الأحد، 22 مارس 2009

بمناسبة عيد الأم "أمهات":قسـوة أبنائنا لنا تصل حد الطرد من المنازل


برغم تفاخرها بهم عانت
تعد ظاهرة عقوق الأبناء لأمهاتهم من أخطر الظواهر التي طرأت مؤخرا على مجتمعنا اليمني بل أصبح نكران جميل الأمهات من قبل بعض الأبناء سلوكا أخطر من ذلك برغم ما قدمته الأم من تضحيات لأبنائها..."السياسية" التقت عددا من الأمهات ورصدت بعض معاناتهن مع أبنائهن وأحد المختصين في علم الاجتماع لتوضيح أسباب عقوق الأبناء لوالديهم والحلول المناسبة، ولا ننسى أننا قريبا على موعد مع "عيد الأم" الذي يصادف 21 مارس من كل عام. جميعنا يتفق بأن عقوق كثير من الأبناء أمهاتهم ظاهرة لا يخلو منها أي مجتمع من المجتمعات غير أنها تصل في أحايين كثيرة حد نكران جميلهن وهجرهن آخر أعمارهن، برغم ما قدمن لهم في سبيل بناء مستقبلهم.. وتعد هذه الظاهرة من أهم الظواهر التي ينبغي الوقوف ضدها، خصوصا وأن ديننا الحنيف حثنا على طاعة الوالدين وبرهما، وخصّ الأم أكثر؛ نظرا للظروف التي تمر بها من حمل وولادة ورضاعة وتربية و..الخ."م" امرأة تجاوزت الثمانينيات من عمرها، وتعيش في أحد أرياف محافظة تعز؛ لكنها برغم تفاخرها منذ زمن طويل بكثرة أولادها /6 ذكور/ عانت كثيرا من تصرفات بعضهم في الوقت الراهن، وبالذات أن بعضهم لم يقبلها لتعيش في منزله بين أولاده وزوجته، بعد أن كبرت في السن، وأصبحت عجوزا؛ لكنهم أخيرا (أولادها) اتفقوا -وهو ما يقومون به حاليا- بأن تسكن كل شهرين في منزل أحدهما، وتقوم زوجة كل ابن بتحمل كافة متطلبات حماتها من طعام وشراب وملبس، وما إلى ذلك.وقد يكون هذا اليوم /21 مارس/ غير معروف عند الأغلبية، فهذه "أم ناصر" أجابت بكل صراحة أنها لا تعرف شيئا عن ذلك اليوم؛ نظرا لهمومها ومشاغلها في المنزل، خصوصا أنها أنجبت ثمانية أبناء، جميعهم ذكور، أكبرهم يبلغ من العمر 22 عاما، وأصغرهم 4 أعوام، ولا أحد يساعدها في خدمتهم؛ لكنها أشارت إلى أنها لا تتوقع أن يقدموا لها شيئا في المستقبل، إن سلمت من شرّهم، "أم ناصر" كانت أمنيتها في الحياة أن يرزقها الباري -عز وجل- بمولود أنثى لتساعدها في أعمال المنزل، وهو ما لم يتحقق لها.
سأبني لك "جلب" بجانب منزلي
كما أن هناك أمهات أكثر معاناة، فهذه "سعاد" تبلغ من العمر 50 عاما، التقيناها في منطقة التحرير بأمانة العاصمة تتسول، فقالت إنها تجوب معظم شوارع العاصمة بحثا عن مساعدة الناس لها، وأنه الشرط الرئيسي الذي اشترطته عليها شقيقتها (جلب مبلغ من المال يوميا مقابل تسكينها في منزل شقيقتها). "سعاد" أوضحت لنا، بعد أن تنهدت، أن لها ثلاثة أولاد ذكور وابنتين، جلُّهم متزوجون، ولديهم منازل خاصة بهم، لكنهم رفضوا أن تعيش والدتهم معهم، أما الإناث فقد رفض أزواجهن هذا الطلب، أيضا، برغم إلحاح زوجاتهم عليهم. وأشارت إلى أنه نادرا ما يزورها أبناؤها الذكور، أما الإناث يقمن بذلك بين الحين والآخر، وأنهم جميعا لا يعلمون أنها تخرج للتسول.القصة السابقة ليست الأولى ولا الأخيرة، فهناك أمثلة كثيرة من هذا القبيل، وأسوأ منه. فقبل حوالي شهرين طلبت إحدى الأمهات، التي تسكن في الريف بتعز، من أحد أبنائها، الذي يعيش هو وزوجته وأطفاله بالمدينة، أنها تريد أن تزورهم، فقال لها مباشرة: "سأبني لك جلب - أي غرفة صغيرة- بجانب منزلي"، برغم أنه يعيش في منزل بالإيجار، ووالدته إلى اليوم تشتكي لكل أصدقائه بهذا الموقف، بل وكلّما بدأت تسرد الموضوع تتسلل الدموع من عينيها، خاصة وأنها قدمت له منذ الصغر الكثير والكثير، وتكفلت بأكثر من نصف قيمة زواجه.ولكن ذلك لا يعني أن الغالبية العظمى من الأبناء يعوقون أمهاتهم، والنماذج من هذا الأخير كثيرة جدا، وينبغي أن نقتدي بها، ونجعل من 21 مارس الجاري صفحة جديدة لإصلاح ما تهدم.
أسباب عقوق الأبناء
بعض علماء الاجتماع يرون أن زوجة الابن لها دور رئيسي في هذه الظاهرة بالإلحاح المتواصل على زوجها والبث في أذنه على كل كلمة من شأنها أن تكدر الصفو بينه وبين أهله، وبالذات والدته، وتكبّر الأخطاء البسيطة، وتصيد الهفوات العادية غير المتعمدة والكذب عليه أحيانا كي تخطفه وتضعه بعيدا عن أهله.منوهين إلى أن المجتمع أصبح عن طريق - وسائل الإعلام وتصوير العلاقة بين الزوجة وأم زوجها وأظهرها على أنها حرب- يلعب دورا خطيرا، ولم يحاول أن يقوم بدور إيجابي تربوي لغرس مفاهيم دينية أصيلة من شأنها التخفيف من هذا الواقع وتوفير الوئام والائتلاف المفقود بين أسرنا من ناحية وبين الأسرة من ناحية أخرى.وتؤكد في هذا الجانب أستاذ علم الاجتماع المساعد بكلية الآداب جامعة صنعاء، الدكتورة عفاف الحيمي، بوجود ظاهرة عقوق الأبناء لوالديهم في مجتمعنا اليمني، وتتمنى ألاّ تصل إلى حد المشكلة.وأوضحت الحيمي في تصريح خاص إلى "السياسية" أن من أهم أسباب عقوق الأبناء (ذكور وإناث) لوالديهم قسوة الوالدين على أبنائهم، وهم في سن صغيرة، مما يترتب عليه انتقام الأبناء مستقبلا، وأيضا التدليل الزائد للأبناء وهم في مرحلة الطفولة أكثر من اللازم، مما ينعكس في المستقبل بشكل سلبي، وأن الأبناء يحبون الأنانية والاتكالية على والديهم في تحقيق متطلباتهم التي من الصعب أن يحققها لهم آباؤهم في هذه المرحلة من العمر، والتي هم بحاجة إلى مساعدتهم، وهو ما يعكس نفسه على ممارسة الأبناء لعقوق والديهم.
عدم اعتزاز الولد بوالده ووالدته
وانتقدت الحيمي الجفاء الغريب -حد قولها- بين الولد ووالديه، حيث أصبح الأول غير مبالٍ بوالديه ولا يحترمهما، ولا يقوم بخدمتهما، بل يطرد أحيانا والده أو والدته من المنزل. وقالت إن مثل هذا لا يخاف الله -سبحانه وتعالى- وخارج عما هو متعارف عليه في الدين والقيم الإسلامية. وأرجعت ذلك إلى الأسباب السابق ذكرها (دلال زائد في الصغر أو قسوة زائدة وتربية غير سليمة و...)، إلى جانب أن الأصدقاء والأقران لا يقومون بنصحه بمراعاة والديه وزيارتهما وتقديم كافة متطلباتها. وما يتعرض له الأبناء من ظروف اجتماعية أو اقتصادية سيئة تعكس ذلك على علاقتهم بوالديهم، وبالذات الأم؛ حيث تعاني من أولادها أكثر من ما يعانيه زوجها. كما انتقدت عدم اعتزاز الولد بوالده ووالدته، والفجوة القائمة بين الأولاد وآبائهم وأمهاتهم. ونوهت إلى أن الكثير من الأبناء يتمنون أن يكون وضع والديهم الاجتماعي والاقتصادي بشكل أفضل مما هم عليه ليحقق الولد متطلباته، حتى وإن كان يتمتع بوضع اقتصادي واجتماعي جيد، وأن هذا ما يدفع بالكثيرين إلى إهمال الوالدين، والذي يصل حد العقوق؛ متناسين ما قدموه لهم منذ الصغر، وكأن الأبناء وجدوا دون أب ولا أم.
هنأت كل أم بعيدها وقدمت حلولا
وأشارت إلى أنه لا يوجد اعتناء بكبار السن في اليمن، لا اجتماعيا ولا صحيا ولا ترفيهيا ولا مراكز تؤويهم في حالة تم طردهم من منازلهم من قبل أبنائهم، وأن مصطلحي الشيبة والعجوز، الذي يطلق على الأب والأم آخر عمريهما، مفاهيم اجتماعية رمزية لدونية هذه الفئة، وأن الولد عندما يقوم بطرد أمه من المنزل ليس إلا أنه يراها عبئا عليه، أو يحمل زوجته مسؤولية رعاية أمه، برغم أنه المسؤول الأول والأخير للقيام بهذه المهمة وليست زوجته. واقترحت الحيمي عددا من الحلول لمعالجة الظاهرة أو تفاديها مستقبلا "وقبل ذلك هنأت كل أم بعيدها القادم والذي يصادف 21 مارس، ومن ضمن الحلول"، حد قولها: أن يكون الوالدان معتدلين في تنشئة أبنائهم منذ الصغر، وأن يزرعا فيهم بأنهم جيل المستقبل، وسندهم أثناء شيخوختهم، وتوفير مؤسسات تتلقى الآباء والأمهات الذين يرميهم أبناؤهم إلى الشارع.
عيد الأم العربي
الجدير بالذكر أن فكرة الاحتفال بعيد الأم العربي بدأت في مصر على يد الأخوين "مصطفى وعلي أمين"، مؤسسي "دار أخبار اليوم" الصحفية.. فقد وردت إلى علي أمين ذاته رسالة من أم تشكو له جفاء أولادها وسوء معاملتهم لها، وتتألم من نكرانهم للجميل، وتصادف أن زارت إحدى الأمهات مصطفى أمين في مكتبه، وحكت له قصتها التي تتلخص في أنها ترمَّلت وأولادها صغار، فلم تتزوج، وأوقفت حياتها على أولادها، تقوم بدور الأب والأم، وظلت ترعى أولادها بكل طاقتها، حتى تخرجوا في الجامعة، وتزوجوا، واستقل كل منهم بحياته، ولم يعودوا يزورونها إلا على فترات متباعدة للغاية، فكتب مصطفى أمين وعلي أمين في عمودهما الشهير "فكرة" يقترحان تخصيص يوم للأم يكون بمثابة تذكرة بفضلها، وأشارا إلى أن الغرب يفعلون ذلك، وإلى أن الإسلام يحض على الاهتمام بالأم، فانهالت الخطابات عليهما تشجع الفكرة، واقترح البعض أن يخصص أسبوع للأم، وليس مجرد يوم واحد، ورفض آخرون الفكرة بحجة أن كل أيام السنة للأم وليس يوم واحد فقط، لكن أغلبية القراء وافقوا على فكرة تخصيص يوم واحد، وشارك القراء في اختيار يوم 21 مارس ليكون عيدًا للأم، وهو أول أيام فصل الربيع؛ ليكون رمزًا للتفتح والصفاء والمشاعر الجميلة. واحتفلت مصر بأول عيد أم في 21 مارس سنة 1956. ومن مصر خرجت الفكرة إلى البلاد العربية الأخرى. وحتى الآن تحتفل البلاد العربية بهذا اليوم من خلال أجهزة الإعلام المختلفة. ويتم تكريم الأمهات المثاليات اللواتي عشن قصص كفاح عظيمة من أجل أبنائهن في كل صعيد. بدعة وتشبّه بالكفارفي المقابل ديننا الإسلامي الحنيف يحثنا على وجوب طاعة الأمهات والآباء، وهو أمر إلهي والعقوق له عقابه، وأما البار حتى بالوالدين الذين لا يعينان على طاعتهما، فأجره عند ربه عظيم، ويحصد الولد أو البنت ذلك في الدنيا والآخرة.
بدعه وتشبه بالكفار
أما فيما يخص الموقف الشرعي من عيد الأم -بحسب أهل العلم- أن الإسلام غني عما ابتدعه الآخرون، سواءً عيد الأم أو غيره، وفي تشريعاته من البر بالأمهات ما يغني عن عيد الأم المبتدع.وقال العلماء: لا يجوز الاحتفال بما يسمى "عيد الأم"، ولا نحوه من الأعياد المبتدعة، لقول النبي (صلى الله عليه وسلم): {من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد}، وليس الاحتفال بعيد الأم من عمله (صلى الله عليه وسلم)، ولا من عمل أصحابه (رضي الله عنهم)، ولا من عمل سلف الأمة، وإنما هو بدعة وتشبّه بالكفار.
نقلا عن صحيفة "السياسية" اليومية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق