الجمعة، 31 ديسمبر 2010

قانون تنظيم الصلاح .. المخاض الصعب


كتب/غمدان الدقيمي:

"الداخلية تهيب بالمواطنين الإبلاغ عن أي شخص يحمل سلاح أو يتجول به". رسالة وصلتني ووصلت الكثيرون من شركة الهاتف النقال التي اشترك معها في 28 أكتوبر 2010 الساعة العاشرة مساء تذكرت على الفور قصص كثيرة سمعتها وقرأت عنها، بل وشاهدت أبرزها حدث قبل حوالي ثلاثة أشهر أمام مستشفى الكويت الجامعي بالعاصمة حيث كنت أحد المشاهدين لعراك بين شخصان وكانت الغلبة لأحدهما بينما الآخر منشغلا بمحاولة إخراج مسدسه الشخصي للدفاع عن نفسه، ولكنه بدلا من أن يطلق النار على خصمه أصاب أحد فخذية، منهيا حالة العراك.
جميعها تلخص ضحايا الأسلحة النارية، منهم من قضى نحبهم وآخرون لا يزالون على قيد الحياة ومصابون بعاهات مستدامة وتخفي كثيرا من المعاناة والألم الذي يعيشه بعض أفراد المجتمع اليمني جراء هذه الظاهرة دون أدنى وعي بخطورة التعامل معها ونظرا لعواقبها الوخيمة على اليمن كافة قررت حينها الوقوف أمامها...
في السياق أعلنت وزارة الداخلية، والتي نفذت حملة منع حمل السلاح وإنهاء المظاهر المسلحة بعد حادثة مقتل شيخ من قبيلة بني ضبيان في وسط صنعاء، الأسبوع قبل الماضي، أنها منعت دخول أكثر من سبعة آلاف قطعة سلاح إلى المدن خلال الشهرين الماضيين، وضبطت أكثر من ألفي قطعة سلاح مخالفة خلال الفترة نفسها.
وأكد وكيل أول وزارة الداخلية، اللواء الركن محمد القوسي، بحسب موقع "سبتمبر نت"، أن الخطة تستهدف ضبط الأسلحة المخالفة ومنع حملها والتجول بها في المدن بهدف تعزيز الأمن والاستقرار والسلم الاجتماعي وتوفير الطمأنينة للمواطنين وأن الحملة الأمنية مستمرة في عواصم المحافظات والمدن الرئيسة وأجهزة الأمن لن تتهاون مع كل من يحاول المساس بأمن الوطن والمواطن وحذر كل من يخالف الإجراءات التي تقوم بها أجهزة الأمن لمنع حمل السلاح بأنه سيعرض نفسه للعقوبات قانونية.

عين الخطأ
ظاهرة حمل السلاح والتجول به أو حيازته ليست وليدة اللحظة. وفي هذا الصدد يتحدث المدير التنفيذي للمركز اليمني للدراسات التاريخية واستراتيجيات المستقبل (منارات)، عبد الرحمن العلفي، فيقول: "الظاهرة في بداياتها جزء من التراث الاجتماعي في مراحل متقدمة من التاريخ وحتى التاريخ الحديث والمعاصر، وكانت جزءا من القيم الاجتماعية المتعارف عليها في الأفراح والمناسبات والانتقال والتجوال، بالإضافة إلى أن البلد في فترات سابقة كانت بحاجة إلى من يحمي الثورة ويحرسها ويدافع عنها ويعزز دور المؤسسات الأمنية وعندما بدأت مؤسسات الدولة (أي الأمنية والقوات المسلحة) تقوم بدورها في توفير الأمن وحماية الوطن وتوفير عوامل الاستقرار النفسي والأمني، أصبح مبرر حمل السلاح غير منطقي وغير موضوعي. ومما لاشك فيه أن المؤسسات الأمنية حاليا تؤدي دورا كبيرا في هذا الجانب، برغم أنه لا يزال دورا محدودا وقاصرا وبالذات في المدن الثانوية ومعظم مناطق الريف".
وأوضح العلفي أن الإجراءات السابقة للتعامل مع الظاهرة كان فيها شيء من تعدد الجهات وهو عين الخطأ، حيث لم تكن واضحة كموقف يمثل الدولة خاصة في إصدار تراخيص حمل السلاح وهي مسألة تدل على فوضى وعدم وجود رؤية واضحة للدولة كمنظومة متكاملة.
دفاع رسمي
من جهته أكد عالم الاجتماع، البروفيسور حمود العودي، أنها من الظواهر القديمة الجديدة، وأنها مشكلة رسمية أكثر منها مشكلة مجتمع (مشكلة دولة وليست مشكلة مواطن) جازما كمتتبع وملامس في الجانب الاجتماعي بأن 80 بالمائة ممن يحملون السلاح ويتمنطقون به هم على صلة مباشرة بالجنود المجندة أو شبه المجندة.
ويسترسل العودي: "الدولة عندما تريد أن تحل مشكلة عليها أن تحل مشكلة نفسها أما المواطن حتى حينما يكون لديه قطعة سلاح فهو لا يحملها؛ لأنه منشغل بقوت يومه ولا يحملها إلا وفق اعتبارات أدبية وأخلاقية وبمعنى الزينة أكثر منها معنى العنف أو المواجهة".
إلى ذلك، قال مصدر أمني مسؤول -فضل عدم ذكر اسمه- إن وزارة الداخلية ألغت جميع تصاريح حمل السلاح الصادرة عن جهات أخرى كونها وحدها المخولة قانونا بذلك واستثنت التصاريح الموقعة من الوزير، موضحا أن الجنود الذين يذهبون لقضاء إجازة عمل لا يصطحبون أسلحتهم (بنادقهم) إلا بمذكرات رسمية من وحداتهم العسكرية وأن البطاقات العسكرية للضباط الذين يتجولون بأسلحتهم الشخصية (مسدسات) هي بمثابة تصريح بحد ذاتها.

آثارها على النشاط الاقتصادي
من جانبه يقول أستاذ الاقتصاد والتمويل المساعد بجامعة صنعاء الدكتور صلاح ياسين المقطري،: "لا يمكن عزل ظاهرة انتشار السلاح في المدن عنها في جميع مناطق اليمن، فالظاهرة تبعث الشعور بعدم الأمن وتقلق السكينة بين المواطنين، كما يعد الإنفاق على شراء الأسلحة واقتنائها إنفاقا استهلاكيا غير رشيد يؤدي إلى سوء تخصيص الموارد، فضلا على ما ينتج منها من ميل نحو الاقتتال والاحتراب وسيادة لغة القوة والعنف ويزيد من مشكلة الثارات، كما يستخدم في الأنشطة غير المشروعة قانونا كالنهب والسرقة والاختطاف والاغتصاب والبسط على الأراضي في ظل عدم اتخاذ إجراءات حازمة ضد من يقوم بذلك، بالإضافة إلى تحميل الدولة أعباء إضافية على الإنفاق في المجال العسكري والأمني للحد من هذه الظاهرة وآثارها بدلا من إنفاقها في المجالات الاستثمارية، كل ذلك يؤثر سلبا على النشاط الاقتصادي، فمثلا يؤدي إلى الحد من نشاط السياحة الداخلية والأجنبية وتقليص الاستثمار المحلي والأجنبي".
ويضيف المقطري: "ما حدث في عدن خلال الفترة القليلة الماضية مثال حي، فالسياحة الداخلية تقلصت إلى حد غير مسبوق، وكذلك الحال بالنسبة للسياحة الأجنبية، وما رافق ذلك من تقلص في النشاط الاقتصادي بشكل عام. وكما نعرف فحدث رياضي مثل خليجي 20 من المفترض أنه سيعود إيجابا على زيادة النشاط الاقتصادي، إلا أننا نلحظ أن ما ينفق على هذا الحدث في الجانب الأمني يجعل تكلفته أكثر مما سيعود على اليمن من مردود اقتصادي وذلك بسبب الشعور بعدم الأمن".

دوافع ونتائج
هناك أيضا دوافع أخرى للمواطنين، بالإضافة إلى ما ذكره العودي بحسب عبد الرحمن العلفي، والذي يؤكد أن مبرر حمل السلاح هو شعور المواطنين بالخوف وبأن المؤسسات الأمنية لا تؤدي دورها كما ينبغي وظاهرة الثأر في شوارع العاصمة والمدن الرئيسية والأرياف جميعها وغيرها أسباب ودوافع تضطر الكثيرين لحمل السلاح للدفاع عن أنفسهم إلى جانب الاستثناءات فيما يتعلق بالتصاريح الرسمية كونها أخطر ما في الأمر، حد قوله، إلى جانب غياب برامج التوعية للمواطنين بأهمية عدم التمنطق بالسلاح كظاهرة اجتماعية وإلغاء أي مظهر من مظاهر الاهتمام بالسلاح كقضية للحماية والدفاع عن الذات.
وهناك أيضا أسباب اقتصادية لحمل السلاح -بحسب "المقطري"- المقطري كحماية الممتلكات الخاصة، أو نهب حق الغير بالتهديد أو المشاركة في بعض الأنشطة الاقتصادية الطفيلية، إلا أن أسبابها ثقافية واجتماعية وسياسية.
وبالنظر إلى النتائج المترتبة على الظاهرة إضافة إلى ما سبق فهي كثيرة جدا ومدروسة وملموسة في كافة الأماكن، بحسب البروفيسور حمود العودي، مضيفا: "أبسط الانفعالات الشخصية والشجارات ينجم عنها كارثة، نهاية إنسان، حتى الأطفال وتلاعبهم بالسلاح والأصدقاء يقتلون بعضهم بعضا، وبالمثل يستعمل السلاح في حالة النزاع القبلي والثأر فكل هذه وغيرها كوارث والسلاح كارثة بحد ذاته".

بالقانون لا بالبقر
وفي الوقت الذي يؤيد فيه العودي قرارات منع حمل السلاح أو التجول به، منوها بأن النجاح المأمول منها لن يتأتى إلا بإيجاد قضاء عادل وبات في حقوق الناس وتأمينهم وأجهزة دولة نافذة بالقانون وليس بالبقر والغنم؛ كونه الكفيل بنجاحها حتى لا تذهب حيث ذهبت كل القرارات السابقة في عالم النسيان؛ يرى العلفي أن ضمان نجاح الإجراءات الحالية لوزارة الداخلية تتمثل في أن تلتزم القيادات العليا في الحكومة ممثلة بالوزراء ونوابهم والوكلاء وأعضاء مجلس النواب والشورى ومن في حكمهم بتطبيق القانون وأن يكونوا القدوة والمثل الأعلى، وهو ما سينعكس إيجابا على السواد الأعظم من المواطنين والمشايخ والأعيان والشخصيات الاجتماعية وغيرهم واتخاذ الإجراءات الرادعة والعقوبات الشرعية لكل من يهدر أمن العاصمة أو أمن الأسواق والطرق المهجرة وأن تتدخل الدولة وبكل قوة أينما وجدت حالات الاقتتال بين القبائل والأسر والقرى المختلفة لتعزيز حالة الاستقرار والسكينة والسلام الاجتماعي.
ويضيف المقطري: "لا يمكن الحد من هذه الظاهرة إلا بانتشار أمني يشمل جميع مناطق الجمهورية وتكثيفه في المناطق التي يزداد فيها حاملي الأسلحة، والإجراءات التي تتخذها وزارة الداخلية لا تعدو كونها مجرد إيحاء للعالم الخارجي بأن الدولة تسعى إلى الحد من ظاهرة انتشار الأسلحة، وكما نعرف جميعا أن حصر تصريح حمل السلاح بالوزير لا يعنى الحد من انتشارها، كما أن رسائل الموبايل لن تلقى تجاوبا من المواطنين ما لم يتم اتخاذ إجراءات على ارض الواقع بالتفتيش ومصادرة ومعاقبة كل من يحوز السلاح وأن يشمل التنفيذ الجميع دون استثناء ويمكن إيجاز عمل السلطات مع هذه الظاهرة خلال السنوات الماضية: نسمع جعجعة ولا نرى طحينا".
ويؤكد المقطري أنه إذا لم يتم الحد من انتشار حمل السلاح وتنظيم حيازته بحيث يصبح حمله محدودا ومحصورا بالحالات التي تستدعي الحماية الذاتية، وقصره على الأسلحة الخفيفة، فإن الوضع الأمني في البلد سيزداد سوءا، مما يثير القلق لدى العامة، وسيصبح من الصعب على الدولة تحقيق وتوفير الأمن للمواطنين والذي سيلقي بظلاله على وضع اقتصادي واجتماعي غير مستقر وسيجعل بيئة تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية وثقافية امرأ صعبا وبعيد المنال، حد قوله.

انطلاقة دولة المؤسسات
إلى هنا والصورة واضحة. وبالعودة للمصدر الأمني السابق يرد قائلا: "للأسف الشديد أن قانون تنظيم وحيازة حمل السلاح لم يقر ولم يناقش حتى اليوم ومازال متعثرا في مجلس النواب، فضلا عن أنه لم يدرج ضمن جدول أعمال المجلس نتيجة معارضة بعض القوى التي لا تحبذ منع حمل السلاح أو التجول به وتهدف بذلك إلى تعزيز فوضى السلاح الموجودة في بعض المديريات".
وأضاف: "وبالعكس فالدور الأمني متكامل للعواصم والمدن الرئيسية وليس قاصرا كما يعتقد البعض، إلا أن بعض الشخصيات والوجاهات في بعض المديريات هي نفسها التي تعرقل صدور القانون والذي سيكون عقب صدوره الانطلاقة لبناء دولة المؤسسات، كونه النافذة الوحيدة للقضاء على هذه الظاهرة الخطيرة".
وأكد أن اللائحة التنفيذية الجديدة للقانون التي أعدتها وزارة الداخلية نظمت عملية الاستثناءات بالنسبة لحمل السلاح من قبل قيادات المؤسسات العامة للدولة وحصرت حمل البندقية على المرافقين للشخصيات الاعتبارية في الدولة.

لسنا في حالة طوارئ
ويكشف المدير التنفيذي لـ"منارات"، عبد الرحمن العلفي، عن زاوية أخرى لا تقل أهمية ولها صلة بنجاح الحملة الأمنية، فيقول: "يجب أن تضع المؤسسة الأمنية في الاعتبار أن يكون لدى القائمين على تنفيذ الحملة قدر من الثقافة والوعي وحسن التعامل مع الناس والتفكير السليم في منافذ معقولة، لا أن يتم إغلاق معظم شوارع العاصمة أو غيرها من المحافظات بحجة الإجراءات الأمنية. ولا بد من حسن التفكير والتدبر، لا أن يظلوا في حالة استفزاز للمجتمع؛ كوننا لسنا في حالة طوارئ ولم تبلغ حالة الاختلال الأمني إلى هذه الدرجة، فالحالة الأمنية بحاجة إلى دراسة موضوعية وإلى رجال صادقين وإدارة وتنفيذ الخطط الأمنية بشكل سليم فجميعنا مستعد أن يضحي بحياته من أجل استتباب الأمن والاستقرار"، داعيا وزير الداخلية لإعادة النظر في تلك الإجراءات وأن يعمل بالتنسيق مع رئاسة الوزراء لاتخاذ قرار في الترتيبات الأمنية المتعلقة بحالة السلم الأهلي داخل العاصمة وغيرها من المناطق وأن يضعوا وسائل لتنمية الوعي وتقديم الحيثيات والمبررات للمواطنين حول هذا الإجراء أو ذاك والشكوك حول القضية كذا وكذا واستخدام وسائل علمية أكثر حداثة وموضوعية واحترام لمشاعر المواطنين".
وفي رده على ذلك أوضح المصدر الأمني أن تلك النقاط تهدف إلى منع دخول الأسلحة والأشياء الممنوعة إلى عواصم المحافظات للصالح العام وحفظ الأمن والاستقرار وأنهم لم يتلقوا أي شكاوى من مواطنين تفيد بأنهم تعرضوا للأذى من أي نقطة، مشيدا في ذات الوقت بتعاون المواطنين في مختلف المحافظات في هذه الخطة، مبينا أن أسواق ومحلات بيع الأسلحة تم إغلاقها ولا يوجد تصريح لمحل تجاري لبيع السلاح لكنه لم ينفي عدم جود بيع للأسلحة عن طريق السر.

النزاعات الشخصية تتسبب في ارتكاب 7917 جريمة مختلفة

بحسب إحصائية أمنية احتلت النزاعات الشخصية المرتبة الأولى بين أسباب الجرائم خلال النصف الأول من العام الجاري 2010 وكانت دافعا لارتكاب 7917 جريمة مختلفة منها 3153 جريمة إيذاء عمدي خفيف و1082 شروعا بالقتل و 901 جريمة واقعة على الأشخاص والأسرة و789 عاهة مستديمة و875 جريمة واقعة على الأموال و103 حرائق وتفجيرات عمدية و33 اختطافا و19 جريمة قطاع قبلي و76 نهب ممتلكات و25 سرقة بالإضافة إلى جرائم أخرى.
وجاء الكسب المادي في المرتبة الثانية حيث كان دافعا لارتكاب 6132 جريمة مختلفة يليه الإدمان بعدد 1066 جريمة ثم الانحراف الأخلاقي بعدد 790 جريمة والثأر 186 جريمة والخطأ 159 جريمة وأخيرا الفقر بعدد 56 جريمة.
وفي حين لم تسجل أي جريمة تم ارتكابها دفاعا عن النفس خلال ذات الفترة أشار متخصصون وأكاديميون إلى أن الأرقام الواردة أعلاه ليست إلا مؤشرا على وجود هذه المشاكل، وأن ما لم يبلغ عنه الجهات الرسمية يفوق الرقم الرسمي أضعافا مضاعفة موضحين أن أبرز تلك الجرائم استخدمت فيها الأسلحة النارية.

دراسة: 99 مليون قطعة سلاح في اليمن ويجب تفعيل دور القضاء في حل النزاعات

قدرت دراسة ميدانية اجتماعية موسومة بـ"الأسلحة الصغيرة في اليمن" أعدها الأستاذ المساعد بقسم علم الاجتماع بجامعة تعز الدكتور عبد السلام الحكيمي، عدد الأسلحة في اليمن بحوالي 9 ملايين و981 ألفا و499 قطعة سلاح ناري.
وأشارت الدراسة إلى أن عدد الأفراد الذين يمتلكون الأسلحة 1267 شخصا من إجمالي أفراد العينة البالغ عددها 2083 شخصا من مختلف محافظات الجمهورية، وأن نسبة الملكية بشكل عام لدى جميع أفراد المجتمع المبحوث بلغت حوالي 608 بالمائة؛ ما بين كل مائة أسرة هناك 60 - 61 تمتلك السلاح الناري.
وقارن الباحث هذا الرقم مع عدد سكان اليمن بحسب تعداد 2004 وخلص إلى أن الغالب أن يكون لدى اليمن حوالي 5 ملايين و43 ألفا و174 قطعة سلاح ناري صغيرة، مبينا أنه لو أضيف إلى هذا العدد التقديرات التي وضعها الباحث ديريك ب. ميلر، والتي قدرت ما يمتلكه المشايخ بـ184 ألف قطعة سلاح إلى جانب 30000 قطعة متواجدة في الأسواق بالإضافة إلى ما يقدر بحوالي مليون و500 ألف قطعة سلاح ناري يدخل ضمن ممتلكات الدولة لوجدنا أن لدينا تقريبا 6 ملايين و757 ألفا و174 قطعة سلاح صغيرة في اليمن.
ولم يكتفِ الباحث الحكيمي بذل، بل طرح أنه لو تم الافتراض أن كل أسرة يمنية تملك سلاحا ناريا صغيرا وفي كل أسرة يوجد ثلاثة أشخاص من الذكور ممن يفترض أن في حوزتهم سلاح ناري سيصبح لدينا بعد ضرب إجمالي الأسر في ثلاثة حوالي 8 ملايين و267 ألفا و499 قطعة سلاحا، وبإضافة الرقم الذي أورده ميلر إلى الرقم السابق سيصبح في اليمن حوالي 9 ملايين و981 ألفا و499 قطعة سلاحا ناريا.
وأكدت الدراسة أن الأسباب المؤدية إلى حيازة الأسلحة النارية من قبل أفراد العينة المبحوثة: للدفاع عن النفس بنسبة 447 بالمائة وللشعور بالأمان عندما يكون السلاح بحوزتهم 28 بالمائة ولكي يتم استخدامه عند الحاجة 116 بالمائة ولكونه مُهماً بسبب المشاكل والثارات التي لديهم 27 بالمائة وللحماية والزينة 112 بالمائة وضروريا 27 بالمائة وسلاحا شخصيا 48 بالمائة، وللزينة 06 بالمائة هذا بالنسبة للحضر فيما مبررات الحيازة في المجتمع الريفي جاءت نسبة 605 بالمائة للدفاع عن النفس تفاوتت النسب البقية.
وأظهرت الدراسة عدة عوامل ساهمت في حيازة وانتشار الأسلحة النارية، منها: ضعف القضاء في تطبيق وتنفيذ القوانين، وعدم وجود حلول لإنهاء ظاهرة الثأر وانتشار حمل السلاح، والعادات والتقاليد الاجتماعية التي لها من الضغط والإلزام على الأفراد من أتباعها وعدم قدرتهم على الابتعاد عنها وغيرها.
وفيما يتعلق بالأضرار المترتبة على الظاهرة فتتمثل -بحسب الدراسة- في أنها تترك أضرارا بشرية بنسبة 951 بالمائة وأضرار نفسية على الأسرة والطفل بنسبة 712 بالمائة، وكذا أضرارا مادية تتمثل في الاستيلاء على الأراضي والنهب والتقطع في الطرقات للسيارات بنسبة 781 بالمائة، منوهة بأن أهم مصدر لشراء الأسلحة عند أفراد العينة تمثل في أسواق السلاح بنسبة 736 بالمائة والتجار المعروفين في المدن والمديريات بنسبة 236 بالمائة فيما تحصل 12 بالمائة على أسلحتهم لكونهم ينتمون إلى القوات المسلحة والأمن.



حلول لظاهرة الثأر
وأوصت الدراسة بضرورة القيام بالحملات الوطنية المختلفة الحكومية والأهلية الخاصة بتوعية الأفراد من أضرار ظاهرة الثأر وكذا بالأضرار الناتجة عن ذلك وحظر استعمال السلاح في أوقات الأفراح والمناسبات وتفعيل دور القضاء في حل النزاعات بين الأفراد والإسراع في تفعيل الدعوة الرئاسية بتقديم الحلول النهائية لظاهرة الثأر والدفع بالاستمرار في الصلح العام الذي اتخذته بعض القبائل استجابة لهذه الدعوة لدى كافة القبائل اليمنية.
كما أوصت بتعديل وتفعيل القانون رقم 40 لسنة 1992 الخاص بحيازة الأسلحة الصغيرة وحضر حيازتها في كافة المدن اليمنية بدون استثناء والعمل على إغلاق الأسواق الخاصة ببيع الأسلحة والتشديد على جميع المنافذ مع الدول المجاورة الحدودية البرية والبحرية لمنع تهريب دخول الأسلحة إلى اليمن.
ودعت إلى أهمية التشديد في إعطاء الرخص الخاصة بحيازة السلاح للمواطنين وتطوير قانون الإدارة المحلية لترسيخ مفهوم الدولة في المناطق القبلية ورفع حجم العقوبات المرتبطة بتجارة السلاح وشراء الذخائر من الأسواق والتجار والمحلات الصغيرة العشوائية.
وأكدت الدراسة أن المجتمع اليمني ضمن المجتمعات التي تتميز بانتشار الأسلحة الصغيرة فيها لعوامل اجتماعية وثقافية وسياسية ساهمت في استمرارية الظاهرة وأن فترة التسعينيات من القرن الماضي شهدت انتشارا لهذه الظاهرة خارج الحدود القبلية، تجسد ذلك برؤية حمل السلاح في العديد من المدن الرئيسية التي لم تشهد انتشارا لها في الفترة السابقة، مما ساعد على ارتفاع عدد الضحايا نتيجة لسوء الاستعمال من قبل البعض.

(السياسية) ـ غمدان الدقيمي:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق