كتب/ غمدان الدقيمي:
قال عميد كلية المجتمع بسنحان الدكتور حميد الريمي، إن كلية المجتمع سنحان تفتقر لأبسط مقومات النهوض وتفتقر للكادر الأكاديمي والإداري ولا تمتلك مبنى خاصا وأنها عبارة عن مجموعة من الشقق السكنية تفتقر لأبسط المعايير المعتمدة عالمياَ.
وأشار الريمي في حوار لـ"السياسية" إلى أن موازنات الكلية منذ العام 2007 وحتى اليوم لا تلبي أدنى المتطلبات وأنه ينبغي أن نقتنع بأن الاستثمار في التعليم هو الاستثمار الناجح والذي تعود ثماره في وقت قياسي جداَ... إلى تفاصيل الحوار...
* حدثنا في البداية باختصار عن نشاط كلية المجتمع سنحان؟
- بداية أشكر صحيفة "السياسية" التي قامت بنزول ميداني للاطلاع عن كثب على أوضاع الكلية ومعرفة ما تعانيه من مشاكل وصعوبات مالية وإدارية، طبعا الكلية أنشئت في العام 2003 بقرار جمهوري وفتحت أبوابها في العام 2007- 2008 وتأتي أهميتها من أهمية المناطق المحيطة بالعاصمة صنعاء، وتعد هذه المناطق وسكانها قلاع حصينة دافعت في الماضي على الثورة وتدافع اليوم على الوحدة اليمنية وعاصمة الوحدة، وبسبب عدم انتشار التعليم بين سكان هذه المناطق يقف الشباب أمام تحديات كبيرة فالبطالة المتفشية في أوساطهم تجعل منهم هدفاً سهلاً لمروجي المشاريع الصغيرة والضيقة لذلك يجب الاهتمام بأبناء هذه المناطق من خلال مساعدة الشباب على الانخراط في تلقي العلوم العصرية وهذا هو الهدف الذي تأسست من أجله هذه الكلية ورغم جميع المشاكل التي رافقتها وترافقها منذ تأسيسها تزود الكلية المجتمع المحلي بمخرجات نوعية متخصصة في مجالات عديدة كالتجارة الإلكترونية وتقنية المعلومات وتصميم وهندسة الحدائق والجودة الشاملة، بالإضافة إلى ذلك تستعد لإنشاء أقسام جديدة وتخصصات نوعية تغذي السوق المحلية والإقليمية بمخرجات نوعية كقسم تقنية البرمجة، قسم نظم المعلومات، قسم العلوم المالية والمصرفية، وقسم خاص باللغة الإنجليزية، إضافة لإنشاء مجموعة من المراكز النوعية التي ستقدم خدمات نوعية للمجتمع المحلي من خلال مركز تنمية المجتمع وكذا مركز خاص لتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة ومركز تأهيل وتدريب الفتاة الريفية.
ترحيل خمسين مليونا
* وماذا عن توفر التجهيزات والمعامل وكذا المناهج الدراسية؟
- تعرضت الكلية ومازالت تتعرض للكثير من المشاكل ومن أهمها ضعف الموازنة المعتمدة فموازنات الكلية منذ العام 2007 وحتى اليوم ضعيفة جداَ ولا تلبي أدنى المتطلبات والجزء الأهم في تلك الموازنات وهي المبالغ المخصصة للتجهيزات والمعامل قد تم ترحيلها حيث تم ترحيل ما يقارب خمسين مليون ريال كانت مخصصة لشراء معامل وتجهيزات حتى في هذا العام تم تخصيص مبلغ ثلاثة ملايين ريال لشراء كراسي وآلات تصوير.
ولكننا للأسف الشديد لم نحصل إلا بالموافقة على مليون ريال وسيرحل باقي المبلغ علما بأن الكلية تفتقر لأبسط المقومات من كراسي دراسية ومعامل وتجهيزات وكنا نأمل أن تلقى الرعاية والاهتمام في موازنة العام 2011 رغم مناشدتنا الدائمة والمستمرة للإخوة في وزارة المالية إلا أن الكلية ومعها أبناء مناطق سنحان بني بهلول بلاد الروس أصبنا بخيبة أمل كبيرة والسؤال الذي نجهله ونوجهه لماذا هذا التجاهل والتهميش لهذه الكلية أليس لأبناء هذه المناطق الحق بأن ينعموا بخيرات الوحدة من التعليم ومخرجاته؟ ولكم أن تتصوروا أن هذه الكلية أنشئت بالتزامن مع كليات المجتمع سيئون وعبس ويريم وقد خصص لهذه الكليات موازنات ونفقات تشغيلية سنوية ساعدتها على النهوض بوضعها بعكس كلية المجتمع سنحان.
كراسي مستعارة
* إذن ما هي أبرز الصعوبات والإشكاليات التي تواجه الكلية وكيف تؤثر على العملية التعليمية وما المطلوب لتجاوزها؟
- عندنا جملة ومصفوفة كبيرة من الصعوبات والمشاكل التي يصعب حصرها الآن، وأثرت سلباً على العملية التعليمية وعلى سُمعة الكلية بشكل عام.
لعل من أبرزها عدم توفير متطلبات الكلية ولا الحد الأدنى منها في موازنات الكلية خلال الأعوام السابقة وكذا في العام المالي 2011 ومعظم المبالغ المعتمدة في الموازنات التي كانت مرصودة لشراء المعامل والتجهيزات قد رحلت وبسبب مصادرة هذه المبالغ تعاني الكلية اليوم من مشاكل كثيرة خصوصا وأن التعليم في كليات المجتمع يعتمد على الجانب التطبيقي بنسبة 70 بالمائة وللتوضيح أكثر فالكراسي الدراسية الموجودة في الكلية هي مستعارة من كلية المجتمع صنعاء أما التجهيزات الأخرى فحدث ولا حرج.
وبالنسبة للكادر الأكاديمي نعتمد على المتطوعين (فاعلي الخير) الذين يدرسون بدون مقابل، لأنه لا يوجد لدى الكلية موارد ولم يعتمد لها مبالغ في الموازنة لتتمكن من مواجهة هذا العجز ولا أخفي عليك أن هناك من يتردد علينا من الزملاء الأكاديميين الذين درسوا في الكلية في الأعوام 2008-2009 للمطالبة بمستحقاتهم ورغم كل هذه المعاناة لم يعتمد في موازنة العام 2011 سوى درجتين أكاديميتين فقط رغم أن الكلية تحتضن ما يقارب 400 طالب وطالبة يدرسون في أربعة تخصصات ونخطط لافتتاح أربعة أقسام أخرى في العام القادم ومجموعة من المراكز الخدمية إلا أننا وفي ظل هذه الموازنة نقف عاجزين.
وبالمثل بالنسبة للكادر الإداري حيث نستعين بمتطوعين يعملون على أمل الحصول يوماَ ما على درجة وظيفية في الكلية لعدم توفير الدرجات الإدارية في موازنات الكلية السابقة وكذلك لم يعتمد للكلية في موازنة العام 2011 سوى درجتين إداريتين فقط.
ومن أهم المشاكل أيضاَ عدم توفر المباني المخصصة فعلى الرغم من مرور أكثر من سبع سنوات منذ صدور قرار إنشاء الكلية إلا أن المباني الخاصة بالكلية لم تكتمل بعد والكلية اليوم هي عبارة عن مجموعة من الشقق السكنية تفتقر لأبسط المعايير المعتمدة عالمياَ للمباني المخصصة لمثل هذه الكليات النوعية.
وبالتالي فالمطلوب معالجة كل هذه الإشكاليات التي تواجه الكلية لتجاوزها.
لا وجه للمقارنة
* إذا ما هي أوجه الفرق بين كلية المجتمع سنحان وكلية المجتمع صنعاء؟
- الفرق شاسع وكبير جداَ ولا يوجد وجه للمقارنة فكلية المجتمع بسنحان متعثرة لا تمتلك أبسط المقومات ولم تتاح لها الفرصة للنهوض مثل باقي الكليات ويعود ذلك لإجهاضها في مهدها وعدم اعتماد متطلباتها وبالوضع الراهن للكلية لا يمكن مقارنتها حتى مع الكليات التي أنشئت بعدها فما بالك بكلية مجتمع صنعاء التي تعد أقدم كلية مجتمع في اليمن رصد لها ويرصد لها موازنات تلبي متطلباتها كذلك الحال لبقية الكليات وبالتالي نطالب فقط أن تعامل كلية المجتمع سنحان مثل غيرها من الكليات لا أن تعامل على أساس أن أبناء هذه المناطق لا يستحقون التعليم أو أنه كتب عليهم أن يضلوا في جهلهم وأن الطريق الوحيد أمام شباب هذه المناطق هو فقط السلك العسكري فدستور الجمهورية اليمنية كفل التعليم للجميع لكني في الحقيقة أجهل المعاير التي على ضوءها تعد الموازنات فجهة تعطى لها موازنة تلبي احتياجاتها وأخرى لا.
* وما مدى تعاون القطاع الخاص والمجالس المحلية والشخصيات الاجتماعية مع كلية سنحان تحديدا وتقييمكم لدور القطاع الخاص في دعم برامج التعليم الفني والتدريب المهني بشكل عام؟
- الحقيقة أنا أعول على القطاع الخاص والمجالس المحلية الشيء الكثير في دعمهم وتفهمهم لأهمية هذه الكلية والدور الذي ستلعبه في إحداث نقلة نوعية في أوساط المجتمعات المحلية للمديريات المجاورة من خلال دفع الشباب نحو التعليم الذي يعتبر وحده أساس نهضة الشعوب وملاذها الأمن ويحصن شبابنا من الأفكار الدخيلة والهدامة وبه نستطيع تعزيز الانتماء الوطني والحفاظ على وحدتنا وسلامة مجتمعنا كما نعول كثيراَ على الشخصيات الاجتماعية من أبناء سنحان وبلاد الروس خصوصاَ وأن النخبة منهم يعرفون القيمة الحقيقية للعلم ويدركون بأن مشاكل المجتمع تحل فقط بنشر التعليم السليم في أوساط الشباب.
لا تستطيع أن تنافس
* ما هو تقييمكم للتعليم الفني والتدريب المهني في اليمن وأبرز الإشكاليات التي يواجهها وهل مخرجاته قادرة على تلبية احتياجات ومتطلبات سوق العمل المحلي والخارجي؟
- يمكننا القول بأن بلادنا قطعت شوطا لا بأس به في قطاع التعليم وفي قطاع التعليم الفني على وجه الخصوص ولكن في المقابل يجب أن نعترف بوجود إشكاليات وبأن مخرجاتنا التعليمية ليست على مستوى عال من التأهيل ولا تستطيع أن تنافس في سوق العمل وهي على هذا الحال ذلك لأن متطلبات سوق العمل تواكب التقدم التكنولوجي بينما تضل مناهجنا التعليمية راسية في مكانها منذ عقود صحيح أن التعليم الفني مكلف جداَ ولكن لا يمكننا النظر عند رسم السياسات المالية بأن الإنفاق على هذا النوع من التعليم غير مجز ولا يؤتي ثماره بل على العكس يجب أن نعي ونفهم بأن الاستثمار في التعليم والبحث العلمي يعد من الاستثمارات الناجحة كما تؤكد دراسات أوربية وهذا ليس بغريب فالاستثمار في التعليم معناه الاستثمار في الموارد البشرية التي تعد في عالم اليوم من أهم وأغلى الموارد والتعليم هو الأساس القوي الذي يمكن للأمم أن تبني عليه صرح حضارتها لذا تنبهت الكثير من الدول بضرورة إصلاح التعليم وتطويره فدولة سنغافورة مثلاَ تعد نموذجاَ هاماَ تحقق لها النجاح وانتقلت من مصاف الدول الفقيرة إلى الدول الصناعية بفضل الاهتمام بنظام التعليم فقد جاء على لسان "كوان يو" مؤسس دولة سنغافورة العصرية "الدول تبدأ بالتعليم أولاَ، وهذا ما بدأت فـيه عندما استلمت الحكم فـي دولة فقيرة جدا"، اهتمت بالاقتصاد أكثر من السياسة، وبالتعليم أكثر من نظام الحكم، فبنت المدارس والجامعات، وأرسلت الشباب إلى الخارج للتعلم، ومن ثم الاستفادة من دراساتهم لتطوير الداخل السنغافوري.
ونحن في اليمن يجب أن نعترف بأن التعليم الفني والأساسي والجامعي اليوم في أزمة ولا يمكن أن تحل إلا بمراجعة السياسة التعليمية برمتها وما لم يكون التعليم من أولى الأولويات الوطنية وما لم تحشد له الموارد لن نتقدم فبالتعليم السليم يمكن تجاوز ما نحن فيه من مشاكل وما يهددنا من تبعات بسبب تفاقم هذه المشاكل ولأن النظام التعليمي يتحمل قدر كبير من المسؤولية في حدوث مشكلات في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية وغيرها بحسب الدراسات المهتمة بالسياسات التعليمية لذا علينا إعادة النظر في السياسة التعليمية وتصحيح مساراتها بالتقييم والتطوير الدائم بهدف توظيف مخرجاته في خدمة التنمية.
كما يجب أن نستفيد من تجارب الآخرين فها هي القوة العظمى في كوكبنا تنادي بضرورة إصلاح نظامها التعليمي وأن بقاء النظام التعليمي على ما هو عليه اليوم يهدد من بقاء أمريكا كأكبر قوة أحادية في العالم وتؤكد الدراسات بأن سر قوة أمريكا راجع لاهتمامها بالتعليم والبحث العلمي.
غير قادرة!
* من الملاحظ أن هناك تدني في الإقبال على هذا النوع من التعليم فنسبة الملتحقين به 267 بالمائة من مجموع 213816 طالبا يلتحقون بالتعليم الثانوي كما أن نسبة من يلتحقون بهذا النوع من التعليم إلى التعليم الجامعي 1066 بالمائة من مجموع 35880 طالبا يلتحقون بالجامعات! إلى ماذا تعزون ذلك؟
- نعم هناك تدن في الإقبال لعدم وعي المجتمع والنخب السياسية وكذا مؤسساتنا الإعلامية بهذا النوع من التعليم كما أن هذه المؤسسات غير قادرة في الوقت الحالي على استيعاب المزيد من الطلاب ذلك لأن التعليم الفني والمهني كما ذكرت سابقاَ مكلف جداَ ومؤسساته بتجهيزاتها الحالية غير قادرة على استيعاب عدد أكثر من مخرجات التعليم الثانوي إلا أنه يجب علينا ألا نقلل من أهمية هذا النوع من التعليم ولا ننسى أن قوة دول كثيرة مثل ألمانيا واليابان والصين راجع بشكل أساسي لاهتمامها بتطوير منظومة التعليم الفني والمهني وتشجيع الشباب على الالتحاق به تخيل أن نسبة 70-75 بالمائة من مخرجات التعليم الثانوي في "ألمانيا" يلتحقون بالتعليم الفني.
ويعود أيضا قلة التحاق الشباب بالتعليم الفني بدرجة أولى للثقافة الخاطئة الموروثة لدى المجتمع عن الملتحقين بالتعليم الفني وعلى أن هذا النوع من التعليم يقتصر فقط على الطلاب الفاشلين أو غير القادرين على الالتحاق بالتعليم الجامعي وكأن التنمية بحاجة فقط للمخرجات الجامعية وهذا للأسف مفهوم قاصر وخاطئ كما تلعب وسائل الإعلام دورا كبيرا في تكريس هذه النظرة عن طريق ندرة البرامج التوعوية التي توضح للشباب أهمية مخرجات التعليم الفني وأن متطلبات السوق المحلية والإقليمية في حاجة متزايدة لهذه المخرجات.
ليس ترفاَ
*برأيك كيف يمكن النهوض بواقع التعليم الفني والتدريب المهني؟
- من خلال نظرة المجتمع للتعليم كمنظومة واحدة مترابطة لا تتجزأ فلا يمكن الحديث عن مخرجات نوعية من التعليم الفني ما لم تكون مخرجات التعليم العام على مستوى عالي يؤهلها على الانخراط بالتعليم الفني والجامعي إذاَ لا بد من وضع خطط وبرامج تعمل على إعادة النظر في النظام التعليمي الحالي أما إذا ضل الوضع كما هو عليه فلن تتعدى مخرجاتنا الجامعية والفنية سوى مرحلة القضاء على الأمية وهي المرحلة التي يصل إليها الطفل في الروضة أو في السنين الأولى من التعليم الأساسي في الدول المتقدمة أو في محيطنا الإقليمي.
(السياسية) ـ غمدان الدقيمي: