الخميس، 9 يوليو 2009

"السياسية" تتتبع جهود ترصد وباء أنفلونزا الخنازير في اليمن



أنفلونزا الخنازير أو فيروس إتش1 أن 1، حديث الساعة في غالبية دول العالم؛ نظرا لسرعة انتشاره بين البشر وإمكانية العدوى، وبالرغم من الإجراءات المتخذة في كافة المنافذ الدولية إلا أن الفيروس ما يزال ينتشر بين الدول برا وبحرا وجوا. وفي اليمن تم الإعلان عن عدد من الحالات كانت لمسافرين وفدوا من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا
وغيرهما."السياسية" تسلط الضوء على جهود الترصد اليمنية لهذه الجائحة بدءا بمطار صنعاء الدولي سعيا منها لتعزيز تلك الجهود وسد الثغرات الإجرائية في مواجهة الجائحة العالمية.

بدأت "السياسية" من مكتب مدير عام المطار، طلبا للإذن بمقابلة المختص عن الترصد الوبائي في الصالات الداخلية، وهناك التقت نائب مدير مركز الحجر الصحي، الدكتور عبد الحميد جمعان، الذي حذّر بصورة قلقة من انتشار مرض أنفلونزا الخنازير في اليمن نتيجة تهاون الجهات المعنية، وعدم توفير أجهزة حديثة لفحص الوافدين.وأورد جمعان شواهد على بعض ثغرات الترصد، إذ قال: إن "موظفي الحجر الصحي بالمطار بعد أن كشفوا الحالات التي تم الإعلان عنها سابقا (كالطفلة اليمنية التي تحمل الجنسية البريطانية البالغة من العمر 11 عاما وغيرها) واجهوا عدّة صعوبات بدءا من عدم التجاوب السريع مع فريق الترصد، مع أن المؤشرات الأولية في حالة الطفلة -على سبيل المثال- أظهرت أعراض المرض لديها، ولكن سُمح لها بالدخول من قبل المعنيين في الصحة. وفوق ذلك، تأخرت الجهة المعنية كثيرا بالحضور إلى المطار لأخذ العيّنة التي سُحبت من الطفلة، والتي قال جمعان: إنها ظلت محفوظة (العيّنة) في ثلاجة المطار لساعات طويلة، وأنه لولا تواصل مدير الأمن القومي بالمطار العقيد حافظ الجمرة مع عمليات الوزارة بهدف أخذ العيّنة وفحصها لما تم فحصها، ولن يتم الإعلان عن هذه الحالة".وفي حالة أخرى قال جمعان: "قبل حوالي شهر، وصل إلى مطار صنعاء أحد الباكستانيين قادما من دبي، وكان يحمل كل أعراض الفيروس، ولذلك قام فريق الترصد بأخذ عيّنة منه، وتم التواصل مع الجهة المختصة، إلا أنها - حد قوله- لم تحرك ساكنا، بل وأمرت تلفونيا بدخول الحالة المشتبه بها دون التأكد من نتائج فحص العيِّنة.

رصدوا أول الحالات ومكافأة بالتغيير
حسنا. بدا لنا الأمر مقبولا، حتى هذه اللحظة، وفي ظل هذه الظروف التي يعوزها الحصول على أبسط التجهيزات، فقد استطاع موظفو الحجر الصحي البالغ عددهم عشرة، وإدارة مطار صنعاء بما فيها إدارة الأمن القيام بدور كبير جدا بدءا باكتشاف أول حالة مصابة بفيروس أنفلونزا الخنازير لطالب يمني يحمل الجنسية الأميركية التي أعلن عنها في16 يونيو الماضي والتي تلاها في 17 يونيو الإعلان عن إصابة أربع حالات جديدة لطلاب كانوا ضمن اليمنيين القادمين من الولايات المتحدة الأميركية في رحلة الحالة الأولى نفسها. لكن أن يستمر أمر التساهل في تلبية متطلبات الترصد فهذا وضع يستحق قرارا حاسما وعاجلا.يقول جمعان: "طالبنا بأجهزة ومعدات حديثة ووسائل وقاية للمكافحة والتصدي للفيروس؛ لأننا لم نكن نزاول العمل سوى بثلاثة أجهزة يدوية حرارية تم صرفها من وزارة الصحة، وهي لا تفي بالغرض، لكن إصرارنا على هذه المطالب قوبل –للأسف- بتهديد شديد اللهجة إذا لم نقم بتسهيل دخول المسافرين دون شكاوى.

وفي 23 يونيو 2009 كانت المكافأة المفاجئة -بحسب جمعان- إذ حضر مدير عام إدارة الأمراض إلى المطار حاملا رسالة من الوكيل إلى مدير عام مطار صنعاء بأنه قد تم تغيير الفريق في المركز وبرفقته فريق بديل، مكوّن من عشرة أشخاص يعملون بالمستشفى الجمهوري (في تخصص التمريض) في حين كان الفريق الأول يشمل جميع التخصصات. دخول حالات مصابة وبالطبع، فإن هذا التغيير ليس إقالة، لكنه -كما أكد جمعان- إعفاء الفريق السابق فقط من العمل الخاص بأنفلونزا الخنازير، ولم يستبعد جمعان دخول حالات إصابة جديدة إلى البلاد حتى في ظل الفريق الجديد، وهو أمر ربما تؤكده الرسالة التي حصلت عليها "السياسية" والموجهة إلى مدير عام المطار، وفيها إشارة إلى أن عددا من أعضاء فريق الحجر الصحي الجديد أخلوا مسؤوليتهم من دخول حالة مصابة لم يتم فحص عيّنتها للأسباب نفسها التي وضّحها جمعان سابقا.

هناك الكثير مما يستحق الرصد في حملة للترصد، إذ لا كاميرات حرارية حتى الآن بل إن هناك من يشتكي من أوامر تستثني فحص مواطني بعض الدول بحجة عدم الإساءة للعلاقات الثنائية، وهي ملاحظات تقتضي الحيادية والدِّقة في جميع تفاصيلها.

"السياسية" في ضيافة وزارة الصحة
اتجهنا بهذه الهموم مباشرة إلى وزارة الصحة العامة والسكان، وهناك التقينا الناطق الرسمي باسم اللجنة الوطنية العُليا لمواجهة الجائحة العالمية لأنفلونزا الخنازير، مدير عام مكافحة الأمراض والترصد الوبائي بوزارة الصحة، الدكتور عبد الحكيم الكحلاني، وشرح لنا بالتفصيل دور وزارة الصحة العامة والسكان لمواجهة الجائحة منذ بداية ظهورها، ودور اللجنة الوطنية العليا للاستعداد للجائحة، والتي بدأت عملها منذ عام 2005 أثناء جائحة أنفلونزا الطيور، واجتماعاتها الدورية والاستثنائية، وتفعيلها خلال السنوات الماضية لأنشطة وزارة الصحّة والتي أثمرت عند ظهور الوباء الجديد إتش1 إن 1.

منوها إلى أنه خلال الشهرين الماضيين تم تفعيل الترصد عبر المطارات والمنافذ وتدريب الكوادر في المحافظات وتعريفهم بالمرض وآليات الترصد وأخذ العيّنات وعقد دورات تدريبية لكوادر من موظفي الخطوط الجوية اليمنية سواء المضيفات أم الطيارين؛ لإبلاغ السلطات الصحيّة في المطار بأية حالة مبكرا، كما يتم توزيع كروت لجميع الركاب في الطائرات القادمة إلى اليمن لتعبئتها، وتتضمن أسئلة عن الحالة الصحيّة للمسافر والأعراض التي يشعر بها (حمى أو زكام أو وجع في الحلق أو سعال) مع تحديد أسماء الدول التي قام بزيارتها أثناء الأسبوعين الماضيين.

وأضاف الكحلاني: عند وصول الطائرة يتم التأكد من درجة حرارة جميع الركاب القادمين من الخارج، وإذا ثبت ارتفاعها لدى أحدهم يتم فورا أخذ عيِّنة له وإرسالها إلى المختبر المركزي الذي تم تجهيزه بجهاز الفحص "بي. سي. آر"، من أحدث الأجهزة، وتم تدريب كوادره في جمهورية مصر العربية بواسطة منظمة الصحّة العالمية، وقام بكل الفحوصات للحالات التي أعلن عنها.

على المدعي البيّنة
ونفى الكحلاني أي إعلان عن تركيب كاميرات حرارية بالمطارات، موضحا أن ما تم الإعلان عنه هو موافقة مجلس الوزراء واللجنة الوطنية العُليا على شراء هذه الأجهزة وتركيبها وهي حاليا بصدد إجراءات المناقصة، متمنيا أن يتم تركيبها سريعا لأهميتها، مؤكدا فاعلية أجهزة الفحص الحالية في المطارات (مطار صنعاء)، بشكل كبير بدليل اكتشافهم لحالتين من ثماني حالات، وتتميز بالسرعة، حيث يتم استكمال إجراءات ركاب الرحلة الواحدة من الطائرة الذين يصل عددهم من 150 إلى 200 شخص خلال خمس دقائق.واستبعد الكحلاني دخول أية حالات مصابة بالفيروس إلى اليمن عبر مطار صنعاء، وأن على من يدعي ذلك البيّنة وإحضار الحالة، لافتا إلى أنه عند اكتشاف أية حالة يتم التواصل مع من كانوا على متن الطائرة التي أعلن عن إصابة شخص فيها من خلال المعلومات الموثقة في الكروت المشار إليها سابقا، وأن غرفة العمليات تقوم بواجبها على أكمل وجه في هذا الموضوع، موضحا أن كلتا الحالتين المصابتين بالفيروس اللتين تم اكتشافهما في مطار صنعاء الدولي بمجرد وصولهما استلمتا علاجهما هناك، مؤكدا أنه لم تُسجل حتى الآن أية حالة من المخالطين للمرضى.

وبخصوص الطفلة البريطانية، وبقية الحالات التي قيل إن غرفة العمليات وإدارتها تقاعست عن أخذ عيّناتها، ونفى الدكتور الكحلاني تماما صحة تلك المعلومات، موضحا أن عيّنة الطفلة البريطانية لم تتأخر أكثر من ساعتين، وأن الحديث عن إتلاف عيِّنات مشتبهة بحملها للفيروس لا أساس له من الصحة وكذب، لكنه قال: "إن هناك حالة أخطأ أحد أفراد الطاقم الجديد في المطار بتشخيصها؛ كونه لم يتعود على أخذ العيِّنات، فبمجرد أن شاهد الحرارة مرتفعة أعتقد أنها حالة مشتبهة، وهي حالة لم تكن وافدة من أية دولة مصابة بالمرض، ولم يكن قد خالط مصابين، وفيما بعد وصلت "السياسية" مذكرة موجّهة إلى مدير عام مطار صنعاء تحمل توقيع الكحلاني، وفيها طلب تغيير اثنين من طاقم الحجر الصحي الجديد.

قلة المحالينفادهال وخشية
وعن سبب تغيير طاقم الحجر الصحي السابق بمطار صنعاء، اكتفى الكحلاني بالقول: الطاقم السابق طلّع روح الوزارة بالمطالب، والطاقم الجديد أفضل بكثير من السابق، عمل على تحسين العمل والجميع راضٍ عنهم في المطار، سواء الإدارة أم الأمن. لكن الكحلاني أبدى قلقه من شحة المحاليل المتوفِّرة ويخشى نفادها سريعا إذا تم فحص كل من يطلب ذلك؛ لأن المختبر قد يقف عاجزا عن الفحص للحالات الحقيقية، حد قوله. كما أن المختبر يفضل أحيانا أن يتم تجميع عدّة عيِّنات لكي يتم فحصها دفعة واحدة؛ توفيرا لبعض التكاليف، حيث تبلغ تكلفة الفحص الواحد أكثر من 25 دولارا.

وحثّ الكحلاني في ختام حديثه المواطنين على الهدوء وعدم القلق من الوباء؛ كونه لم يسجل حتى الآن أية حالة شديدة الخطورة في جميع دول العالم، وأن الغالبية العُظمى من الحالات خفيفة جدا وتتشابه مع الأنفلونزا المعتادة.

وبما ان التغييرات المتكررة لأعضاء فريق الترصد تطرح أسئلة كثيرة فحواها أن ليس كل شيء على ما يرام !
لكن هل يعقل مثلا أن يكون اجراء التحفظ على أي حالة اصابة واحدة فيه اساءة بالغة للعلاقات اليمنية الاقليمية والدولية ..في الحقيقة ان اجراءات كهذه من شأنها حماية مواطني تلك الدول وبناء علاقات مسؤولة وراسخة معها.



(السياسية) ـ غمدان الدقيمي:



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق