الجمعة، 31 ديسمبر 2010

عميد كلية المجتمع بصنعاء الدكتور نبيل الصهيبي: على الحكومة أن تتبنّى سياسة جادة في دعم التعليم الفني والمهني


عميد كلية المجتمع بصنعاء الدكتور نبيل الصهيبي:
لقاء: غمدان الدقيمي

قال عميد كلية المجتمع في صنعاء، الدكتور نبيل الصهيبي، إن أبرز الإشكاليات التي يواجهها التعليم الفني والمهني تتمثل في: نظرة المجتمع القاصرة حيث يُنظر إليه بنظرة ثانوية، نقص التجهيزات والكادر المؤهل والمتمكن وعدم توفّر البنية التحتية.
وأشار الصهيبي في حوار لـ"السياسية" إلى أن هذا النوع من التعليم قادر على أن يرفد سوق العمل المحلي والخارجي بكوادر مؤهلة إذا توفّرت الإمكانيات، مطالبا الحكومة بأن تتبنّى سياسة جادة في دعم التعليم الفني والمهني.
فإلى تفاصيل الحوار:
*حدثنا في البداية عن نشاط كلية المجتمع وخلفية مختصرة عن التأسيس والأهداف؟
ـ في البداية أرحب بصحيفة "السياسية" وأتمنّى لها مزيدا من التطور والإبداع، ويمكن القول إن نظام كليات المجتمع أو فكرة تأسيسها ظهرت لأول مرّة في الولايات المتحدة الأميركية مطلع خمسينيات القرن الماضي، ولذلك فهذا النظام مقتبس من التجربة الأميركية، ويهدف إلى رفد سوق العمل بالكوادر المتدربة والمؤهلة والتي يحتاج إليها سوق العمل.
والبداية الحقيقية لنشأة كليات المجتمع في اليمن تعود إلى عام 1996، حيث أصدر فخامة رئيس الجمهورية القانون رقم 5 بشأن إنشاء كليات المجتمع وأُنشئت كلية المجتمع صنعاء في العام 2000 لتحقيق عدّة أهداف، أبرزها: تطوير التعليم التقني وتحديثه بما يتناسب ومتطلبات التنمية، وبشكل عام فالهدف من هذا النوع من التعليم بما فيها كليات المجتمع هو تأهيل وتدريب الكوادر التي يحتاج إليها سوق العمل تأهيلا عمليا ونظريا بما يتواكب مع متطلبات سوق العمل واحتياجاته.

13 تخصصا مختلفا

*هل تواكب مُخرجات الكلية احتياجات ومتطلبات سوق العمل؟ وما هي التخصصات المتوفِّرة لديكم، وإجمالي المقبولين من الطلاب (الطاقة الاستيعابية) على موجب بيانات العام الدراسي الجاري، 2010-2011؟
ـ كما أشرت في البداية إلى أن الهدف الرئيسي الذي نشأت من أجله كليات المجتمع هو دراسة احتياجات سوق العمل من الكوادر، وهذا ما يتم بالفعل في كلية المجتمع صنعاء إذ يقوم قطاع سوق العمل في وزارة التعليم الفني والتدريب المهني بدراسة احتياجات السوق، ونحن على ضوء ذلك نفتتح التخصصات ونعد الكوادر التي يتطلبها السوق.
وكلية المجتمع صنعاء تمتلك بنية تعليمية وتطبيقية متكاملة وتضم 13 تخصصا مختلفا، منها: تكنولوجيا هندسة الأجهزة والمعدات الطبية وتكنولوجيا هندسة الإلكترونيات والكمبيوتر والسيارات والتبريد والتكييف وإدارة مكاتب وهندسة الشبكات والتكنولوجيا الهندسية وإدارة نظم معلومات الأعمال وغيرها.
وهذا يُعد إنجازا إذا ما قارناه بالوضع الاقتصادي للبلد. أما بالنسبة للطاقة الاستيعابية لهذا العام فقد حددها مجلس الكُلية بـ500 طالب وطالبة للدبلوم و40 طالبا وطالبة في البكالوريوس التطبيقي، وهذا ما تم برغم أن المتقدِّمين أكثر من ذلك بكثير. وحددت معدلات القبول 60 بالمائة للدبلوم و80 بالمائة للبكالوريوس، بالإضافة إلى امتحان قبول في مادتي اللغة الانجليزية والرياضيات، ونسعى كل عام إلى زيادة عدد الطلاب المقبولين بحسب الإمكانيات المتاحة، وبما لا يؤثر على جودة المخرجات؛ كون ذلك أحد الأهداف الرئيسية لكليات المجتمع.
أيضا فيما يتعلق بمواكبة مُخرجات الكلية لاحتياجات سوق العمل واحتياجات التنمية الاقتصادية والاجتماعية نود الإشارة إلى أن هناك دراسة قام بها البنك الدولي دراسة اقتفاء الأثر لمخرجات كليتي المجتمع صنعاء وعدن وخلصت إلى أن 85 بالمائة من مخرجات الكليتين في الدُّفع الأربع الأولى التحقت بسوق العمل، وأصحاب العمل راضون عن معارفهم ومهاراتهم، وكلية المجتمع صنعاء ترفد سوق العمل عاما بعد عام بالكوادر المؤهلة تأهيلا كاملا، وبشهادة عدة جهات ومنها القطاع الخاص.

إدارة الجودة

*وماذا عن توفّر التجهيزات في المعامل، ومدى حداثتها، وكذا المناهج الدراسية في الكلية؟
ـ حقيقة، تمتلك الكلية المعامل والورش التي تتيح للطلاب التطبيق فيها بالشكل المطلوب. وهي من أفضل الكليات على مستوى اليمن. وتعد النموذج من حيث التجهيزات وتوافر الكوادر. ونسعى للحصول على الاعتمادات الدولية من خلال المنظمة البريطانية (بيرسون وايدكسل)، والتي عملت على إيفاد فريق الكلية للتدريب في كليات المجتمع في أوربا والشرق الأوسط. وأشار تقريرهما الأولي إلى أن كلية المجتمع صنعاء تحتل مرتبة جيّدة جدا. ولا زلنا في إطار استكمال بعض البنى التحتية. ونتيجة لتميُّزنا أصبحنا ومنذ خمسة أشهر أعضاء في منظمة "سي. سي. آي. دي"، والتي تضم 180 كلية مجتمع في العالم ومقرها في الولايات المتحدة الأميركية، وتتيح للأعضاء فيها فرصة للتطوير المستمر في المناهج الدراسية بما تتطلبه متغيِّرات السوق نتيجة تطوّر العلوم والتكنولوجيا وتأهيل الكادر الأكاديمي.
وحرصت الكلية على استحداث إدارة التطوير والجودة بهدف تطوير وتحديث المناهج الدراسية بما يواكب العصر ووجّهت العمادة بإعادة النظر في المنهج المقرر لمادتي الرياضيات واللغة الإنجليزية والعمل على استحداثها بما يلائم التطوّر العلمي والتكنولوجي ويتناسب مع احتياجات سوق العمل.

لا يصدِّقه العقل
*لكن يشكو عدد من الطلاب من أن غالبية الكادر التعليمي والتدريبي في الكلية هم معيدون من خريجي الكلية وذوي مستويات متدنية، وبالتالي ليسوا متمكنين من تأدية دورهم بالشكل الأمثل (فاقد الشيء لا يعطيه)، ماذا تقولون بهذا الشأن؟
ـ تضم الكلية كادرا متميِّزا منهم خريجو جامعات عالمية ممن يحملون الدكتوراه، والماجستير والبكالوريوس، صحيح لدينا معيدون من خريجي الكلية وعمدنا إلى التركيز على الأوائل من الطلاب، وهم كادر متميِّز ومؤهل تماما.

*البعض من الطلاب أيضا مستاءون من عدم الاستفادة المثلى من التدريب العملي في المعامل؛ كونها مغلقة في أغلب الأوقات ما تعليقكم على ذلك؟
ـ هذا الكلام لا يمكن أن يصدّقه العقل وغير صحيح. فنسبة التطبيق العملي يصل إلى 75 بالمائة في درجات البكالوريوس، وبعض المواد أكثر من ذلك، خصوصا وأن نظام كلية المجتمع يتركّز أكثر في الجانب العملي، بعكس الجامعات النظرية.

لا يوجد كادر متمكِّن

*ما هو تقييمكم للتعليم الفني والتدريب المهني في اليمن؟ وما هي أبرز الإشكاليات التي يواجهها؟ وهل مخرجاته قادرة على تلبية احتياجات ومتطلبات سوق العمل المحلي والخارجي؟
ـ واقع التعليم الفني والمهني تعكسه نظرة المجتمع اليمني له، والتي تُعد -للأسف الشديد- قاصرة، حيث يُنظر إليه نظرة ثانوية، وهذا خطأ كبير، خصوصا وأن التعليم الفني والمهني له أهمية كبيرة تتمثل في رفد سوق العمل بالكوادر المؤهّلة والمدرّبة. وتكمن أبرز الإشكاليات التي يواجهها في نقص التجهيزات والكادر وعدم توفّر البنية التحتية، وهو ما يحول دون افتتاح تخصصات جديدة يتطلّبها سوق العمل، مع أننا في كلية المجتمع صنعاء نسعى إلى تأهيل الكادر. ابتعثنا أحد عشر منهم العام الماضي لدراسة الماجستير والدكتوراه في الخارج، ومستمرون في ذلك. لكن المشكلة لا زالت قائمة في التعليم الفني حيث لا يوجد كادر متمكِّن من القيام بدوره بالشكل المطلوب.
طبعا هذا النوع من التعليم قادر على أن يرفد سوق العمل المحلي والخارجي بكوادر مؤهّلة إذا توفّرت الإمكانيات، وبالتالي يجب على الحكومة أن تتبنّى سياسة جادة في دعم التعليم الفني والمهني. فعظيم أن نفتتح كلية مجتمع أو معهدا فنيا، ولكن يجب أن نوفِّر البنية التحتية لها.

*من الملاحظ أن هناك تدنيا في الإقبال على هذا النوع من التعليم. فنسبة الملتحقين به 267 بالمائة من مجموع 213 ألفا و816 طالبا يلتحقون بالتعليم الثانوي. وكذا نسبة 1066 بالمائة من مجموع 35 ألفا و880 طالبا، يلتحقون بالجامعات، إلى ماذا تعزون ذلك؟ وما هي الأسباب؟
ـ كما قلت سابقا، المجتمع اليمني بشكل خاص والمجتمع في الشرق الأوسط بشكل عام ينظر للتعليم الفني والمهني نظرة ثانوية، ولذا يتدنّى الإقبال عليه، فضلا عن أن غالبية الطلاب الملتحقين به هم ممن لم يتمكّنوا من الالتحاق بالجامعات.
ولكن عندنا في كلية المجتمع صنعاء يحدث العكس، حيث تشهد الكلية إقبالا كبيرا للالتحاق بها في حين طاقتها الاستيعابية صغيرة جدا، وهذه إحدى الإشكاليات التي تواجهنا. فمثلا: بلغ عدد المتقدمين في الكلية خلال العام الدراسي، 2009-2010، 1452 طالبا وطالبة، بينما بلغ عدد المقبولين فقط 426 منهم 321 ذكورا و105 إناث، وكذلك الحال في بقية الأعوام. صحيح أن هذه حالة جيدة بالنسبة للكلية وللتعليم الفني، ولكنها تتطلب وجود كُليات أخرى لاستيعاب الأعداد الهائلة من الطلاب.

عدم تفاعل القطاع الخاص

*ما مدى تعاون القطاع الخاص مع الكلية وتقييمكم لدوره في دعم برامج التعليم الفني والتدريب المهني بشكل عام؟
ـ للأسف الشديد، إحدى أهم الإشكاليات التي يواجهها التعليم الفني في اليمن هي عدم تفاعل القطاع الخاص وعدم تقديمه أي دعم أو تشجيع. وبرغم وجود عدد من الممثلين للغرف التجارية والصناعية أعضاء في المجلس الأعلى لكليات المجتمع، لكننا لا نجد الجدِّية من هذا القطاع، في حين أن القطاع الخاص في البلدان المتقدِّمة هو المموّل والداعم الرئيسي للتعليم الفني، وتقوم على أكتافه كُليات المجتمع ويتبنّى برامجها و....الخ.
على سبيل المثال: نحن في كلية المجتمع صنعاء راسلنا عددا من الشركات الخاصة بهدف أن تتبنّى استقبال طلاب المستوى الثالث (دبلوم)، بحيث يكون جزء من مشاريع تخرجهم عمليا في شركات القطاع الخاص، ولكن لا يوجد أدنى اهتمام من قبل هذا القطاع لدعم مثل هذه البرامج، ولم نلق التجاوب المأمول. ولذلك وعبر "السياسية" ندعو القطاع الخاص في بلادنا إلى أن يحذو حذو القطاع الخاص في البلدان المتقدِّمة.

إشكالية الأجور

*ما هي أبرز الصعوبات والإشكاليات التي تواجهكم في الكلية؟ وما المطلوب لتجاوزها؟
ـ أبرز إشكالية تتمثل في الأجور والمرتبات. فأجور ومرتبات الكادر الأكاديمي في كليات المجتمع غير متساوٍ مع زملائهم في الجامعات الحكومية، وهذه تسبب لنا إشكالية كبيرة. وسبق وأن رفعنا إلى رئاسة الوزراء ووزيري المالية والخدمة المدنية والتأمينات بأنه لا يُعقل أن يأتي أكاديمي من محافظة صنعاء إلى بني حشيش، حيث تقع كلية المجتمع صنعاء، ليُعلّم أو يدرِّب الطلاب مقابل 400 ريال في الساعة؛ كون ذلك ينعكس سلبا على مستوى التعليم في الكلية بشكل عام، ولذلك نضطر إلى التعاقد مع أشخاص يقبلون بمثل هذا الوضع.
ولكن إذا كُنا جادين في أن نجعل التعليم الفني أداة رفد لسوق العمل يجب أن نوفِّر المناخ المناسب للأكاديميين والموظفين والعاملين في هذه المؤسسات إلى جانب ما سبق ذكره.

*برأيك، كيف يمكن النهوض بواقع التعليم الفني والتدريب المهني؟
ـ بالعمل على مُعالجة الإشكاليات السابق ذكرها، وأن تلعب وسائل العلام دورا أساسيا في النهوض بواقع هذا النوع من التعليم من خلال برامج التوعية بماهية وأهداف هذا التعليم، وإجراء دراسات تحدد احتياجات سوق العمل.
مركز معتمد عالمياً

*ما هي طموحاتكم المستقبلية في كلية المجتمع صنعاء؟
ـ طموحاتنا كبيرة وكثيرة جدا، أبرزها: تلبية الاحتياجات التي وجّه بشأنها فخامة رئيس الجمهورية المتمثلة برفد سوق العمل الخليجي بـ100 ألف عامل يمني في عدّة مجالات، وهو الأمر الذي بدأت بالمُضي فيه وزارة التعليم الفني وكلية المجتمع صنعاء، حيث تم تدريب 13 مدرِّباً يمنياً من العاملين بالكلية من قبل خُبراء بريطانيين متخصصين من شركة "بيرسون" العالمية التي تعتبر الأولى عالمياً في تصميم المناهج والبحوث التعليمية لمختلف المستويات والتخصصات، وكذا تدريب 1024 متدرباً من العمالة اليمنية من مختلف الجهات والمؤسسات العامة والشركات الخاصة في مجال الصحة والسلامة والبيئة في قطاع الإنشاءات، ضمن البرنامج التدريبي (العمل بفاعلية وأمان في عمل المقاولات)، الذي نفذته مؤخرا وزارة التعليم الفني والتدريب المهني ممثلة بكلية المجتمع – صنعاء بالشراكة مع منظمة "صلتك القطرية"، وسيحصل المتدربون بموجب ذلك على شهادات عالمية ستتيح لهم الحصول على وظيفة سواء في دول مجلس التعاون الخليجي أو في أوربا أو أمريكا إلى جانب أنه تم اعتماد كُلية المجتمع – صنعاء كمركز معتمد عالمياً من منظمة "إيديكسل" البريطانية العالمية التي تعتبر الأولى في بريطانيا في اعتماد الجامعات والكليات والمعاهد ومراكز التدريب في العالم.
كما تم الاتفاق فيما بين الكلية ومنظمة "صلتك" على أن تكون المرحلة الثانية من برنامج التدريب حول المهارات الأخرى كالنجارة والحدادة والكهرباء وغيرها، وجميعها تنفيذ للأولية الحكومية الثانية (توظيف 100 ألف يمني في الخليج)، ضمن الأوليات العشر التي وجّه فخامة رئيس الجمهورية الحكومة بتبنيها وتطبيقها.

(السياسية)ـ غمدان الدقيمي:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق