الثلاثاء، 21 أبريل 2009

ماذا يريد المعلمون في يومهم العالمي؟

تحتفل وزارة التربية والتعليم، غدا الأربعاء 22 من إبريل، بيوم المعلم، والذي سيتم فيه تكريم عدد من المعلمين."السياسية" استطلعت آراء عدد من المعلمين والمهتمين تزامنا مع هذه المناسبة، وتسلط الضوء حول الإشكاليات التي يعاني منها المعلم، وبعض القضايا المتصلة بسير العملية التعليمية والتربوية وسُبل معالجتها.

في البداية تحدث لـ"السياسية" عز الدين جازم ـمعلم في منطقة ريفية- مشيرا إلى أن تكريم المعلم لا بُد منه وضرورة لهذه الشريحة التي تُعد محور تنمية المجتمعات والدول، ويرى أن التكريم الحقيقي هو إعطاء المعلم كافة حقوقه الكاملة غير منتقصه، دون منٍ أو أذى.ويوافقه الرأي عبده راشد غانم ـمعلم بإحدى مدارس أمانة العاصمة- الذي أشاد بوزارة التربية والتعليم، وقال إنها بذلت جهدا جبارا للاهتمام بالمعلم، وإن تكريم المعلم في 22 من أبريل الجاري ليس إلا دليل على ذلك، برغم أنه أوضح أن التكريم واجب رئيسي على الوزارة؛ لما يبذله المعلم من جهود في سبيل الارتقاء بالعملية التعليمية.وأعتبر غانم أن هناك عدة قضايا ما زالت تواجه المعلم اليمني، وينبغي الوقوف أمامها، وتذليلها منها -حد قوله- ك "الاعتداء من قبل أولياء الأمور على المدرسين"، وكذلك "الاعتداء على مدراء المدارس" وهو ما يؤدي إلى إضعاف دور المعلم وشعوره بالإحباط مما ينعكس ذلك على العملية التعليمية برمتها. وهناك قضايا عديدة مطروحة أمام الجهات المختصة في أمانة العاصمة، جميعها تختص بما يتعرض له المعلمون والمدراء من اعتداءات -حسب قوله.

ويؤكد عز الدين جازم أن هناك عدّة إشكاليات تعترض العملية التعليمية في اليمن، منها: تفشي ظاهرة الغش المنظّم والمدعوم، مما جعل الطالب غير حريص على التحصيل العلمي والانتقائية في التعيينات تماشيا مع النظرة السياسية عند تعيين الإداريين الذي تسبب -حد قوله- بضعف الجوانب التربوية والتعليمية داخل المدارس، إضافة إلى دور الأسرة الغائب تماما، والتي لا تعلم شيئا عن مستوى أولادها، وأخيرا النظرة القاصرة في فهم العملية التربوية والتعليمية لدى كثير من فئات المجتمع، حيث يقدّم الجانب التعليمي على التربوي برغم أن التسمية "التربية والتعليم".

ضعف معيشة وقلة مرتبات
lن جهتها تقول مديرة مدرسة الشهيد "حسان حرمل" بأمانة العاصمة، لطيفة الغيثي، إن المعلم يقوم برسالة عظيمة، وهي رسالة الأنبياء، وأن تكريم المعلم معناه تكريما وتقديرا لدوره العظيم في المجال التربوي، وأن اللفتة الكريمة التي تقوم بها وزارة التربية والتعليم في هذا المجال تكمن أهميتها في إعطاء حافز، والاستمرار بدور المعلم التربوي لإخراج مخرجات تعليمية ممتازة وسليمة، وتفترض أن يُشجّع المعلم أكثر مما هو قائم "يوم المعلم". وعن أهم القضايا التي يواجهها المعلم في اليمن، أكدت الغيثي بالقول: "نجد أن البعض من المعلمين يشتكون من عدم حصولهم على طبيعة العمل، لكن في مدرستنا جميع المدرسين حصلوا على بدل طبيعة العمل، إلا أن هذا ما زال غير كافٍ، خصوصا وأن هناك معلمين مستأجرين منازل في المُدن، وعليهم التزامات"، وترى أن المطلوب من الوزارة إجراء دراسة تبيّن الوضع المالي للمعلم .

تمكينه من كافة حقوقه من جهته أكد وكيل مدرسة الشهيد "حسان حرمل" بأمانة العاصمة، نعمان العمراني، أن التكريم له دور فعّال في نفسية المعلم وفي أدائه لعمله الوظيفي؛ كونه اعترافا صارخا بأنه يبذل جهدا.

وعن المعوقات التعليمية، قال العمراني إنها كثيرة منها: -على سبيل المثال لا الحصر- حرمان البعض من طبيعة العمل، والزيادة الدورية على المرتب، وهي مما لا خلاف عليه تؤثر تأثير سلبيا على المعلم وأدائه التعليمي. فالعائد المادي والحرص على الاهتمام بالمعلم وتمكينه من كافة حقوقه المعيشية لها دورها الإيجابي في النهوض بالعملية التعليمية بالشكل المطلوب، وأن غير ذلك يضعف دوره دون أي نقاش.

غياب الضمان الصحي
مدير مدرسة الوحدة الأساسية بمنطقة التحرير بأمانة العاصمة، عبدالله النعامي، أكد أن هناك عدة إشكاليات يواجهها المعلم في اليمن منها: عدم حصوله على الضمان أو التأمين الصحي والمجمّع السكني الخاص بالتربويين، وبالذات أنهم -حد قوله- أقل دخلا ومحرومون من عدة حقوق مقارنة بالمعلمين في الدول العربية الأخرى (مصر والأردن وغيرها)، بالإضافة إلى الحالة المعيشية السيئة، حيث يتقاضون من 40 إلى 50 ألف ريال شهريا، ومعظمهم مستأجرون منازل في المُدن تتجاوز 20 ألفا شهريا، مما يدفعهم إلى العمل الخاص الذي -لا شك- يؤثر على أدائهم داخل المدارس الحكومية.
ويتمنى النعامي من فخامة رئيس الجمهورية أن ينظر إلى التربويين بعين العطف والإحساس، ويوجه الجهات المعنية إلى أن توفّر لهم الضمان الصحي والمجمّع السكني أسوة ببقية جهات الدولة.
كما تمنى النعامي على اللجنة التي تقرر تكريم المعلمين، سواء كانت عبر الوزارة أم المناطق التعليمية أم غيرها، أن تحس بالمسؤولية، وتنسّق مع إدارات المدارس حول كيفية اختيار الشخص المستحق للتكريم، معتبرا أنه في الوقت الحالي يجهل المعيار الذي يتم على أساسه اختيار المكرَّمين، وبالذات أن الكثير من المعلمين الذين هم مستحقون فعلا للتكريم يحرمون نظرا لعدم التنسيق في هذا الجانب.

مختبرات منتهية الصلاحية
أحمد علي محسن، معلم في منطقة ريفية ويعمل مختص مختبر وعلوم، أشار إلى أن المختبر الذي يعمل فيه داخل مدرسته انتهى منذ حوالي 20 عاما، ولا يتناسب مع المناهج الحالية والتطور الحاصل في مجال التعليم، مطالبا الجهات المعنية بالاهتمام بالمعامل المدرسية، وحل مشاكل المدارس بشكل عام، وبالذات الريفية.
ولفت إلى تدهور أوضاع المعلم الاقتصادية خاصة بالمناطق الريفية، حيث لا يحصل على مكافآت شهرية، ويحصل على بدل ريف ضئيل جدا، لا يشجّع على الانتقال إلى المدارس الريفية، وكالمثل بدل السكن والإجازات السنوية. منوها إلى عدم جدوى الدورات التدريبية والتأهيلية التي تقام للمعلمين بين الحين والآخر، مقترحا تطوير هذه الدورات واعتماد شهادات لها (كل خمس دورات مثلا تعطى للمدرس شهادة) محصلتها تحسين راتبه.
وأكد محسن أن تدهور أوضاع المباني المدرسية والنقص في الأثاث المدرسي وغيابه في معظم المدارس والوسائل التعليمية الخاصة وغياب المرافق الصحية والساحات والملاعب الرياضية داخل المدارس الريفية من أهم المشاكل التي ساهمت في تدني مستوى التعليم.

غياب المعامل المدرسية
ويؤكد معظم المختصين بالتعليم العام في اليمن على ضرورة جعل التعليم ذا أولوية قصوى في الخطط التنموية والموازنة العامة وإعداد برامج تثقيفية موجهة للأسرة والمجتمع حول قضايا التعليم وأهميته في تطوير الفرد والمجتمع، وكذلك حول القضايا السكانية وإدخال المفاهيم السكانية في المناهج المدرسية، وتجنيب المدرسة إشكالات السياسة والاهتمام بإدارة الموارد البشرية وتطويرها بشكل أكبر.

محور المعلم
في المقابل تؤكد الدراسات العلمية أن محور المعلم من أهم الأسباب التي تسهم في تدني مستوى التعليم العام، كالنقص في عدد المعلمين بشكل عام والمواد العلمية والرياضيات واللغة الإنجليزية بشكل خاص يقابله وجود عدد كبير من المعلمين لا يساهمون في العملية التعليمية، إضافة إلى وجود عدد آخر لا يؤدون النصاب القانوني، وأن ما تسمى بمواد النشاطات المدرسية تستغل لتغطية نصاب المعلمين إلى جانب عجز في عدد المعلمين بالريف، حيث يبلغ متوسط عدد المعلمين في المدرسة 9.6 يقابله تركز المعلمين في الحضر بمتوسط 34.6 معلم في مدرسة، وهو ما يؤدي إلى تعمق مشكلات التعليم في الريف اليمني بصورة أكبر عن الحضر.
وأوضحت دراسة "التعليم العام في الجمهورية اليمنية الواقع.. وآفاق التطوير" للباحث سعيد عبه أحمد، الفائز بموجبها بجائزة العفيف الثقافية في دورتها السابقة 2006، تزايد مشكلات المعلمين في ظل ارتفاع عدد المعلمين الذين يحملون مؤهلا أقل من البكالوريوس، حيث بلغ 77325 معلما ومعلمة يحملون مؤهل ثانوية عامة فأقل، ووجود 28222 معلما من حملة الشهادة الجامعية دون تأهيل تربوي يدرسون في الميدان، إضافة إلى عدد 27133 معلما من خريجي كليات التربية هم بحاجة ماسة للتدريب وإعادة التأهيل للتدريس، بالإضافة إلى تزايد عدد المعلمين الذين لا يدرسون في مجال تخصصاتهم، وغياب برامج التدريب الحقيقية وليس الشكلية، بسبب غياب سياسات واضحة للتدريب وشلل المعاهد العليا للتدريب وتأهيل المعلمين المنتشرة على مستوى الجمهورية، وضعف كفاءات المعلم الأدائية والأكاديمية: تخطيطا وتنفيذا وتقويما وغيرها.

تدريب المعلمين
وأوصت الدراسة بتطوير معايير قبول الطلاب والمعلمين في كليات التربية وتحديدا معايير الانتقاء ووضع المعلم المقبول في فترة اختبارية لمدة ستة أشهر مع برنامج تدريبي، والاهتمام بصورة أكبر بقضايا تدريب المعلمين في أثناء الخدمة، والاهتمام بالتوجيه التربوي وتحسين كفاءات الموجهين الإشرافية وطرائق الاتصال والتواصل مع المعلمين، وتشجيع قيام جمعيات المعلمين الاختصاصية: العلوم والرياضيات وغيرها. بالإضافة إلى إعداد فلسفة تربوية لقطاع التعليم والتدريب وتطوير المناهج على أن تراعي خطة التطوير تطوير النظم الفرعية الأخرى: المعلم والإدارة المدرسية وتقنيات التعليم والمباني المدرسية وغيرها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق