السبت، 4 يوليو 2009

معاقون يسطرون مستقبلهم بالتعليم .. وإطلاق نار في عدد من المراكز الامتحانية


ظهرت الفرحة على وجوه طالبات القسم العلمي في مركز مدرسة "أم سلمة" عند خروجهن من امتحان مادة الكيمياء، وأكدن أن الامتحان كان "بسيطا"، وهو ما أكده أيضا طلاب في مراكز مختلفة بأمانة العاصمة ومحافظتي عدن وتعز .. لكن رغم ذلك يقول البعض إنه كانت هناك فقرات صعبة ومسائل أصعب.."السياسية" تابعت طلاب الثانوية العامة عقب امتحان مادتي "الكيمياء والتاريخ" ورصدت مظاهر امتحانية، كما تابعت سير امتحانات المعاقين (ذوي الاحتياجات الخاصة)، وكانت الحصيلة التالية: تقييم الامتحان أكد عدد من طلاب الثانوية العامة بقسميها العلمي والأدبي في مراكز امتحانية مختلفة بأمانة العاصمة (أم سلمة, الكويت, و26 سبتمبر)، ومراكز في محافظتي عدن وتعز بأن امتحان مادتي "الكيمياء والتاريخ" أمس الأول (الخميس) جمعا بين "السهل والصعب". وفي الوقت الذي تذمر فيه طالبان من القسم العلمي من أسئلة الكيمياء أوضحا أنها تجاوزت في صعوبتها مادتي الفيزياء والأحياء، أشار زملاء لهما إلى أن الأسئلة كانت "بسيطة" وهو ما يتفق كذلك مع قول عدد من طلاب القسم الأدبي بخصوص أسئلة مادة التاريخ.
من جهتها، قالت مديرة مركز مدرسة "أم سلمة" ذكرى الصبري إن الامتحان سهلا عند الذي يذاكر ويهتم منذ بداية العام، وصعب عند الذي لا يذاكر ولا يطلع على المنهج الدراسي إلا قبيل الامتحان.
قطعنا الشك باليقين وسألنا مدرسة الكيمياء في المركز نوال الشعبي التي قالت إن أسئلة الامتحان متوسطة وراعت مستوى الطلاب والفروق الفردية بينهما, بمعنى أنها لم تكن من خارج المنهج الدراسي أو أسئلة ذكاء وتعقيد كما يقول بعض الطلاب.
البداية مع الصم والبكم

"برغم أني لا اسمع ولا أتكلم سوى بالإشارة وبقدراتي المحدودة وبإمكانياتي البسيطة، تعلمت القراءة والكتابة بقدر لا بأس به، وتقدمت إلى امتحانات المرحلة الأساسية لهذا العالم كغيري من الطلاب المتكلمين"، بهذا الكلام الموجز تحدث إلى "السياسية" طلاب المرحلتين الأساسية والثانوية المعاقون (ذوو الاحتياجات الخاصة) الذين أدوا امتحاناتهم في أمانة العاصمة كغيرهم من الطلاب ويدخلون لجان الاختبار وبأيديهم أرقام جلوسهم وأقلامهم وتوزع عليهم دفاتر الإجابة ليبدؤون بتسطيرها وينتظرون حتى تأتي أوراق الأسئلة. إشارات وامتحان يفوق قدراتهم في مركز السابع من يوليو هناك ثلاث لجان لا تسمع صوتا، إنما ترى إشارات يطلقها الطلاب للمترجم الذي يلازمهم ولا يتركهم لكي يوضح لهم الأسئلة, بمعنى انه يبقى في لجنة الامتحان حتى نهاية الوقت. ومن خلال لمحة سريعة على تلك اللجان بصحبة مديرة مركز السابع من يوليو كنا
نرى إشارات كثيرة يصدرها الطلاب نحو المترجم تفيد بأن أسئلة الامتحان صعبة ولا يستطيعون فهمها.سألنا منصور الوليدي (أحد المراقبين في إحدى لجان الصم والبكم) عن تلك الأسئلة فقال: إن امتحان الرياضيات للصم والبكم كان أكبر من قدراتهم ومستواهم التعليمي, ويضيف: "لا أستطيع أن اشرح لهم ولا أستطيع فهم ما يريدون".

اقتراح واعتراض
ويقترح الوليدي أن يتم امتحان الصم والبكم في المرحلة الأساسية كامتحانات النقل؛ بمعنى أن يلغى الامتحان الوزاري لهذه الفئة ويكون امتحان نقل وليست شهادة عامة أو وزارية، وتتفق معه في الرأي نفسه إحدى المدرسات في مدرسة الأمل لتأهيل الصم والبكم التي بدت عليها آثار التعب من حبس صوتها واستخدامها للإشارة بكثرة, حيث تؤكد أن تحول الشهادة الأساسية للصم والبكم إلى امتحانات نقل يكون أفضل لهم مما هو حاليا .. كنا نسمع ونحن خارج اللجان ضربا على طاولة الامتحان من قبل الصم والبكم؛ فعندما سألنا قالت لنا إنهم معترضون على الأسئلة, فتقول المترجمة التي ترافق الطلاب منذ بداية الامتحان حتى نهاية الفترة لتوضح لهم الأسئلة تفاجأنا بالأسئلة، فهناك بعض الفقرات تفوق مستواهم والبعض الآخر من خارج المنهج. أسئلة من خارج المنهج وتؤكد المعلومة ذاتها مديرة معهد الإيمان للصم والبكم امة السلام حسن الشريف التي كانت هي الأخرى ترافق طلابها، وأن أسئلة الامتحان كانت مفاجئة بالنسبة لها، واستغربت الشريف كيف تصاغ الأسئلة ولم يتم النزول الميداني من قبل وزارة التربية والتعليم إلى مدارس الصم والبكم لمعرفة وتحديد قدراتهم وإمكانيتهم البسيطة ومعرفة الفروق الفردية بين طلاب الصم والبكم. منهج خاص
وحول المنهج الدراسي المتبع في مدراس الصم والبكم تقول إحدى المدرسات في مدرسة الأمل لتأهيل الصم والبكم إن المنهج الذي يدرس في مدارس الحكومة للمتكلمين هو نفس المنهج الذي يدرس لهذه الفئة غير أن المدرس هو من يختار ما يناسب قدرات الطلاب.
وطالبت الشريف بوضع منهج خاص بالصم والبكم ويتم ذلك بالتنسيق بين موجهين من الوزارة ومختصين ومدرسين بالصم والبكم, كما تطالب بإيجاد كادر متخصص لهذه الفئة وإيجاد دورات تدريبية للكادر.

جو مناسب
وأوضحت الشريف أنه في بعض الأحيان لا يجد معلم الصم والبكم الإشارات الكافية لما يوجد في المنهج؛ بمعنى انه لا توجد إشارة تناسب كلمة أو جملة في المنهج.

بعد الانتهاء من الامتحان التقينا احد أفراد هذه الفئة وتحدثنا معها من خلال المترجمة هل ستكمل دراستها الجامعية، فقالت لا لأنه لا توجد جامعة خاصة بالصم والبكم وتفضل أن تكمل الثانوية وبعدها ستبحث عن فرصة عمل، طالبة أخرى معاقة حركيا تبتسم لأنها أنهت الامتحان وتؤكد أنها ستكمل دراستها الجامعية.

وبرغم صعوبة وضعهم إلا أن الابتسامة لا تفارق وجوههم فقد تعودوا على ذلك الوضع وتعايشوا معه .. لكن المشكلة في من حولهم الذين لا يوفرون لهم ابسط حقوقهم وهي التعليم.

من جانبها، قالت رئيس مركز الشهيد "محمد مطهر زيد" فتحية الكحلاني: "لدينا طالبتان معاقتان (كفيفتان) أدتا امتحاناتهما للمرحلة الأساسية في هذا المركز ووفرنا لهما جواً امتحانيا مناسبا طوال فترة الامتحانات ولجنة خاصة وحظين بمتابعة مستمرة من إدارة المركز ومراعاة لحالتهن النفسية وقراءة السؤال أكثر من مرة وإتاحة الفرصة لهن بالإجابة بعد التفكير العميق".

وأشارت الكحلاني إلى أن الطالبتين -بحسب اللائحة- معفيتات من امتحان مادة الرياضيات (التي كانت يوم زيارتنا للمركز الأربعاء الماضي) ومادة العلوم مقرر عليهن الرسوم التوضيحية فقط واللغة العربية الإملاء والخط حسب القانون. المعاق هو العاجز عن؟ وأكدت الكحلاني أن كفاح المعاقين ومواصلتهم لتعليمهم يعد ظاهرة إيجابية تعكس مدى حرصهم على التعليم. ونوهت بأن المعاق هو الإنسان العاجز عن مواصلة التعليم أو الذي يفشل فيه. وطالبت بضرورة الاهتمام بالمعاقين بمختلف إعاقاتهم، بشكل أكبر، وتشجيعهم ليصبحوا أعضاء فاعلين في المجتمع، كما طالبت باعتماد ـ سواء هذا العام لطلاب المرحلة الثانوية أو العام القادم للمرحلتين الأساسية والثانوية ـ لجان خاصة مع مراقبين لمثل هذه الفئة ومخصص مالي للمراقبين مثلها مثل أية لجان أخرى.

وشرحت الكحلاني قصة إحدى الطالبات وكيفية فقدانها لبصرها: "لقد فقدت بصرها بسبب تسمم في الحمل وبالرغم من كبر سنها تواصل تعليمها فلم نجد إلا أن نشجعها على مواصلة التعليم".

وشكرت الكحلاني في ختام حديثها قيادة أمانة العاصمة ومكتب التربية بالأمانة ومدير المديرية والمنطقة التعليمية على اهتمامهم بالمعاقين من الطلاب والطالبات ومتابعتهم لسير العلمية الامتحانية منذ بدايتها. معالجة وضع المعاقين من جهته، يقول رئيس المركز الامتحاني بثانوية الشعب جلال المقرمي أن في المركز ثلاثة معاقين يؤدون امتحاناتهم، أحدهم في المرحلة الأساسية وقد أكمل امتحاناته ونوع إعاقته (مبتور اليدين)، مشيرا إلى أن المركز وفر لهؤلاء جواً امتحانيا مناسبا. وأضاف: "تم تشكيل لجنة بداية الامتحانات لكيفية معالجة وضع المعاقين وتم الاتفاق بشأن الطالب في المرحلة الأساسية إلى تكليف أحد الطلاب ممن هم أقل منه مستوى يكتب له بحيث لا يكون على علم بالمنهج بعيدا عن الغش تحت مراقبة أحد المراقبين. أما ما يخص المعاق الآخر في المرحلة الثانوية فهو يعاني من ضمور في المخ، وهذا عالجنا مشكلته بالاتفاق على أن يكتب له أحد المدرسين بعيدا عن التحابي والوساطة، أما الثالث فهو معاق في القدم ويمكنه أن يؤدي اختباراته كغيره من الطلاب الأصحاء". وأشاد المقرمي بالجهود المبذولة من قبل اللجنة الفرعية للامتحانات بأمانة العاصمة ممثلة برئيسها محمد الفضلي والتي ذللت لرؤساء المراكز الامتحانية جل الصعوبات.
إطلاق نار واشتباكات

أكدت مصادر خاصة لـ"السياسية" في محافظة عدن أنه اشتبك أمس الأول الخميس متجمهرون مع أفراد الأمن المكلفين بحراسة مركز "حاتم" الامتحاني بسبب محاولة الغش. وأوضحت ذات المصادر أن المركز شهد إطلاق نار من قبل أفراد الأمن لأكثر من مرة، منها ست طلقات الخميس قبل الماضي أثناء تأدية طلاب الثانوية لامتحان مادة اللغة الانجليزية، وطلقة نارية الثلاثاء الماضي.
ونوهت إلى مشاهدة تحركات وأطقم أمنية مكثفة في موقع المركز بهدف تفريق المتجمهرين الذين يسعون للغش وإثارة الفوضى. يدفع ثمنها الطلاب وفي سياق متصل، شهد مركز أحمد فرج الجرداء بأمانة العاصمة الخميس قبل الماضي تجمهراً وشغبا خارج المركز لنفس السبب السابق وهو ما دفع بالحراسة الأمنية إلى إطلاق نار لتفريقهم وتعزيز المركز بأطقم عسكرية أخرى. وعلمت "السياسية" من أحد الطلاب أنه نتيجة لهذا السبب تم سحب دفاتر إجاباتهم قبيل انتهاء الوقت بأكثر من ساعة ونصف.
وبحسب مصادر إعلامية قام عساكر في الأمن بمحافظة حجة الأسبوع الماضي بإطلاق الرصاص وأخذ اثنين من الطلبة للسجن وضربهم بشكل مبرح بعد اعتداء لأحد أفراد لجنة الامتحان على أحد الطلبة المتواجدين حول المركز الامتحاني. وأضافت: "في مديرية كحلان الشرف بحجة أدى اشتباك بالأيادي والعصي والسلاح الأبيض (الجنابي) أمام مركز مدرسة الفوز الثانوي إلى إصابة اثنين بجروح بالغة إثر طعنات تلقوها من المتعاركين".
الجدير بالذكر أنه خلال الأيام الأولى لامتحانات الشهادتين الأساسية والثانوية رصد تقرير اللجنة العليا للامتحانات في جميع المراكز الامتحانية بالجمهورية 7 حالات إطلاق نار من ضمن المخالفات المرصودة، كما أن عدداً من مكاتب التربية لا ترفع تقارير يومية للوزارة عن المخالفات وحالات إطلاق النار التي تحصل في المحافظات وتقوم بغض الطرف عنها.

(السياسية) ـ غمدان الدقيمي وأمرية المريطي:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق