الثلاثاء، 2 يونيو 2009

مركز (منارات) يقدم رؤية لتعزيز الفكر والثقافة الوطنية وتحقيق الاصلاحات

قال رئيس مجلس إدارة (منارات) أن مظاهر الاختلالات السياسية والاقتصادية والأمنية وتردي أداء أجهزة ومؤسسات الدولة لواجباتها ومسئولياتها هيأ الأجواء لبروز المشاريع الضارة بالوحدة الوطنية والمسيئة للتاريخ النضالي والإرث الحضاري للشعب اليمني. والذي أرتقى ذرى المجد ودخل التاريخ من أوسع أبوابه بإعادة وحدته أرضاً وإنساناً يوم الثاني والعشرين من مايو 1990، وأن هذا الإنجاز اليوم أمام تحدٍ خطير يضعنا على محِك اختبارٍ في قدرتنا على الحفاظ عليه وتجنيبه مهاوي ومنزلقات الدعاوى والمشاريع المستهدفة تمزيق الوطن. وأشار رئيس مجلس الإدارة أحمد أبو حورية في كلمة ألقاها في الفعالية التي نظمها (منارات) مساء أمس الثلاثاء حول "مشروع رؤية (منارات) لتعزيز الفكر والثقافة الوطنية وتحقيق الاصلاحات التشريعية والسياسية والاقتصادية" إلى أن ما يمر به اليمن اليوم يتحتم على الجميع الإرتقاء بمسئولياته إلى مستوى التحديات الماثلة أمام المشهد الوطني على قاعدة الشراكة والمسئولية التضامنية في التصدي لكل تلك المظاهر.
منوها أن مركز (منارات) يهدف من خلال هذه الفعالية إلى تعزيز الفكر والثقافة الوطنية وتحقيق الإصلاحات التشريعية والسياسية والاقتصادية من خلال مشروع المبادرة لتتحول إلى رؤية للقاء التشاوري لمنظمات المجتمع المدني وذلك استشعارا منه للمسئولية الوطنية الكبرى الملقاة على عاتق منظمات المجتمع المدني للاضطلاع بدورها وصولاً إلى بلورة إجماع وطني حول أهمية تعزيز وتحصين الوحدة الوطنية إنطلاقاً من استئصال شأفة الفساد المالي والإداري المدمر وتحقيق مجتمع العدل والنظام والقانون والمواطنة المتساوية في الواجبات والحقوق واستعادة زخم الثورة اليمنية والوحدة والديمقراطية.
هذا وقد استعرض المركز في رؤيته أربعة محاور بالتفصيل تناول الأول المشهد الوطني إنعكاساته، تحدياته، واستحقاقاته والثاني أولويات الإنفراج للمشهد السياسي الاجتماعي الراهن على المستوى الوطني بشكل عام و بعض المحافظات (صعدة، الضالع، لحج، أبين، عدن، حضرموت) فيما تناول المحور الثالث الإصلاحات الدستورية والتشريعية والرابع مشروع رؤية للعمل الوطني المشترك لمرحلة ما بعد تأجيل الانتخابات وموعد استحقاقها من أجل استخلاص عبر الماضي ومواجهة تحديات الحاضر واستشراف آفاق المستقبل. ومن ضمن ما أشارت إليه الورقة أن تجربة السلطة المحلية شكلت من الناحية التشريعية سبقاً تاريخياً وطنياً رائداً وإنجازاً تنموياً لا يستهان به إلى أن ما تحقق لم يرقى إلى مستوى الطموح الوطني والسياسي المأمول بل تعرض في كثير من جوانبه إلى حالات من الإخفاق والتعثير. ويتمثل ذلك في عدد من النقاط منها: إحباط واضح من قِبل أغلب المواقع المسئولة على مستوى بعض المحافظات والذي أداء إلى تعطيل المبادرات والإجراءات والأوامر التي تصدرتها القيادة السياسية والحكومة لمعالجة الكثير من المشاكل التي ظهرت في تلك المحافظات، وضعف قدرة السلطات المحلية في حل ومعالجة العديد من المشاكل والقضايا التي برزت في مختلف محافظات الجمهورية بشكل عام والمحافظات المحددة بشكل خاص رغم تمتعها بصلاحيات ومسئوليات قانونية بسبب طغيان السلطة المركزية من جهة وضعف كفاءة السلطة المحلية في ممارسة صلاحياتها من جهة أخرى بالإضافة إلى ضعف تطبيق وإحترام قانون السلطة المحلية. وطالبت الورقة فيما يخص المتقاعدين والمحالين للتقاعد والموقوفين عن العمل بتسوية أوضاعهم واتخاذ الإجراءات السريعة لمعالجة هذه المشكلة وفتح مكاتب مشتركة لكل من وزارة الدفاع، الداخلية، الأمن السياسي، الخدمة المدنية ويعين مسئولي هذه المكاتب من كادر متخصص من أبناء المحافظات وتكلف هذه المكاتب المسئولية المباشرة لحل هذه القضية، خلال فترة زمنية محددة. ووقفت الورقة أمام مشكلة الأراضي العقارية والزراعية في محافظات (عدن، لحج، أبين) وطالبت بمعالجتها من خلال: تنفيذ الأوامر والتوجيهات العليا وقرارات مجلس الوزراء الخاصة بأراضي الجمعيات الزراعية والسكنية وأراضي التعويضات وعدم السماح لأية جهة بالتعدي عليها أو السطو أو إزالة أية استحداثات تمت عليها من قبل أي شخص أو جهة مهما وأينما كانت. والعمل على بناء الوحدات السكنية لمحدودي الدخل وعدم السماح بأي عبث أو احتواء أو استحواذ عليها ويتم صرفها للمستحقين لها فعلاً وعبر الجهات المختصة ذات العلاقة في الزراعة والإسكان وفقاً وبرنامج زمني محدد وطبقاً لما ينص عليه القانون المدني وأحكام قانون أراضي وعقارات الدولة وإعداد خرائط ومخططات توجيهية لكل المناطق القابلة للسكن أو الاستثمار بحيث توضح عليها مؤشرات التوسع العمراني للمدن الرئيسة في البلاد وحتى عام 2025 وحصر كل الأراضي التي صرفت في المحافظات تحت اسم الاستثمار، وإبلاغ أولئك الذين صرفت لهم هذه الأراضي بضرورة تنفيذ مشاريعهم والبدء بالعمل فيها خلال فترة زمنية محددة ما لم يتم سحب هذه الأراضي وبيعها بالمزاد العلني ليعود ريعها لصالح تطوير البنى التحتية في هذه المحافظات، وإقامة مدن سكنية في عاصمة الدولة لاستكمال استيعاب القوى العاملة في الجهاز الإداري من المنتقلين من المحافظات الجنوبية والشرقية من الكوادر الفنية والإدارية والعلمية ضمن مشروع وطني متكامل يحقق الاستقرار المطلوب وغيرها.
هذا وقد قدمت بعد ذلك عدد من المداخلات والنقاشات التي تهدف في مجملها إلى اثراء الرؤية بالملاحضات والمقترحات للخروج برؤية موحدة تهدف إلى معالجة كافة الإشكالات القائمة.

الاثنين، 1 يونيو 2009

ما ينشده المجتمع من المؤتمرات الفرعية للسلطة المحلية؟

انطلقت، أمس، المؤتمرات الفرعية للسلطة المحلية وسط استعداد غير مسبوق وتحضيرات مكثّفة وترقب لما ستخرج به المؤتمرات من رؤى وأطروحات نحو تعزيز الحكم المحلي واسع الصلاحيات، "السياسية" تسلط الضوء حول هذا الحدث وأهميته، وما ينشده المجتمع منه..
تظاهرة ديمقراطية
مدير عام مركز المعلومات والتوثيق في لحج عضو المجلس المحلي، عبد التواب شرف، أكد لـ"السياسية" أن قانون السلطة المحلية رقم 4 لسنة 2000 حدد انعقاد المؤتمر السنوي للسلطة المحلية ليكون بمثابة تقييم سنوي لكل المجالس المحلية بأمانة العاصمة والمحافظات، وأنه في هذا العام تغيّرت الفكرة لأول مرّة بعقد مؤتمرات فرعية على مستوى الأمانة والمحافظات، وأنها بمثابة تظاهرة ديمقراطية تتوحد فيها كافة الجهود والرؤى لتُرفع بعد ذلك إلى المؤتمر العام الخامس للمجالس المحلية، الذي سيناقش ويُقر البرنامج الوطني لتنفيذ إستراتيجية الحكم المحلي، وما ستتمخض عنه المؤتمرات الفرعية.
واعتبر شرف أن ذلك سيعطي زخما إضافيا لتجربة السلطة المحلية وتمكينها من حكم واسع الصلاحيات، منوها إلى أن المؤتمرات الفرعية ستُجري تقييما شاملا للإنجازات في جميع المجالات والمشاريع، بما فيها التعثرات وأسبابها، بالإضافة إلى الجانب الإداري والمكتبي والإشراف والتوجيه، وما قامت به اللجان التخصصية والالتزام بالدوام الرسمي والآلية الخاصة بالمطبوعات والتقارير ومستوى التنفيذ لقرارات كل مجلس محلي بالمديريات، على حدة.
قصور وعدم استيعاب للقانون
ويتمنى شرف من هذه المؤتمرات أن تضع بعين الاعتبار التوصيات والقرارات التي تخدم التنمية المحلية الشاملة، وأن تُركز على جوانب القصور في قانون السلطة المحلية وتعارضه مع بعض القوانين الأخرى, لما يخدم أهداف وتطلعات السلطة المحلية.لافتا إلى أن المجالس المحلية لم تحقق أهدافها 100 بالمائة، وأن هناك قصورا كبيرا بين الأعضاء والهيئات الإدارية، خاصة عدم فهمهم لقانون السلطة المحلية وعدم استيعاب مواده وبنوده، وأن البعض منهم يجهلون المسؤولية والأمانة الذي حمّلها إياهم المواطن أثناء الانتخابات، والبعض الآخر أميّ لا يفقه شيئا "إلا أنه بالرغم من ذلك فإن ما تحقق يعتبر إنجازا لا يستهان به". خطوة لتعزيز الديمقراطية من جانبه، أوضح المواطن علي أحمد سعيد أنه لا يعلم شيئا بما نتحدث عنه في هذا الموضوع، وأن همه الرئيسي أن تعمل السلطة والمسؤولون على تحسين أوضاع المواطنين ومعيشتهم، ويطالب المجالس المحلية بأن تفي بما وعدت به المواطن قبيل الانتخابات.
مواطن آخر يؤكدا أن دور المجالس المحلية على أرض الواقع يكاد يكون مشلولا؛ بسبب عدم وضوح الصلاحيات الكافية لها، وفي ظل عدم وضوح دور الرقابة والمحاسبة، وعدم فهم الكثير من الأعضاء لدورهم وصلاحياتهم في المجلس، موضحا في الوقت ذاته أن هذا لا يمنع من أن العمل بنظام المجالس المحلية خطوة هامة في طريق تعزيز الديمقراطية في البلاد وحكم الشعب نفسه بنفسه، أملا أن تتلاشى كافة الإشكاليات الموجودة حاليا في المستقبل القريب مع تطور التعليم وظهور الإنسان المتعلم المتمكن من أداء واجباته وحقوقه.
ماهية المجالس المحلية
وفي السياق ذاته، أكدت رئيسة مؤسسة "مدار" القانونية للتدريب والتأهيل، غناء المقداد، أن من أهم الأعمال المناط بها المجالس المحلية دراسة وإقرار مشروعات خطة التنمية والموازنات السنوية والموافقة على مشروع الحساب الختامي ودراسة الإحصاءات والمعلومات وإجراء المسوح الميدانية للتعرف على أولويات التنمية وتقييم مستوى تنفيذ المشاريع والتوجيه والإشراف والرقابة على أعمال الأجهزة التنفيذية ومتابعة تبسيط وتحسين تعامل الأجهزة التنفيذية مع المواطنين في كافة المجالات من حيث تشجيع قيام المشاريع الاستثمارية، واتخاذ التدابير الكفيلة بمعالجة الصعوبات المعيقة للاستثمار وغيرها.
ولفتت المقداد إلى أن الهدف مما سبق تعريف المواطن بماهية المجالس المحلية ومهامها بناءً على القانون الذي اُستمد من الدستور اليمني، وأن هذا مهم جدا للمواطن؛ باعتباره يولّد معرفة لديه بشكل أكبر وفهما أعمق، وأنه يفترض على المجالس المحلية أن تدرس احتياجات المواطنين وتوفِّر لهم كافة الخدمات الأساسية، وغيرها دون تمييز.
جهل قانوني
وأكدت المقداد أنه إذا تم تفعيل المؤتمرات الفرعية للمجالس المحلية بجدية، وسعت إلى أن تبحث على احتياجات كل مديرية بجديّة وأمانة على موجب دراسات حقيقية، مما لا شك فيه ستصل إلى حلول تقي البلد مما هو فيه، خصوصا وأن تنفيذ أي مشروع خدمي أو تنموي يهدف إلى تحسين مستوى معيشة المواطن يجب أن يستند على أرقام ودراسات تبيّن العلة وكيفية حلها.
وأشارت إلى أنه يفترض أن تقوم المجالس المحلية بتسهيل مهام منظمات المجتمع المدني (الفعالة) وليست الشكلية؛ كونها ستساعدها على تنفيذ كافة خططها، وأن يتم التواصل فيما بينها سواء بإعداد الدارسات أم بغيرها.
ونوهت إلى أن هناك جهلا قانونيا منتشرا على مستوى الوطن، سواء بين الأميين أم بين المتعلمين، بما فيهم المجالس المحلية، وأنه في هذا الإطار لو أبدت المجالس المحلية تعاونها مع منظمات المجتمع المدني العاملة في هذا المجال ستحقق ايجابيات كبيرة فيما يخص توعية المواطنين بهذا الجانب. وتنشد المقداد من المؤتمرات الفرعية للمجالس المحلية أن ترفع ضمن تقاريرها وتوصياتها التي سترفعها للمؤتمر العام الخامس للمجالس المحلية أهمية وضرورة التنسيق بين منظمات المجتمع المدني والعمل على تشجيع إنشاء منظمات مجتمع مدني مختلفة خاصة في الأرياف، ويا حبذا منظمات متخصصة لتكون الرديف للمجالس المحلية -حد قولها- وباعتبارها أيضا من مهام ومسؤوليات السلطة المحلية.وفي ردها عن سؤال بخصوص التعاون بين مؤسستها والمجالس المحلية، قالت المقداد: لا يوجد أي تعاون بيننا وبين المجالس المحلية بشكل مباشر، وإنما نسعى لذلك "وبالرغم أنني لا أحبذ الحديث عن مؤسستي فقط، ولكن كمؤسسة قانونية هدفنا أن نتعاون مع كافة المجالس المحلية، خصوصا وأننا نعمل في أكثر في منطقة ومحافظة في التوعية القانونية للمواطن.
تصورات متعددة
من جهته، أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء، الدكتور محمد الظاهري، أن القضية تجاوزت قضية المجالس المحلية بوضعها الراهن، وأن هناك تصورات متعددة ورؤى لم تعد محصورة للخروج مما يعيشه اليمن اليوم، خاصة وأننا نسمع عن مبادرات ووجود أكثر من خلاف وحكم محلي كامل الصلاحيات أو واسع الصلاحيات والفدرالية وغيرها.
مشيرا إلى أن المجالس المحلية لم تأتِ بما هو مطلوب منها، وأن الإشكالية لم تعد قضية مجالس محلية أو مؤتمرات فرعية للمجالس المحلية، ولا الحكم المحلي، وإنما بقدر ما تحققه من حياة العزة والكرامة لجميع المواطنين اليمنيين، وأنها لا بُد أن توفِّر الاحتياجات الأساسية.
وأشار الظاهري إلى أنه يجب علينا أن نتعرف على أن الإطار المجتمعي اليمني لم يساعد على قيام حكم محلي ومؤسسات حديثة. وأوضح أنه لا يعوّل كثيرا على المؤتمرات المقبلة بالنسبة للمجالس المحلية، وإنما على إيجاد رؤية جديدة هي -إن جاز التعبير- تستطيع أن تستلهم ما يمر به الوطن في الوقت الراهن، وأن القانون رقم 4 لعام 2000 بشأن المجالس المحلية لم يعد كافيا لحل المشاكل القائمة، منوها إلى أنه يجب توزيع السلطة ما بين المركز والوحدات المحلية للحفاظ على الوحدة.
ويضيف الظاهري: نحن عند ما ندرّس طلاب الجامعات ما يسمى اللا مركزية السياسية (كاملة أو جزئية)، يقصد بها توزيع السلطة ما بين المركز والوحدات الإدارية. وهناك لا مركزية إدارية ويقصد بها: تفويض السلطات بمعنى "تفويض السلطة المركزية للمحليات"، واليمن بحاجة إلى إحداث نوع من التوازن بين سلطة المركز وبين سلطة الوحدات المحلية، والمشاركة الشعبية؛ لأننا نقول إن من أهم ما نسميهم "الحكم الرشيد أو الحكم الجيّد" هو أن يتم توزيع السلطة ما بين المركز والوحدات المحلية.

الأحد، 24 مايو 2009

التحولات التاريخية للوحدة اليمنية .. من هنا بدأت

شهد اليمن خلال الـ19 عاما من عمر الوحدة اليمنية المباركة العديد من التطورات في مختلف المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية. ومن هذا المنطلق وبالتزامن مع احتفالات بلادنا بهذه المناسبة أجرت "السياسية" استطلاعا يتمحور حول أبرز التحولات التي شهدها اليمن في ظل الوحدة فيما يخص التعددية السياسية والحزبية والانتخابات ومشاركة المرأة والحقوق والحريات وموقف البعض مما يجري في بعض المناطق اليمنية في الوقت الراهن...
في البداية تحدث لـ"السياسية" نائب رئيس جامعة صنعاء للشؤون الأكاديمية، الدكتور أحمد الكبسي، قائلا: "أولا نبارك للوطن ولصحيفة السياسية بالذكرى التاسعة عشر لإعادة تحقيق وحدة الوطن اليمني التي لا شك أن هناك عدة إنجازات تحققت خلال هذه السنوات أولا الأحزاب التي كانت تعمل بالسرية ومن وراء حجاب ظهرت إلى العلن، يعني التداول السلمي للسلطة، بدلا من الدبابة والمدفع أحزاب ببرامج يمكن أن تتنافس فيما بينها لتصل إلى السلطة للحكم، إما منفردة أو في تشكل أحزاب وتشكل حكومة ائتلافية، وهذا المكسب الأول من مكاسب الديمقراطية"، مشيرا إلى ممارسة الشعب حقوقه عن طريق الانتخابات، بالإضافة إلى مؤسسات المجتمع المدني وهي مؤسسات مهنية أو إنسانية أو غيرها وتعد ثمرة من ثمرات الديمقراطية، لافتا إلى أن الشعب مارس حقوقه في ثلاث دورات انتخابية نيابية ودورتين انتخابات رئاسية ودورتين محلية ودورة انتخابات محافظين، بالإضافة إلى ذلك الاستفتاءات على دستور الجمهورية الذي أجري عدة مرات آخرها عام 2001 وما نحن مقبلون عليه حاليا من استفتاء جديد لتطوير النظام السياسي والنظام الانتخابي وإجراء التعديلات التي تتطلبها الظروف السياسية.

توسيع المشاركة الشعبية
ولم يخف الكبسي ما شهده اليمن في مجال حرية الصحافة وحرية التعبير، باعتبارها حقا من حقوق المواطن أن يعبر عن رأيه بشتى الوسائل ولكن دون المساس بالثوابت الوطنية والأخلاقية وثوابت المجتمع خاصة وحدة الوطن (الوحدة الوطنية) كونها مقدسة وضمن المقدسات التي لا نقبل لأي كان أن يشكك فيها أو يهددها، معتبرا أنه بخصوص الضوابط الأخلاقية وغيرها تم إنشاء محكمة للصحافة، ولكنها لا يمكن أن تحد من حرية التعبير أو المنجزات التي نعتز ونفتخر بها والتي أتت كنتاج لإعادة تحقيق الوطن ويفتخر بها كل مواطن يمني.

استنكار لأصوات النشاز
من جانبها تؤكد منى باشراحيل، عضو مجلس الشورى، أن الإنجازات التي تحققت منذ إعادة تحقيق الوحدة اليمنية لا ينكرها إلا جاحد برغم ما واجهه الوطن خلال هذه الفترة من أزمات سياسية واقتصادية بدءا بأزمة حرب 94. وأشارت إلى أن الوحدة اليمنية نعمة من نعم الله تعالى الذي أنعم علينا بها وأنها "مصير الشعب اليمني ككل وتاج رأسنا جميعا وفخرنا وعزنا وقوتنا ونهوضنا"، وستظل نعمة دائمة خصوصا وأن التجارب أثبتت سلبية ومآسي الفرقة والتشرذم والشتات سواء ما كان حاصلا في اليمن قبل عام 90 حيث لم يكن من السهل التواصل بين الأهل المتواجد نصفهم في الشطر الجنوبي والنصف الآخر في الشطر الشمالي أو ما يجري حاليا في بعض الدول. واستنكرت منى أصوات النشاز التي يدعو إليها البعض سواء بالانفصال أو غيرها التي يديرها حد قولها أفراد همهم الأول والأخير الإضرار باليمن ومصلحته وأمنه وسلامته. واعتبرت أن الوحدة ليست ملكا لفئة أو قبيلة أو حزب أو جماعة معينة وإنما ملكا لكافة أفراد الشعب اليمني الذي ينبغي أن يفهم ذلك ويحافظ عليها مهما كلف الأمر. وأوضحت ضرورة استيعاب الجميع لما له وما عليه تجاه الوطن وتنميته والتوعية السياسية للأبناء والطلاب من خلال التربية والتعليم والمناهج منذ الصفوف التمهيدية لما تلعبه من دور في تكريس قيم الولاء الوطني والتعريف بأن الوطن واحد لا فرق بين جنوب ولا شمال ولا شرق ولا غرب وألا توضع الوحدة كما يصورها البعض "علاقية" أو شماعة. ونوهت منى بأن هناك أخطاء يرتكبها أو ارتكبها البعض أدت إلى تلك التداعيات الأخيرة التي تشهدها بعض مناطق اليمن برغم أن الكثير من أبناء الوطن يعانون من تلك المشاكل. واعترفت بأن هناك مشاكل أخرى وفسادا سواء من قبل الحزب الحاكم أو أحزاب المعارضة، وأن الجميع مسؤول هنا وينبغي الوقوف أمامها تحت طاولة الحوار لمناقشتها ووضع النقاط على الحروف وأن على الحكومة والجهات التنفيذية أن تعمل بيد من حديد لمعالجة تلك المشاكل ومحاسبة الظالم أولا بأول وعدم تركها تتكرر مستقبلا وتتراكم يوما عن يوم. ولفتت إلى أن ما يسمى بقضايا الجنوب أو غيرها ليست إلا توزيعا ومناطقية تؤدي إلى احتكاك بين أبناء الوطن الواحد تفرق ولا تجمع مما يعني أنها غير مقبولة وينبغي ألا ينجر وراءها أحد ومحاسبة كل من أخطأ بحق الوطن ووحدته والجلوس لحل أي إشكاليات تحت سقف الوحدة اليمنية المباركة.

نالت الكثير من حقوقها
وقالت باشراحيل فيما يخص مشاركة المرأة: "مقارنة بالمرأة في البلدان العربية والمجاورة فالمرأة اليمنية نالت الكثير من حقوقها وإن لم يكن ما لم تطمح إليه. أما فيما يخص الكوتا فقد دعونا لها على أساس أن تطبق في الوقت الحاضر، لأننا ورثنا عادات مازالت تنظر للمرأة بالدونية فالكوتا ستساعد على تبوؤ المرأة مناصب قيادية وإبراز قدراتها سواء في مجلس النواب أو المجالس المحلية أو غيرها لكي يؤمن المجتمع بعد ذلك أنها قادرة على العطاء والتي قد تفوق فيه بعض الرجال في إمكانياتها والعكس. وينبغي أيضا أن يحتل الشخص المناسب في المكان المناسب سواء كان رجلا أو امرأة".

نظام حكم لا مركزي
من جهته أكد رئيس اللجنة الدستورية والقانونية بمجلس النواب، علي أبو حليقة، أن الوحدة اليمنية في الأساس أحدثت تحولا تاريخيا في حياة اليمنيين وتاريخ اليمن الحديث تمثل أوله في الانتخابات البرلمانية، معتبرا الـ27 إبريل انطلاقة واضحة للحياة الديمقراطية في اليمن ثم الانتخابات الرئاسية وتحديدها بفترتين رئاسيتين وصولا إلى الانتخابات المحلية التي أسست وأصلت حد قوله سلطة محلية (نظام حكم لا مركزي) على مستوى الأقاليم في الجمهورية اليمنية والمحافظات، معتبرا أن هذه الخطوة مهمة على سبيل فرض المشاركة الواسعة في صناعة القرار من مختلف فئات المجتمع وشرائحه. ولفت أبوحليقة إلى أن هذه المرتكزات والمحطات تعد من التحولات الديمقراطية التي تؤصل تأصيلا حقيقيا لنظام الحكم في اليمن وهو ما نفتخر به أمام الآخرين وأنه من خلال هذه المنطلقات تحققت الكثير من المنجزات على الصعيد التنموي والثقافي والاجتماعي والبنية التحتية التي شهدها ويشهدها المواطن اليمني الذي سيشهد خلال الأعوام القادمة كثيرا من المنجزات التاريخية التي سترفع الكيان اليمني ومستوى حياة المواطن بشكل أو بآخر، موضحا أن الوحدة اليمنية في ذات الوقت فتحت مناخات وآفاق واسعة للرأي والرأي الآخر والتعددية الحزبية وشكلت منجزا تاريخيا حقيقيا على طريق، إن شاء الله، تحقيق الوحدة العربية الشاملة حيث كانت محل إعجاب وتقدير الإخوة والأصدقاء ومختلف دول العالم وبالأخص أنها تأتي في وقت تتجزأ فيه الشعوب ومحاولات يائسة دولية تسعى لتجزئة عديد من الشعوب العربية والإسلامية. واستطرد أبوحليقة أنه في ظل الوحدة اليمنية تحقق لكل اليمنيين كبريائهم وعزتهم وشموخهم وبالأخص أنها كانت عنوانا وعرفانا بارزا للتوجهات السياسية التي نهجتها قيادتنا السياسية ممثلة بفخامة الرئيس علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية.

انتحار سياسي
وأضاف أبوحليقة: "هناك أصوات نشاز حاولت أو تحاول بصورة يائسة أن تنخر في جسد الوحدة اليمنية وهي فئات مأجورة ومرتمية في أحضان بعض النفوس المريضة في الخارج تحاول التشكيك أو بالأصح الصيد في الماء العكر ولا شك أن المجتمع اليمني بأسره يرفض دعوات هذه الأصوات ونقول لمثل هؤلاء الناس أننا كبرنا عندما أعدنا تحقيق الوحدة اليمنية وأن نشاطكم بمثابة الانتحار السياسي وستواجه تلك المواجهات الفاشلة واليائسة بقدرة وقوة الشعب اليمني الذي سيدافع عن وحدته ومكتسباته الوطنية. وأؤكد أيضا أن هناك محاولات سبقت للنيل من هذه الوحدة وفشلت أمام قوة وإرادة الشعب والمعروف أن الشعب اليمني لم يتوحد إطلاقا منذ العصر الأول للتاريخ مثلما توحد وأجمع رأيه حول الوحدة اليمنية".

تأصيلا حقيقيا للحريات العامة
وفي رده على سؤال بخصوص التحولات التي شهدها اليمن خلال هذه السنوات في مجال الحقوق والحريات أكد أبوحليقة أنه من خلال التشريعات الدستورية والقانونية وقوانين (الصحافة ومجلس النواب ومنظمات المجتمع اليمني) أثبتت تأصيلا حقيقيا للحريات العامة وحقوق الإنسان، وأن منظمات المجتمع المدني سواء كانت أحزابا سياسية أو منظمات أو نقابات وهي بالآلاف، بالإضافة إلى الجمعيات ليست إلا دلالة واضحة على تأسيس بنية مجتمعية وسياسية واقتصادية واجتماعية تعني أساسا بحقوق الإنسان بالإضافة إلى الصحافة (قفزت قفزات نوعية) وهي تعنى بالمقام الأول وتعبر عن إرادة المواطن اليمني، مؤيدا صحة الإجراءات القانونية فيما يتعلق ببعض الصحف الصفراء حد قوله التي تحاول أن تعمق الكراهية والاختلاف والتباين في المجتمع الواحد وتنخر في صلب الوحدة اليمنية متجاوزة قانون الصحافة والأدبيات ومتجاوزة للدستور والقانون داعيا إلى العمل في إطار القاعدة التشريعية والقانونية وخدمة المواطن من خلال تعميق الحب والمحبة ومن خلال النقد الذاتي لا النقد الذي يفرق ولا يجمع.

مكانة حضارية يستحقها اليمن
وفي ذات السياق يقول أمين عام مجلس الشورى، الدكتور نجيب عبد الملك: "مما لا شك فيه أن الوحدة اليمنية هي المحطة الأهم والأبرز في تاريخ اليمن المعاصر حيث مثل يوم الثاني والعشرين من مايو 1990 مولد وطن وانطلاقة شعب عانى طويلا من مآسي التشطير ولا أحد ينكر حجم التطورات التي طرأت خلال الـ19 عاما من عمر الوحدة اليمنية المباركة في كافة المجالات وعلى وجه الخصوص التعددية السياسية والحزبية والتداول السلمي عبر صناديق الانتخابات وتمكين المرأة وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على صدق توجه القيادة لسياسية ممثلة بفخامة الأخ علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية باني وحدة اليمن الحديث. وأوضح نجيب أنه يكفي اليمن فخرا التزامها وتطبيقها للنهج الديمقراطي وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية ومحلية وما شهدته مؤخرا من انتخابات للمحافظين على أساس حر ومباشر (حكم الشعب نفسه بنفسه)، معتبرا أنه استحقاق فريد تميزت به بلادنا على كثير من دول العالم الثالث وأضحى مقياسا نوعيا رفع اليمن إلى المكانة الحضارية التي تستحق.

الديمقراطية حق ومسؤولية
في المقابل يقول عضو مجلس الشورى، الدكتور مطهر السعيدي، إن ما تحقق في اليمن ديمقراطيا منذ تحقيق الوحدة المباركة يتجاوز مجرد إحداث تحول -مهما كان- في مسار مستمر للممارسة الديمقراطية، إلى تخليق هذا المسار بدءاً وتخليق وتطوير لبناته الدستورية والقانونية والمؤسسية، وتأصيل مرتكزاته الجماهيرية توعويا ومسلكيا باعتبار الديمقراطية حق ومسؤولية، وبالذات بالنظر إلى الدور المركزي لآلية العمل السياسي الديمقراطي كوسيلة لتحقيق التوافق المجتمعي السلمي والبناء إزاء خيارات ومصالح المجتمع بمختلف فئاته، وإعلاء المصلحة العامة وتفعيل مقومات الفعالية والاستمرارية والوضوح المرجعي فيما يتعلق بخيارات ومهام البناء والإصلاح الوطني بمختلف مجالاتها، على الأقل من حيث المبدأ، ولا يقف هذا الأمر عند مستوى الدولة وفي إطارها، بل أنه يشمل البنية العامة لمؤسسات العمل السياسي الديمقراطي في المجتمع عموما، بما في ذلك الأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني التي أصبحت تعد بالمئات ومؤسسات صناعة الفكر والمؤسسات الإعلامية على اختلافها وتحديد وتأصيل الحقوق والحريات التي تحكم ممارسات مختلف هذه الكيانات.واستطرد السعيدي بالقول: "لعل أخطر ما يهدد مسار البناء الديمقراطي ومناخ الاستقرار المجتمعي عموما هو أن يتحول ما تتيحه الديمقراطية من الحقوق والإمكانات إلى وسائل غير راشدة للتدمير الذاتي والانحراف بهذه الوسائل عن غاياتها الدستورية كوسائل لتحقيق التوافق المجتمعي السلمي والبناء والدفاع عن مصالح المجتمع إزاء كل تجاوز بما في ذلك تجاوزات الدولة وتعزيز التفاهم والتواصل بين مختلف الرؤى ووجهات النظر في المجتمع وتحويلها بدلاً عن ذالك إلى وسائل هدامة لبث الفرقة وإشاعة الكراهية وإثارة الشكوك المتبادلة وتخليق أجواء الفتنة بين أبناء المجتمع الواحد.

(السياسية) ـ استطلاع غمدان الدقيمي:

الجمعة، 22 مايو 2009

"الوحدة اليمنية" حق ومصير الشعب .. ومشاكل الوطن بحاجة إلى وقفة جادة


لا يختلف اثنان على أن إعادة تحقيق الوحدة اليمنية المباركة في الـ 22 من مايو 1990م هو الحدث الأبرز في تاريخ اليمن المعاصر الذي تبوأ فيه أبناء الوطن اليمني مكانة عالية على مستوى الساحة الإقليمية والدولية خصوصا وأنها تحققت في وقت تتفكك فيه عديد من الدول والشعوب التي آلت إلى الشتات والدمار الذي لا يمكن إصلاحه إلا بعد عقود طويلة والأدلة شاهدة على تلك الدول التي نشاهدها يوما عن يوم عبر شاشات التلفاز ونتابعها عبر مختلف وسائل الإعلام.
ونستطيع القول فيما يخص الإنجازات التي شهدتها اليمن منذ إعادة تحقيق الوحدة أنها كثيرة ولا أحد يستطيع حصرها في مقال أو مقالين سواء في مجال الخدمات أو البنية التحتية ناهيك عن التطور الديمقراطي والتعددية السياسية والحزبية والانتخابات ومشاركة المرأة والحقوق والحريات وغيرها من الانجازات برغم الظروف السياسية والاقتصادية التي مرت ولا زالت تمر بها اليمن بدأ من حرب 1994م التي جاءات نتيجة للدعوة التي أطلقها قادة الحزب الاشتراكي حينها من عدن بـ"الانفصال" التي أبى وتصدى لها شعبنا اليمني وأعاد للوحدة هيبتها من جديد.
وللأسف الشديد كلفت تلك الحرب اليمن كثيرا سواء على المستوى الاقتصادي أو السياسي وكما قلنا أيضا أن اليمن منذ عام 1990م وإلى اليوم مر ولا زال بظروف اقتصادية صعبة نظرا لقلة الموارد وضعف الاستغلال الأمثل ولم تمكنه من الارتقاء بالبلد إلى ما يتمناه وينشده المواطن من حيث تحسين مستواه المعيشي اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا وهو المطلب الذي لا شك أن الجهات المختصة تسعى جاهدة منذ ذلك الحين وإلى اليوم إلى تحقيقه وقد قطعت شوطا لابأس به في سبيل ذلك والجدير بالذكر أنه ينبغي على الجهات المختصة تحمل مشاكل البلد الاقتصادية لا أن تتنصل وتقول بأن إمكانياتا في هذا الجانب شحيحة أو غير ذلك.
وما ينبغي التركيز عليه بمناسبة احتفالات بلادنا بالعيد الـ 19 للوحدة اليمنية المباركة هو أصوات النشاز وظهور دعوات كان قد مضى عليها سنوات كثيرة تلك التي تدعوا إلى ما يسمى بـ"الانفصال" وكأن الوطن ملكا لها دون غيرها ضاربة عرض الحائط بحق اليمنيون ومصيرهم وحلمهم الذي سطره أجدادهم وآبائهم منذ أكثر من نصف قرن مضى حين كان الجهل مسيطرا في شمال اليمن إبان حكم الإمامة وجبروت الاحتلال البريطاني في جنوب اليمن وناضل أولئك الرجال وحققوا انتصارات عظيمة تمخضت عنها ثورتي الـ"26 من سبتمبر 1962م" والـ"14 من أكتوبر 1963م" التي يعد أحد أهم أهدافها "تحقيق الوحدة اليمنية".
فهل يحق لدعاة الانفصال اليوم بالتحكم بمصير شعب ووطن عانى كثيرا من مآسي التشطير وإرهاصاته !؟ أجزم بأن ليس لهم أي حق في ذلك وأن شعبنا العظيم لن يرضى بغير الوحدة بديلا وسيتصدى لكل من تسول له نفسه الإضرار بأمن وسلامة ومصلحة الوطن.
ما ينبغي أن يفهمه هؤلاء القلة أنهم ليسوا الوحيدون الذين يعانون من مشاكل أبرزها كما يدعون "الحقوق المتساوية" بل إن الكثير من أبناء الوطن يعانون من ذلك سواء كانوا من الشمال أو الجنوب أو الشرق أو الغرب ـ المهم أنهم يمنيون ـ ولكن ذلك لا يعني أن ندعوا إلى الانفصال فهذا غير مقبول البتة ضف إلى ذلك طبعا مشاكل الفقر والبطالة والأوضاع الصحية المتردية في كثير من المناطق اليمنية خاصة الريفية إلى جانب مشاكل الشباب التي حقا ينبغي الوقوف أمامها بجد وتذليلها خاصة وأنهم "عماد الحاضر وجيل المستقبل" ومن غير المعقول أن يقصى جيل المستقبل من حقوقه أو أن يعيش إلى اللامجهول يتخرج من الجامعة إلى أرصفة الشوارع لا يجد عملا يسد رمقه ويتناسب مع تخصصه الدراسي فيحبط ويتنكر لوطنه ويصب سخطه عليه "وهذه هي المشكلة الكبرى".
ما أود أن أختتم به موضوعي هذا هو دعوة لكل الغيورين على هذا الوطن بالاصطفاف صفا واحدا تحت سقف الوحدة وحل كافة الإشكاليات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ومن هذا المنطلق ينبغي على حكومتنا الرشيدة أن تعمل بالفعل وليس بالقول على رفع معاناة المواطن وتحسين وضعه المعيشي إلى جانب استثمار الموارد الاقتصادية غير النفطية المتمثلة بالزراعة والسياحة والثروة السمكية وغيرها لعلى وعسى أن يكون ذلك الشافي والكافي لكل ما يحدق باليمن من إشكاليات ودعوات شيطانية.
أخيرا أهنئ قيادتنا السياسية ممثلة بفخامة رئيس الجمهورية علي عبدالله صالح وكافة شعبنا اليمني بمناسبة العيد الـ19 لإعادة تحقيق الوحدة اليمنية المباركة سائلا العلي القدير أن يعيد هذه المناسبة وقد تحقق للوطن والأمة كل ما يصبوان إليه من التقدم والازدهار "وكل عام والجميع بخير".

الأربعاء، 20 مايو 2009

القربي في حلقة نقاش السياسة الخارجية اليمنية: الموارد تمثل العائق الرئيس الذي يحد من قدرة وزارة الخارجية في العمل الدبلوماسي


قال وزير الخارجية الدكتور أبو بكر القربي أن السياسة الخارجية جانب هام لأن توفر الموارد بشقيها المادي والبشري قضية رئيسية لتفعيل العمل الدبلوماسي خاصة وأن الموارد تمثل العائق الرئيس الذي يحد من قدرة وزارة الخارجية على تفعيل كثير من جوانب العمل الدبلوماسي. وأشار القربي في كلمة ألقاها في حلقة النقاش الموسومة بـ(تعبئة الموارد لتفعيل السياسة الخارجية اليمنية) التي نظمها مركز سبأ للدراسات الإستراتيجية اليوم الأربعاء بحضور عدد من السفراء والأكاديميين والمهتمين إلى أن إلغاء الكادر الدبلوماسي نتيجة لتطبيق إستراتيجية الأجور مثل عقبة أمام منح الدبلوماسيين اليمنيين وأن رواتبهم متدنية بالمقارنة مع نظرائهم من الدول الأخرى ذات المستوى الاقتصادي المقارب لاقتصادنا وأنه الأمر الذي يؤثر على أداء الكادر الدبلوماسي في الخارج من حيث المقدرة على المشاركة في الفعاليات وإقامة العلاقات الفاعلة في بلد الاعتماد. منوها بأن الميزانيات التشغيلية للسفارات لا تسمح بالتحرك بفاعلية وتكاد تغطي الأساسيات من احتياجاتها , وهذا يحد من مقدرة السفارات على التوسع في التعريف باليمن وحضارته والترويج للاستثمار والسياحة وغيرها من الأنشطة التي تتطلب توفر الموارد من أجل تنفيذها.
لافتا إلى أن وزارة الخارجية تعاني في الجانب البشري من إشكالية إحلال الكادر الدبلوماسي الذي يحال للتقاعد نتيجة عدم اعتماد درجات وظيفية توازي أعداد المحالين للتقاعد مما يؤدي إلى اختلال الهيكل الوظيفي للوزارة والبعثات الدبلوماسية.
مشيرا إلى أن السياسة الخارجية لأي بلد مرتبطة ارتباطا وثيقا بالسياسة الداخلية وبالأهداف السياسية والاقتصادية والتنموية والاجتماعية التي تشكل بمجموعها مصالح تلك الدولة التي تسخر لها الحكومة إمكانياتها ومؤسساتها من أجل تحقيقها داخليا وخارجيا.
موضحا أهمية انفتاح الدول على العالم والتوسع في إنشاء العلاقات السياسية والاقتصادية والأمنية وأن تنفيذ السياسة الخارجية لأي بلد محكوم بقواعد التعامل بين الدول والمبادئ الحاكمة لذلك التعامل.
مؤكدا ما انتهجته اليمن منذ إعادة تحقيق الوحدة اليمنية المباركة في إزالة أسباب التوتر في علاقاتها مع محيطها الإقليمي وتأكيد دورها كعامل استقرار في المنطقة وذلك بترسيم الحدود مع دول الجوار مما أتاح الظروف المناسبة للحكومة للتركيز على برامج التنمية والتخفيف من مساحة الفقر وتحسين مستوى الخدمات للمواطنين , الأمر الذي فرض على وزارة الخارجية التوجه نحو دبلوماسية التنمية مع ما صاحبها من إعادة صياغة للأهداف والمهام لسفاراتها وتأهيل كوادرها للمهام الجديدة والتنسيق مع أجهزة الدولة المختلفة ومؤسساتها المعنية بالتنمية.
وبالمناسبة هنأ وزير الخارجية القيادة السياسية والشعب اليمني بمناسبة عيد الوحدة التاسع عشر مؤكدا أن الوحدة هي قدر شعبنا وحلمه الذي تحقق بنضال الأجيال وتضحيات الأبطال وأن الشعب اليمني لن يفرط بها وسيحميها بإيمان مطلق وسيقف للتصدي لمن يعمل على التأمر عليها. هذا وقد قدمت ورقة عمل رئيسية لحلقة النقاش موسومة بـ(تعبئة الموارد في السياسة الخارجية اليمنية) للأستاذ الدكتور جلال فقيرة تطرق فيها إلى التأصيل النظري للعلاقة بين الموارد, وبين السياسة الخارجية, مبرزاً الإمكانات التي تتوفر عليها اليمن, وما يمكن أن تلعبه من أدوار, وتأثير. انطلاقاً من تقييم حدود حشد وتعبئة الموارد المتاحة لصنع سياسة خارجية قادرة على تحقيق الأهداف المرسومة للبلاد على أكثر من مستوى . وعقب قراءة الورقة أتيحت الفرصة للمشاركين بالنقاش المستفيض في محاولة لبلورة رؤية شاملة للسياسية الخارجية اليمنية على ضوء المتغيرات الجارية والتحولات الممكنة . الجدير بالذكر أن حلقة النقاش بدأت بكلمة المدير التنفيذي لمركز سبأ الدكتور أحمد عبدالكريم سيف أوضح فيها أهمية تحرك السياسة الخارجية اليمنية من التركيز على مصالح الدولة فقط إلى تأمين وجود بيئة إقليمية ودولية تعزز من تحسين ظروف معيشة المواطن اليمني.









الأحد، 17 مايو 2009

تأخير اعلان نتائج امتحانات الفصل الدراسي الاول بجامعة صنعاء.. مشكلة تبحث عن حل

يشكو عدد من طلاب جامعة صنعاء تأخير إعلان نتائج امتحانات بعض مواد الفصل الدراسي الأول للعام الجامعي الجاري 2008 ـ 2009 حتى الآن، واعتبروها مشكلة تقلق الكثير منهم، خصوصا مع بدء العد التنازلي لامتحانات الفصل الدراسي الثاني التي من المقرر أن تبدأ في 13 يونيو المقبل، بحسب أحد الطلاب. "السياسية: سلطت الضوء حول هذا الموضوع وخرجت بالحصيلة التالية:

المشكلة وتأثيرها السلبية
أكد عدد من طلاب جامعة صنعاء أنه بالرغم من مرور أكثر من شهرين على انتهاء امتحانات الفصل الدراسي الأول، 19/26/ فبراير 2009، و5 مارس 2009؛ إلا أن نتائج امتحانات بعض المواد حد قولهم لم يعلن عنها حتى الآن. وفي تصريحات خاصة إلى "السياسية)" أشاروا إلى أن هذه المشكلة ليست وليدة اللحظة، بل تتكرر عاما بعد عام أمام مرأى ومسمع الجميع، بمن فيهم المختصين في الكليات والجامعة. وأوضح غالبية من التقتهم "السياسية" أن المشكلة تشكل لديهم قلقا شديدا من الناحية العلمية والذهنية وأنهم ينشغلون بالتفكير بتلك المواد ويجهلون إن كانوا ناجحين أم فاشلين فيها أكثر من انشغالهم بالمواد الأخرى المقررة عليهم خلال فترة الفصل الدراسي الثاني، وهو ما ينعكس سلبا على محصلتهم في الفصل الدراسي الثاني ونهاية العام. واعتبروا أن تأخر إعلان نتائج بعض المواد يحرم كثيرا من الطلاب من رفع تظلم أو الطعن، خصوصا إذا كان الطالب متأكدا من النجاح وفوجئ برسوبه.
المطالبة بفتح تحقيق
وفي الوقت الذي يرى فيه عدد من الطلاب أن الأكاديميين (مدرسي المواد) هم السبب الأول والأخير في المشكلة، يرى آخرون غير ذلك، حيث يعتقدون أن إهمال مسؤول الكنترول هو السبب في ذلك. في المقابل يُحمّل آخرون الطرفين المسؤولية الكاملة ويطالبون بفتح تحقيق بالقضية ومحاسبة المتورطين فيها. ولأننا تعهدنا للطلاب بعدم ذكر أسمائهم كاملة، فقد أكد "م. ع" طالب في كلية التجارة نظام عام أن نتيجة مادتي "الحاسب الآلي" و"نقود وبنوك" لم يعلن عنهما حتى الآن، وأن هناك إهمالا ولا مبالاة من قبل المختصين ومن جراء ذلك التأثير السلبي الذي يصاب به الطالب نتيجة ذلك. "ن. ق" هو الآخر طالب في كلية التجارة "نظام موازي" لفت إلى أنهم لم يستلموا حتى اليوم نتيجة مادتي شركات الأشخاص والحاسب الآلي. أما "ع. أ" فيوضح أنه يعاني قلقا شديدا بسبب عدم إعلان نتيجة العلوم السياسية، برغم أنه متأكد من النجاح فيها لكنه يخاف أن يواجه عكس ذلك ويحول دون تمكنه من الطعن فيها.
دافعا نحو الفشل
من جهته تحدث طالب آخر فضّل عدم ذكر اسمه عن أهمية التعليم وما يمثله في حياة الشعوب وتطوراتها.وأوضح أن المعاناة التي يواجهها الطالب الجامعي كثيرة جدا، منها الانتظار الطويل من فصل دراسي إلى آخر وإلى العام بحثا عن النتائج التي تحدد طريق نجاحه أو فشله، مؤكدا أن تأخر إعلان النتائج في جامعة صنعاء باتت مشكلة تسبب ضغطا نفسيا على الطلاب وأيضا هي عامل على الفشل. وتساءل: "متى نجد حلولا لهذه المعاناة التي باتت خطرا على مستقبل التعليم في اليمن؟ ومتى نلحق بقطار العالم في التطور والتقدم ونواكب عصر السرعة؟". وفي الوقت الذي يؤكد فيه أحد طلاب المستوى الثالث بكلية التربية (ع. أ) أنهم استلموا نتائج امتحانات جميع مواد الفصل الدراسي الأول، يشير طالب آخر في كلية الهندسة إلى أنه لن يتم الإعلان عن نتيجة امتحان مادة "هندسة قوى". وبرغم أنه لا يشعر بأي قلق من نتيجة هذه المادة إلا أنه أكد أن هناك طلابا يعيشون حالة من القلق، خصوصا وأن من بينهم من عليه مادتان من السنة السابقة، ومعنى سقوطه في هذه المادة أنه سيبقى سنة إضافية.
لا تتحمل أي مسؤولية
توجهت "السياسية" بعد ذلك إلى إدارة الامتحانات بجامعة صنعاء لتتقصى الحقيقة وما وراءها، والتقت هناك نائب مدير الإدارة، محمد الظبري، وسألته عن سبب المشكلة وهل هناك نتائج مواد يتم حجزها لديهم، فأجاب: "السبب هم الأكاديميون (مدرسي المواد)"، وأن إدارته لا تتحمل أي مسؤولية بهذا الموضوع، حيث تقوم بالإعلان عن النتائج بعد وصولها من مدرس المادة.
ماذا يقول الأساتذة؟
أحد الأكاديميين في كلية التجارة (أستاذ مادة العلوم السياسية) أكد أن نتائج امتحان هذه المادة بالنسبة لطلاب النظام العام سلمت قبل فترة للكنترول، وأن نتيجة طلاب النظام الموازي في المادة نفسها ستسلم قريباً. وأشار إلى أن عمادة الكلية هي المعنية بإفادتنا حول هذا الموضوع. في المقابل أوضح الاكاديمي في كلية الهندسة، الدكتور محمد علي نصر، أستاذ مادة "هندسة قوى"، أن السبب الرئيسي في هذا الشأن هو انشغال الأستاذ بالتدريس صباحاً ومساء (ضيق الوقت والكثافة طلابية). وقال: "أنا شخصياً لا يوجد لدي وقت للتصحيح إلا يومين في الأسبوع وأدرس بقية أيام الأسبوع طلاب النظام العام صباحاً والموازي مساءً، أكثر من 450 طالبا. أما بالنسبة لمادة هندسة قوى فهي ليست تخصصي وبعد أن حدث إضراب من الطلاب عن الدراسة فيها وتدخلت عمادة الكلية قمت بتدريسها خلال الشهر الأخير من الفصل الدراسي الأول وأثناء الامتحانات أيضاً وهو أحد أسباب التأخر عن إعلان نتائجها"، مشيراً إلى أنه كان عضواً في اللجنة الإشرافية على الامتحانات في الفصل الدراسي الأول، وهو ما شغله عن التصحيح، خصوصاً وأن إجازة ما بين الفصلين الدراسيين أسبوع واحد فقط ومن الصعب تصحيح جميع دفاتر الطلاب في هذه الفترة، أعقبها -حد قوله- انشغاله بالتدريس في الفصل الدراسي الثاني.
مبررات وأسباب التأخير
من جهته أكد عميد كلية التجارة والاقتصاد بجامعة صنعاء، الدكتور سعيد أحمد حسن، أن الكثافة الطلابية في الكلية تشكل عقبة كبيرة، سواء فيما يخص التدريس وإلقاء المحاضرات أم نتائج الامتحانات، وأن في بعض المستويات أكثر من 2500 طالب وطالبة في مستوى واحد، مما يعني أن مدرس المادة يحتاج إلى كم من الوقت للتصحيح.ونوه بأن الطالب الجامعي قد يكون أيضا أحد أسباب تأخير إعلان نتائج بعض المواد، كون الكثير منهم يكتبون بخط سيئ ويحتاج الأستاذ لكي يدقق في التصحيح ولا يظلم أحدا إلى وقت أطول مما هو متاح، إلى جانب أن بعض الدكاترة لديهم أعمال والتزامات أخرى معظمها متعلقة بالدولة أو إشكالات أو يسافر بعضهم إلى الخارج بهدف العلاج وغيره مما يسبب تأخير إعلان النتائج.
15 بالمائة لم يعلن عنها"حسن"، برغم اعترافه بوجود المشكلة وآثارها على الطالب، أكد أن معظم نتائج مواد امتحانات الفصل الدراسي الأول بكلية التجارة لهذا العام تم الإعلان عنها وهي بنسبة 85 بالمائة، أما التي لم يعلن عنها حتى الآن فهي 15 بالمائة موزعة ما بين الأساتذة والكنترول. وأشار إلى أن عمادة الكلية تحرص على أن تظهر نتائج المواد في موعدها المحدد، وتقوم بالمتابعة المستمرة للأساتذة، حيث تعطي للمواد المحاسبية بحكم العدد الكبير من الطلاب فترة زمنية لمدة شهرين بعدها يسلم الأستاذ النتائج، أما المواد غير المحاسبية شهر واحد.
إهمال بعض الأساتذة
من جانبه أكد نائب رئيس جامعة صنعاء للشؤون الأكاديمية، الدكتور أحمد الكبسي، أن من الخطأ أن يتأخر إعلان نتائج الامتحانات ويجب أن تظهر في مواعيدها، موضحا أنه يمكن للطلاب أن يمارسوا حقوقهم الديمقراطية عن طريق تقديم عرائض بتوقيعاتهم لعمداء الكليات أو بالاعتصام أمام مكتب العميد أو الأستاذ للمطالبة بنتائج الامتحانات، معتبرا أنها من الحقوق المشروعة التي تعطي الطالب حق التعبير عن رأيه. وأرجع الكبسي سبب تأخير إعلان النتائج إلى الكثافة الطلابية في بعض الكليات والإهمال من قبل بعض الأساتذة، مطالبا الطلاب بالمطالبة بحقوقهم، "خصوصا وأننا مجتمع مرتكز على الديمقراطية والتعددية السياسية". كما طالب "الزملاء (الأساتذة) بأن يتذكروا أنهم كانوا في يوم من الأيام طلابا". وأضاف: "عندما كنت طالبا كنت أنتظر في الثانية بعد منتصف الليل نتيجتي أمام بوابة الكنترول".
(السياسية) ـ تحقيق غمدان الدقيمي:

الجمعة، 15 مايو 2009

الزيوت المغشوشة.. تهديد للسلامة العامة والاقتصاد الوطني

"بلاد كل شيء يمشي بالغش، وهذه المشكلة ليست جديدة، وليست الأولى، ولن تكون الأخيرة" هكذا أجاب أحد سائقي الباصات بالعاصمة حول مشكلة زيوت السيارات المغشوشة..."السياسية" حققت في أسباب انتشار المشكلة في اليمن ودور الأجهزة الرقابية، ومدى حجمها وعواقبها على الناس.

أغضبني رد السائق
بدأت فكرة هذا التحقيق حينما قرأت خبرا صحفيا في إحدى الصحف الأسبوعية المحلية، والذي فيه أشارت إلى أنه تم ضبط مركز لغش زيوت السيارات، وكنت حينها بجانب أحد سائقي الباصات بأمانة العاصمة عائدا من العمل إلى المنزل، فقرأت الخبر للسائق، ولم يعره أي اهتمام، وعند ما سألته عن السبب رد، قائلا: "يلعن أبوها بلاد ما عاد فيش شيء غير مغشوش، كل شيء يمشي بالغش، وهذه المشكلة ليست جديدة، وليست الأولى، ولن تكون الأخيرة"، أغضبني رد السائق، وبالذات حين تذكرت قول الكثير من المواطنين "مشاكلنا في وادي والحكومات في وادٍ آخر". عدت لأسأل سائق الباص: هل واجهت مشكلة متعلقة بزيت سيارات مغشوش؟ رد بحرقة: "يا عزيزي باصاتنا ومعظم السيارات التي تراها أمامك تنفث الدخان الكثيف هي نتائج الزيوت المغشوشة، ولا نعلم ما الذي أصبح جيدا، وما هو المغشوش، وأين دور الجهات المختصة في القبض على هؤلاء أو غيرهم ممن يقومون بالغش في أشياء كثيرة؟
هنا شعرت بأن الفكرة بحاجة إلى تحقيق صحفي، اتجهت مباشرة لتدوينها بعد أن وصلت إلى المنزل، وحددت المصادر الخاصة بالموضوع.

أبرياء ضحايا الغش
بداية سألنا علي اليمني (ميكانيكي سيارات) حول تأثير المشكلة على السيارات، فقال: "إن زيوت السيارات الرديئة التي تدخل إلى البلد بطرق مختلفة أو تلك التي يتم إعادة تدويرها داخل البلد لها تأثير كبير جدا على مكاين السيارات إلى جانب التأثير على الفلترات، حيث يتم أحيانا تركيب الفلتر لأي سيارة وتقوم بتوظيب المكينة، وتلاحظ دفع الزيت إلى البورصات بسيطا جدا (دفعية بسيطة) مما يؤدي إلى تخبط في المكينة". لافتا إلى أنه من خلال عمله وجد أن "سُمّ البِرَكْ" أيضا أحد أهم الأسباب في عطل السيارات نظرا لأن الكثير من السائقين يستخدمون أنواعا رديئة أو "تايوان"، وهو ما يسبب خطورة كبيرة -حد قوله- لأن السيارة تتقيّد في هذه الحالة بشكل مفاجئ في أي منطقة، فيذهب ضحيتها، أحيانا، أناس أبرياء في حادث مروري هنا أو هناك.

تأكيد ومقترحات بالإعلان
من جانبه، لم يخفِ عبدالله الجابري (بنشري) أن هناك عدّة زيوت رديئة (مكررة) في اليمن، أو يتم استيرادها، وأن الكثير من سائقي السيارات يشترونها نتيجة انخفاض أسعارها، موضحا أنه لا يبيع مثل هذه الأنواع برغم أنها لا تؤثر على السيارات -حد قوله- وبالذات أنه لم يجد أحدا يشتكي منها، ولكنه يجهل إن كانت العيوب ستظهر مستقبلا أم لا. في المقابل اكتفى أحد تجار زيوت السيارات -الذي فضل عدم ذكر اسمه- بالقول "يفترض أن يتم الإعلان بشكل رسمي ومتواصل عبر وسائل الإعلام من قبل الجهات المختصة عن أنواع الزيوت المغشوشة؛ ليحذر منها الجميع، سواء السائقين أو أصحاب المحلات, كما نتمنى أن يتم القبض على من يقومون بعملية الغش وإنزال أقصى العقوبة بهم ليرتدع الآخرين".

ضعف الرقابة سبب الانتشار
من جهته أشار مدير الدائرة الفنية بجمعية حماية المستهلك، صالح غيلان، لـ"السياسية" إلى أن أسباب انتشار الغش في زيوت السيارات هو ضعف الرقابة، وأن الجهة المسؤولة عن فحص الزيوت هي الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس إلى جانب وزارة التجارة والصناعة ومكاتبها في المحافظات كجهة إشرافية، ويفترض أن يكونوا متواجدين في الأسواق لمتابعة هذه المشكلة، والتأكد من مدخلات الأسواق ومن هذه المنتجات.لافتا إلى أن جمعية حماية المستهلك هي الجهة الوحيدة التي نبّهت لهذا الموضوع والمخالفات القائمة فيه، وأنها قامت، قبل العام الماضي، بفحص 40 صنفا من الزيوت الموجودة في الأسواق، ووجد عدد 36 من أصل 40 صنفا مخالفا، وأنه تم التواصل مع الجهات المختصة لمنع تداول هذه الزيوت وسحبها من الأسواق، مبينا أن الجمعية حاليا بصدد التحضير للحملة الثانية بهذا الخصوص.معتبرا أن إعادة تعبئة هذه الزيوت وتكريرها بعبوات مختلفة الأحجام والأشكال وبعلب أنيقة وكتابة بيانات عليها تُوحي بأنها من عدّة مصادر برغم أنها مزوّرة إلى جانب إغراء تجار الزيوت المغشوشة للتجار الأصغر منهم وأصحاب محلات تغيير الزيوت بنسب معيّنة هو أحد الأسباب التي تساعد للترويج لهذه السلع، والتي مما لا شك فيه يجهلها قائدو السيارات ويجهلون آثارها، خصوصا في ظل غياب التوعية المناسبة والإغراء الموجود على العلبة.
دعوة إلى التوعية
موضحا أن جمعية حماية المستهلك تستنكر هذه التصرفات، التي يقوم بها البعض، وأنها تدعم الإنتاج الجيّد وتشجّعه بشكل قوي جدا، وضد أي منتج مخالف يباع في الأسواق، سواء كان مغشوشا أو مقلدا أو مزورا. ودعا غيلان الجهات الإشرافية في الدولة ممثلة بالهيئة العامة للمواصفات والمقاييس إلى توعية المستهلك بالأنواع الجيّدة والرديئة من زيوت السيارات، بالإضافة إلى دور الإعلام في هذا الجانب، خصوصا وأن للجمعية -حد قوله- تجربة في هذا الجانب، سردها بالقول: "نشرنا سابقا الأصناف المخالفة من الزيوت، التي كشفناها، ووجدنا تجاوبا كبيرا جدا من قبل المستهلكين وأصحاب السيارات، وتلقينا اتصالات للاستفسار عن ماهية الأنواع المغشوشة والجيّدة". ونبه غيلان قائدي المركبات والسيارات بضرورة التأكد من نوعية الزيت الذي يستخدمونه، ومن مصدره ونوعيته.

بدء العمل بمكافحة الغش التجاري
من جهته أوضح مدير عام مكتب الصناعة والتجارة بمحافظة صنعاء، عبد الباسط الكميم، أن مكتب الصناعة في المحافظة بدأ عملية مكافحة الغش التجاري في زيوت السيارات وتوابعها من زيوت "فرامل" وغيره، منذ تاريخ 27/12/2007، وأن المشكلة قائمة منذ أكثر من ثماني سنوات. وشرح الكميم بالتفصيل كيفية القيام بعملية الغش التجاري في زيوت السيارات منذ بداية تجميع الزيوت الحارقة أو المستخدمة في محلات تغيير الزيوت (البنشر) وصولا إلى عملية البيع في المحلات التجارية وورش تغيير الزيوت وجميع الطرق المستخدمة للغش في هذا الجانب سواء في محلات "البنشر" أو المعامل الخاصة بإعادة التكرير.

إغلاق مصانع والقبض على متورطين
موضحا أن مكتب الصناعة في المحافظة يولي هذه المشكلة اهتماما واسعا، فقد قام بالتحرِّي عن كثب، وعن قُرب، من خلال اللجان الميدانية ومفتشي الضبط القضائي وأصحاب الخبرة في هذا المجال، وأنه تم رصد أسماء المخالفين وضبط عدد منهم أثناء قيامهم بهذه العمليات، وتم أخذ أقوالهم وجمع الاستدلالات من قبل بعض المتعاونين، وأن الصورة اكتملت لهم بشكل واضح، وذلك من خلال العمليات المتكررة والنزول إلى الأسواق ومعرفة المتورطين بالمشكلة، وأماكن قيامهم بعملية الغش (مواقع المعامل والمصانع وغيرها). مؤكدا أنه تم إغلاق مصنعين، أحدهما في مديرية سنحان، وتم سحب الكميّات التي كانت موجودة بداخله، ومداهمة ثلاثة أحواش تُجمع فيها الزيوت، بالإثباتات من خلال الصور التي التقطوها (صور فيديو وفوتوغرافية)، وتم إحالة القضايا إلى النيابية؛ كونها المسؤول الأول والأخير والمباشر عن عملية الغش التجاري، بحسب القوانين النافذة -حد قوله- لافتا إلى أنهم وجدوا أن هناك أشخاصا متورطين من جنسيات هندية وباكستانية يعملون لإحدى الشركات الكبيرة في مجال الزيوت -على حد قول مسؤول الشركة الكبيرة في المنطقة الحرة بعدن "الذي أعطانا خلفية كبيرة عن كيفية القيام بالعملية وأجرينا تجربة داخل المكتب".حجم الكميات المغشوشة وعن حجم الكميات التي تم ضبطها من الزيوت المغشوشة، بيّن الكميم أنه تم في إحدى أماكن تجميع الزيوت ضبط أكثر من ثلاثمائة برميل، بما يعادل 268 ألف لتر من الزيوت المجمّعة. أما في المصنع أو المعمل -المذكور أنفا- وجدوا بداخله أكثر من خمسة آلاف دبة من الزيوت المعادة، وأن لديهم إثباتات بنوعية الزيت "المغشوش".في المقابل، قال تقرير صادر عن وزارة الصناعة والتجارة أنه تم ضبط مركز لغش زيوت السيارات في منطقة "بيت بوس" بالعاصمة صنعاء، مؤكدا أنه تم ضبط ما يزيد عن 284 برميل زيت، ما يعادل 68 ألفا و160 لترا من الزيوت الحارقة، بالإضافة إلى ما يقارب خمسة آلاف علبة زيت فارغة من مختلف أنواع الماركات، وكانت مُعدّة لتعبئتها بالزيت التالف، الذي تم جمعه من عدد من تجار الزيوت، وكان من المقرر -حسب تقارير صحفية- ترحيلها إلى شركة "كريتر" في عدن؛ لإعادة تصنيفها.

إضرار بالاقتصاد الوطني والقومي
وبالعودة إلى حديث الكميم، الذي نوه أن الزيوت المغشوشة التي يتم استيرادها لليمن نادرة وبالذات أنه عند ما يتم تكرير الزيوت في دبي –مثلا- أو المناطق المجاورة يتم بحسب المواصفات حتى وإن كان فيها غش، لكنه ليس بالحجم الموجود في الدخل (اليمن). فقد اعتبر أن لهذه الظاهرة وانتشارها ضررا كبيرا على الاقتصاد الوطني والمال العام والدخل القومي والاستهلاك المحلي ودخل الفرد، وأن سلبياتها تعُم الوطن والمواطنين بشكل عام.

توجيهات الوزير لم تُنفذ
داعيا جميع الجهات الحكومية والتجارية والقطاع الخاص والجهات المختصة وذات العلاقة بدءا بالهيئة العامة للمواصفات والمقاييس ومكتب الصناعة والتجارة بأمانة العاصمة الذي يوجد فيها (الأمانة) أكثر من 5 آلاف محل لتغيير الزيوت (بنشر)، وصحة البيئة، إلى تكاتف الجهود والتعاون مع مكتبه للعمل كفريق واحد وتشكيل لجنة مشتركة؛ تنفيذا لتوجيهات وزير الصناعة والتجارة، الدكتور يحيى المتوكل، التي لم تلقَ آذان صاغية حتى اليوم للقضاء على هذه الظاهرة الخطيرة.كما دعا، بالإضافة إلى ما سبق، أصحاب الشركات العالمية المصنّعة للزيوت ووكلاءها المتواجدين في اليمن إلى ضرورة التعاون في هذا الموضوع ومرافقة اللجان الميدانية وتقديم الدعم اللازم لها، وعمل حملة إعلامية في الشوارع وعبر وسائل الإعلام، حتى يتم القضاء على هذه الظاهرة وضبط المخالفين وتسليمهم للعدالة.مشيدا بدعم محافظ صنعاء، نعمان دويد، الذي وجّه اللجان الأمنية والرقابية، وبدعم وتشجيع المكتب نظير دوره الفعّال، ولم يخفِ الكميم اهتمام ومتابعة معالي وزير الصناعة لهذه المشكلة، كما لم يخفِ، أيضا، أنه تم تصفية جميع المحلات من زيوت "ناشيونال" بحجة تعاون المختصين بهذه الزيوت، ووقوفهم ودعوتهم إلى القضاء على هذه الظاهرة.

برغم التشديد.. المشكلة قائمة
وفي السياق ذاته، تحدث رئيس الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة، المهندس أحمد البشة، قائلا: "قامت الهيئة بإصدار وإعداد مواصفات قياسية خاصة بأنواع زيوت السيارات المختلفة وأجرت، بالتعاون مع بعض الجهات ومنظمات المجتمع المدني، مسحا ميدانيا، واتضح لها أن هناك العديد من زيوت السيارات المختلفة، إما مخالفة للمواصفات، وإما ملغية (أي لم تعد تنتجها الدول المصدّرة) لذا قمنا باعتماد مواصفات خاصة بهذه الأنواع من الزيوت وتوفير الاحتياجات والمعدات الخاصة لكوادر الهيئة وتأهيلهم وتدريبهم للقيام بعملية الفحص والاختبار وأيضا، إخضاع هذه الأنواع من الزيوت لعملية رقابة الهيئة في المنافذ الجمركية، التي يتواجد للهيئة مكاتب فيها، بالإضافة إلى ذلك قُمنا بتطبيق نظام التسجيل للمنتجات المطابقة للمواصفات، حيث تم تسجيل العديد من هذه المواصفات، بحيث لا يتم منحها أية وثيقة تسجيل إلا بعد إخضاعها لإجراءات الهيئة، من فحص واختبار، كما تم تشديد الإجراءات في المنافذ الجُمركية من خلال عدم السماح بدخولها، وهو ما أدى إلى الحد من دخول الزيوت المغشوشة المستوردة عبر المنافذ.
ولم يستثنِ البشة دخول عدد من زيوت المغشوشة المستوردة، وبرغم من ذلك أوضح أنها مشكلة ما زالت تواجههم، حيث يتم إدخالها لليمن عبر التهريب أو من منافذ جمركية لا تخضع لإشراف الهيئة، وأنه تقدّم عدد من وكلاء الزيوت بشكاوى حول هذا الموضوع.

طرق مخالفة للمواصفات
مؤكدا أن الهيئة طالبت، وبالتنسيق مع الجهات المعنية، بسحب ومصادرة جميع الزيوت المستوردة المخالفة للمواصفات، التي تتواجد في الأسواق المحلية، وأنها اكتشف وجود العديد من تلك الزيوت/ سواء الملغية منها أو التي يتم إعادة تكريرها داخل البلد، وهو ما يُؤرق عمل الجهات المختصة -حد قوله- إلا أنه أكد ضبط كميّات من هذه الزيوت ومتورطين بها، داخل البلد، وتسليمهم للنيابة، وأنه يتم إعادة تكرير هذه الزيوت في الداخل بطرق غير علمية ومخالفة للمواصفات الخاصة بذلك.وعدد البشة عدّة أضرار لهذه المشكلة، منها: الإضرار بالسلامة العامة والبيئة اليمنية وممتلكات الناس (السيارات) وغش المستهلكين، وأنها بحاجة إلى تضافر كافة الجهود للقضاء عليها أو التخفيف من آثارها السلبية. ودعا المواطنين والمجالس المحلية إلى التبليغ والتعاون في هذا الجانب، مبينا أن الهيئة وجهت عدة مذكرات، وما زالت، إلى كل الجهات المعنية (هيئة البيئة ووزارة النفط وجمعية حماية المستهلك ووزارة التجارة ونقابة الزيوت والإطارات وغيرها) وأصدرت بروشورات توعوية تُوضح أنواع الزيوت المغشوشة والرديئة والأنواع الجيّدة، وأيضا عبر وسائل الإعلام ومجلة "الموصفات".غياب التنسيق الفعّالمؤكدا أن الهيئة ساهمت وما زالت في القضاء على الظاهرة من خلال اللجان المشتركة برغم أن هناك نوعا من التداخل في الاختصاص، وأن مسؤوليتها تأتي في المنفذ الجُمركي، الذي يخضع لإجراءات الهيئة وبشكل رسمي، أما ما هو موجود داخل السوق لا تتحمل الهيئة تبعاته بشكل مباشر، وأنها -رغم ذلك- وجهت عدت رسائل لتلك الجهات بهدف وضع ضوابط خاصة، سواء لعملية الاستيراد أم للاستخدام أم للضبط في داخل الأسواق.موضحا أن أهم المشكلات التي تحول دون تحقيق الهيئة للهدف الذي تنشده في هذا الجانب: غياب التنسيق الفعّال والكفء ما بين الجهات المعنية، بدليل أن عدّة مذكرات وجهتها الهيئة للعديد من الجهات ولم تتلقَ ردودا إلا من قبل البعض، وعدم توفّر بعض الإمكانيات، ووجود بعض محلات تغيير الزيوت ومعامل من غير تراخيص (يفترض أن تخضع بشكل كامل للجهات المختصة ووفق ضوابط محددة) حد قوله.إلى جانب غياب الوعي لدى المستهلكين (قائدي السيارات)، وأنه ما تركز عليه الهيئة -حد قوله- ونصحهم بالتأكد أثناء تغيير زيوت سياراتهم من العبوة وتاريخها وكيفية إحكام غطائها، وأنها من الفئات المسموح تداولها، وعدم الوثوق بمحلات تغيير الزيوت.متسائلا في ختام حديثه: عن كيفية تصريف المخلفات بعد عملية تغيير الزيوت؟ ومن هي الجهة المختصة التي تقوم بمراقبة هذه المحلات؟ وكيف يتم معالجتها؟، وهو ما يأمل البشة أن تقوم به الجهات المختصة، وأن الهيئة تبدي استعدادها بالتعاون، وبذل الجهود في هذا الأمر؛ باعتباره ضرورة حتمية للحفاظ على السلامة العامة والبيئة اليمنية.