالحه، وربما هذا ما يحدث في كثير من المراكز بعموم محافظات الجمهورية!
من جهتها لفتت رئيس المركز الامتحاني بمدرسة القديمي بالأمانة جمالة القاضي، إلى أن هناك تحسنا هذا العام فيما يتعلق بالأجور بعد إعلان أمانة العاصمة بتوفير مبلغ مماثل للمبلغ المعزز من وزارة التربية, وأكدت في ذات الوقت أنه برغم ذلك لا تكفي مقارنة بارتفاع الأسعار والوضع الاقتصادي المتردي.


اعتراف رسمي
وفي حوار سابق لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) نشر قبيل بدء امتحانات الشهادتين الأساسية والثانوية, اعترف نائب وزير التربية والتعليم رئيس اللجنة العليا للامتحانات، الدكتور عبد الله الحامدي، بأن أجور العاملين في العملية الامتحانية متدنية، مضيفاً: "نأسف أن وزارة المالية لم تستجب لنا لرفع مستحقاتهم ونأمل أن تكون هناك مشاركة فاعلة للسلطات المحلية في تحسين أجورهم ونتمنى على وزير المالية النظر إلى أن الـ300 أو 400 ريال لا تفي بحق المراقب أو الملاحظ وقد رفعنا مقترح لرفعها إلى 1500 ريال ونأمل أن ترى النور في الموازنة القادمة".
السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا نترك ثغرات يستغلها الآخرون بما يسيء لسمعتنا ومستقبل أجيالنا والوطن بشكل عام!؟ ألا يعلم المعنيون، سواء وزارة التربية أم المالية أم السلطات المحلية، أن هذا المبلغ مضافا إليه مبلغ مماثل يسهل عملية الغش رغما عن كل التحذيرات والوعود التي تطلقها الجهات المختصة لمعاقبة المخلين في العملية الامتحانية؟!

(السياسية) ـ غمدان الدقيمي:

مشاريع مياه الريف..محدودية التوجيهات وتدخل الوجاهات



أكد تقرير رسمي وجود بعض القصور في الكفاءة الفنية والإدارية التي تعاني منها الهيئة العامة لمشاريع مياه الريف، وقصور مماثل في مستوى التنسيق مع الجهات المعنية الأخرى بمورد المياه. وأكد في المقابل نجاح الهيئة في إقرار آلية فاعلة لجهة إقرار المشاريع المخصصة للمستفيدين في المناطق الريفية المستهدفة على مستوى البلاد.
وأوضح تقرير "مشاريع مياه الريف الضرورة.. أولوية التنفيذ"، الصادر في يونيو الماضي عن لجنة الزراعة والأسماك والموارد المائية بمجلس الشورى, ضعف الرقابة على حفر الآبار الخاصة بمياه الشرب والتي تنفذها العديد من الجهات الرسمية والأهلية والتعاونية لا تخضع لمواصفات معينة وتعدد حفر آبارٍ في مناطق وأحواض ملوثة أو تتعرض للتلوث، وأن بعض المشاريع المنفذة لا تتناسب مع الحاجة والكثافة النسبية للسكان، إضافة إلى وجود مشاريع متباعدة نسبياً، يواجه المستفيد صعوبة في الحصول على احتياجاته من المياه بيسر وسهولة.
اشتمل التقرير على ثلاثة أقسام، تناول في الأول الوضع الراهن لمياه الريف، فيما تضمن القسمان الثاني والثالث الاستنتاجات والتوصيات, إلى ضعف الإدراك من قبل المواطن وبعض الجهات بأهمية توفر المياه النقية للمواطن في الريف والحضر باعتبارها مصدرا رئيسيا للأمراض وانتشار الأوبئة، وأن إعطاء المياه وتوفرها بصورة صحية وسليمة من شأنها تقليص الإنفاق على بعض جوانب التنمية كالرعاية الصحية، وهذا يعني إعادة النظر في الأولويات على مستوى جوانب التنمية المختلفة, وأن ما يتم رفعه من مشاريع لمياه الريف من الأهالي والمجالس المحلية تمثل الحد الأدنى من الأولويات الضرورية، نظرا لارتباط ذلك بمحدودية الإمكانيات وتحديد سقف مسبق.

منهجية واضحة
وتناول التقرير الآلية المتبعة من قبل الهيئة العامة لمياه الريف في إقرار المشاريع للمستفيدين، ومصادر التمويل المتاحة للهيئة في الوقت الراهن, منوها بمحدودية التوجيهات وتأثير الوجاهات وغيرها على الهيئة وفروعها بالرغم من الضغوط التي تتعرض لها, وأنها تمكنت من إيجاد منهجية واضحة ترتكز على آليات محددة لوضع الخطط والبرامج، والسير بها على أسس ومعايير تعتمد في الأساس على اللامركزية ورؤية واضحة على ضوء أهداف خطة عامة لمكافحة الفقر، مبينا أنَّ ما تقوم به (الهيئة) يتعرض للإحباط، لعدم إدراك الأجهزة الأخرى التي تربطها بها علاقات مباشرة أو غير مباشرة والتي من شأنها أن تعوق الكثير من الأهداف والخطط والبرامج ومنها تنفيذ المشروع الواحد بما يترتب على ذلك التعثر وعدم الاستكمال.

تدني مستوى التغطية
وفي سياق تناوله للوضع الراهن أكد التقرير تدني مستوى تغطية الشبكة الحكومية للمياه والصرف الصحي في المناطق الريفية وغياب خدمات البنية التحتية، واصفاً ذلك بالعامل المعيق، بالنظر إلى ما تمثله البنية التحية من أساسٍ جوهريٍ، لإيصال مياه الشرب للمستفيدين في المناطق الريفية, موضحا التحيز لصالح المناطق الحضرية على حساب الريف بحسب خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للتخفيف من الفقر 2006 ـ2010 , حيث بلغت تغطية الشبكة الحكومية لخدمات المياه والصرف الصحي والكهرباء في الحضر 60.3 بالمائة، 36.8 بالمائة، 81.8 بالمائة على التوالي مقارنة بــ7.4 بالمائة، 0.7 بالمائة، 22.9 بالمائة في الريف.
وحول نسبة التغطية بمياه الشرب والصرف الصحي على مستوى المحافظات للعام 2004, حقق ريف حضرموت نسبة 23.9 بالمائة من التغطية في الشبكة الحكومية بحسب التقرير, تليها محافظة لحج 20.3 بالمائة, وأبين 12.1 بالمائة, والمحويت 11.4 بالمائة, ثم المهرة 10.8 بالمائة, وإب بنسبة 9.5 بالمائة, وتأتي الجوف وريمة وصعدة في ذيل القاعة بنسبة 0.2 بالمائة و0.4 بالمائة و0.8 بالمائة على التوالي. كما أن الإجمالي العام لنسبة التغطية من الشبكات الحكومية 7.4 بالمائة فقط, ونسبة التغطية الإجمالية شبكات حكومية، أهلية وخاصة وصلت إلى 27.9 بالمائة فقط, بحسب خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للتخفيف من الفقر 2006 ـ 2010.

الآبار الارتوازية مصدر رئيسي
ولفت التقرير إلى التطور المحرز على المستوى المؤسسي، والذي عبرت عنه وزارة المياه والبيئة والتي تؤدي دوراً محوريا في إدارة مورد المياه والقيام بمهام التنسيق في إدارة واستخدام المياه على المستوى الوطني بين مختلف الجهات المعنية بهذا المورد, موضحا العناية التي توجهها الدولة لمشاريع مياه الريف، وقدم إحصائية بعدد المشاريع المنجزة خلال الفترة من 2003 وحتى 2008 والتي تزيد عن ثلاثة آلاف و200 مشروعاً تغطي مختلف محافظات الجمهورية بتكلفة إجمالية بلغت أكثر من ثلاثة مليارات ومليونين و800 ألف ريال.
وزاد: "احتلت محافظة صنعاء المرتبة الأولى من إجمالي تلك المشاريع والذي وصل إلى 418 مشروعا، ومحافظة إب 406 مشاريع، وعمران 374 مشروعا, ثم محافظة شبوة إذ تم إنجاز 276 مشروعا, وذمار241 مشروعا، تليها محافظة تعز 224 مشروعا بينما البيضاء احتلت المرتبة السابعة وحضرموت الوادي الثامنة، وتم تسجيل190 مشروعا في محافظة الحديدة تليها الجوف 187 مشروعا وتأتي بعدها محافظة لحج إذ تم تسجيل 166 مشروعا، ومحافظة أبين 139 مشروعا، أي في المرتبة الثانية عشرة وتأخذ أعداد المشاريع في التناقص لتصل إلى84 مشروعا في حضرموت الساحل, وتسعة مشاريع في محافظة ريمه وأخيراً محافظة عدن بمشروع واحد.
وبين أن المصدر الرئيسي لتأمين المياه لهذه المشاريع تم بواسطة الآبار الارتوازية بدرجة رئيسية، والآبار اليدوية الغيول.

تنامٍ في استنزاف المياه
وخلص التقرير على غياب الإشراف الفني على المشاريع الأهلية في مجال المياه، حيث تنتشر المشاريع التي لا تراعي الحد الأدنى من المواصفات الضرورية للمياه الموزعة والتي يستقبلها المواطن وهي ملوثة وغير صالحة للشرب.
ولفت إلى تنامٍ في استنزاف المياه خاصة في المناطق الريفية من قبل مزارعي القات الذين يتنقلون بوايتاتهم بحرية كاملة من وادٍ إلى آخر, وتعدد مصادر إنتاج وسائل جمع المياه في المنازل والمؤسسات دون أن تخضع للإشراف والترخيص المسبق لإنتاجها، وأن تراعي الشروط الأساسية والمواصفات المعتمدة لحفظ المياه, بالإضافة إلى غياب الجانب المتعلق بالصرف الصحي في الريف، والذي يجب أن يرافق مشاريع المياه حتى تكون ذات جدوى.

توصـــــيات
وأوصى التقرير بضرورة تعزيز مستوى التنسيق بين مختلف الجهات المعنية بمورد المياه، وتفعيل الرقابة على الممارسات العشوائية في الحفر، ورفد الهيئة العامة لمياه الريف بالموارد البشرية المتخصصة والمدربة، وتفويضها صلاحيات كاملة فيما يخص الإشراف على المياه الأهلية, وحماية السدود والكرفانات التي تحتجز المياه بهدف تغذية المياه الجوفية والزراعة من الاستنزاف, وتوجيه العناية إلى مشاريع مياه الصرف الصحي في المناطق الريفية.
كما أوصى بضرورة وضع أولويات محددة لبرامج التنمية المختلفة، وكل قطاع على حده والاعتماد بدرجة أساسية على الدراسات الفنية والبحث العلمي وأن لا يعتمد كُليـّا على الأهالي والمجالس المحلية في تحديد الأولويات، نظراً لعدم أو تدني وجود العناصر الفنية والمتخصصة التي تمكنها من تحقيق أهدافها.

الاستفادة من تجربة عُمان
وبين التقرير أهمية البحث العلمي في مجالات المياه المختلفة، وتطوير وتفعيل دور الإدارات المعنية بالرقابة وصولاً إلى إيجاد مركز أو هيئة وطنية معنية بأبحاث المياه بما في ذلك مياه البحار والاستفادة من تجربة عُمان في هذا المجال, داعيا الحكومة إلى توفير الاعتمادات الكافية للمشروع الواحد وعدم تجزئنه حتى لا يتعرض للتعثر وعدم الاستكمال, فتح أقسام علمية في الجامعات وفق النطاق البيئي لكل جامعة إضافة إلى ضرورة فتح أقسام مخصصة للتعليم الفني التي تعني بالمياه بجوانبها المختلفة، وأن يكون لصحة البيئة دور أساسي في الرقابة والإشراف على مشاريع المياه في الريف والحضر، والاستفادة من تجارب العديد من البلدان خاصة التجربة الأردنية.
وأكد التقرير ضرورة التوسع في البرامج المعنية بالتوعية المائية، وإرشاد المواطن والمستهلك بأهمية حماية المياه من مصادر التلوث، أساليب حفظ المياه, وأن يكون لوزارة المياه والبيئة دور في توجيه القطاع الخاص الذي يقوم بصنع خزانات المياه، لتحديد المواصفات الضرورية، والحد من انتشار محلات وورش إنتاج الخزانات التي لا تخضع لمثل هذه المواصفات.
وشدد التقرير على توخي الدقة في اختيار مواقع تنفيذ المشاريع، بحيث تحقيق أهدافها في تأمين الحد المطلوب من المياه للسكان خاصة في المناطق التي بها تجمعات سكانية متناثرة ومتباعدة, وإعطاء المناطق النائية والمرتفعات الجبلية الشاهقة، بما في ذلك المناطق الساحلية أولوية خاصة في تأمين الحد المطلوب, كون هذه المناطق تعاني من تدني واضح في أعداد مشاريع مياه الريف.
وأوصت اللجنة في تقريرها بوضع آليات مناسبة من شأنها تمكين القطاع الخاص من التوسع في إقامة مشاريع مياه الريف، وفق خطة وتنسيق مع الهيئة العامة لمياه الريف، لأهمية دورها في هذا الجانب, والحكومة الالتزام بتسديد ما يخصها من المساهمة في تنفيذ المشاريع لما من شأنه المزيد من ثقة المانحين في المساهمة في التمويل وإنجاز المشاريع في المواعيد المحددة لها।


(السياسية) ـ غمدان الدقيمي:

في محاضرة بمركز(منارات): قاسم يؤكد أن السلم الاجتماعي معرض للخطر والشجاع يدعو لحوار بين الثقافة الحداثية والسلفية




أكد رئيس قسم الفلسفة بجامعة صنعاء أن الثقافة والمثقف في مجتمعنا اليمني لا قيمة لهما وأن الاهتمام بهما تراجع منذ السبعينات ووصل خلال السنوات الأخيرة إلى مرحلة مزرية نتيجة للفساد, وأن المثقف لا يتاح له أن يقول شيئا وينظر له بالفاشل حاليا مقارنة بالفاسد "أحمر عين".
وأن السلم الاجتماعي في اليمن معرض للخطر والكل (المجتمع والسلطة والمعارضة) ينتظرون الانهيار ولا أحد يتحمل مسئوليته رغم أن الجميع مسئول عن ذلك وعن تدارك المشكلة, وأن الثقافات المتطرفة تهدد السلم الاجتماعي والوحدة الوطنية وتدمر أهم أساس للسلم الاجتماعي وهو الانتماء.
وأشار الأستاذ الدكتور عبدالكريم قاسم في محاضرة "دور المثقفين في التنمية والسلم الاجتماعي" ألقاها في (منارات) إلى أنه لا يمكن أن يتأتى دور المثقف ولن يؤثر في المجتمع دون توفر عدد من المحددات أبرزها الحريات وعدم وجود الأنظمة الاستبدادية, والقيمة الاجتماعية للثقافة, والأدوات والمواقع المعرفية, موضحا أن المجتمع والحكومة وكافة الأطياف السياسية في اليمن مسئولة عن إقصاء المثقف من هذه الأدوات في حين يتمتع الفاسدين بسلطة كاملة في التحكم بها.
وأعتبر قاسم أنه لا المظاهرات ولا غيرها من الوسائل تغير التاريخ والذي قال أنه يتغير بدور المثقفين والعلماء في أي مجتمع من المجتمعات, منوها بالمرجعيات التي تحدثت عن دور المثقف بداء من ستينات القرن الماضي ودور المثقف في السياق التاريخي والثقافي, لافتا بأن المقصودين في قوله تعالى: "وأطيعوا الله وأولي الأمر منكم ..", العلماء الذين هم ورثة الأنبياء, إلا أنه ومنذ نهاية القرن الثالث الهجري حصل أجماع حتى من قبل المثقفين أنفسهم بأن المقصودين في الآية هم الحكام.
وبين قاسم الموقع الحقيقي للمثقف ودوره في السلم الاجتماعي في الفكر الإسلامي, موضحا أن التنمية هي مشروع السلم الاجتماعي الحقيقي وأن كافة المجتمعات العربية تتجه نحو التقاسم لعدم امتلاكها مشروعا تنمويا يقوم على التسامح والحوار توظف فيه طاقات وقدرات مجتمعاتها.
وأضاف: "أيضا التنمية ينبغي أن تقوم على الشراكة وبدونها لا يمكن تحقيق التنمية والسلم الاجتماعي, وغياب المشروع التنموي الثقافي في البلدان العربية ينذر بانهيارها".

هو الذي يبادر..

من جهته, أوضح أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء الدكتور عادل الشجاع أن المثقف اليمني ينتظر أن تهيأ له السلطة دور ليأتي ويقوم بمهمته, منوها بأن دوره ـ أي المثقف ـ في مجتمعنا غائب وأنه يعيش حالة من الانفصام, وأن المثقف الإيجابي حد قوله هو الذي يبادر بطرح أفكاره حتى وإن كانت على حساب رقبته.
ولفت الشجاع أن الثقافة هي احترام للقانون والنظام وهي المأكل والمشرب والملبس والدين وغيرها, وأنه للأسف الكل في مجتمعنا يضرب بالقانون والدستور عرض الحائط, ولا نجيد مشاريع التنمية وبناء الإنسان.
وأكد أن اليمن بحاجة أولا إلى حوار بين الثقافة الحداثية والسلفية ومن ثم حوار بين السلطة والمعارضة والمجتمع, مبينا أن العلمانية خدمة الإسلام والمسلمين في أوربا وكثير من دول العالم ولولاها ما كان يسمع للمسلمين صوتا, في حين هناك من يروج من بعض القديسين في اليمن وغيرها بأنها فصل الدين عن السلطة وهي عكس ذلك تماما.
ويؤكد بضرورة الاعتراف بالأخر كون عدم الاعتراف بذلك يجعلنا نحمل مشاريع اقتتالية فيما بيننا, وأنه ليس من حق أي طرف أو جماعة استخدام القوة ضد الدولة, وأن تمكننا من ذلك سنحقق التنمية والسلم الاجتماعي في مجتمعنا حد قوله.