الاثنين، 1 يونيو 2009

ما ينشده المجتمع من المؤتمرات الفرعية للسلطة المحلية؟

انطلقت، أمس، المؤتمرات الفرعية للسلطة المحلية وسط استعداد غير مسبوق وتحضيرات مكثّفة وترقب لما ستخرج به المؤتمرات من رؤى وأطروحات نحو تعزيز الحكم المحلي واسع الصلاحيات، "السياسية" تسلط الضوء حول هذا الحدث وأهميته، وما ينشده المجتمع منه..
تظاهرة ديمقراطية
مدير عام مركز المعلومات والتوثيق في لحج عضو المجلس المحلي، عبد التواب شرف، أكد لـ"السياسية" أن قانون السلطة المحلية رقم 4 لسنة 2000 حدد انعقاد المؤتمر السنوي للسلطة المحلية ليكون بمثابة تقييم سنوي لكل المجالس المحلية بأمانة العاصمة والمحافظات، وأنه في هذا العام تغيّرت الفكرة لأول مرّة بعقد مؤتمرات فرعية على مستوى الأمانة والمحافظات، وأنها بمثابة تظاهرة ديمقراطية تتوحد فيها كافة الجهود والرؤى لتُرفع بعد ذلك إلى المؤتمر العام الخامس للمجالس المحلية، الذي سيناقش ويُقر البرنامج الوطني لتنفيذ إستراتيجية الحكم المحلي، وما ستتمخض عنه المؤتمرات الفرعية.
واعتبر شرف أن ذلك سيعطي زخما إضافيا لتجربة السلطة المحلية وتمكينها من حكم واسع الصلاحيات، منوها إلى أن المؤتمرات الفرعية ستُجري تقييما شاملا للإنجازات في جميع المجالات والمشاريع، بما فيها التعثرات وأسبابها، بالإضافة إلى الجانب الإداري والمكتبي والإشراف والتوجيه، وما قامت به اللجان التخصصية والالتزام بالدوام الرسمي والآلية الخاصة بالمطبوعات والتقارير ومستوى التنفيذ لقرارات كل مجلس محلي بالمديريات، على حدة.
قصور وعدم استيعاب للقانون
ويتمنى شرف من هذه المؤتمرات أن تضع بعين الاعتبار التوصيات والقرارات التي تخدم التنمية المحلية الشاملة، وأن تُركز على جوانب القصور في قانون السلطة المحلية وتعارضه مع بعض القوانين الأخرى, لما يخدم أهداف وتطلعات السلطة المحلية.لافتا إلى أن المجالس المحلية لم تحقق أهدافها 100 بالمائة، وأن هناك قصورا كبيرا بين الأعضاء والهيئات الإدارية، خاصة عدم فهمهم لقانون السلطة المحلية وعدم استيعاب مواده وبنوده، وأن البعض منهم يجهلون المسؤولية والأمانة الذي حمّلها إياهم المواطن أثناء الانتخابات، والبعض الآخر أميّ لا يفقه شيئا "إلا أنه بالرغم من ذلك فإن ما تحقق يعتبر إنجازا لا يستهان به". خطوة لتعزيز الديمقراطية من جانبه، أوضح المواطن علي أحمد سعيد أنه لا يعلم شيئا بما نتحدث عنه في هذا الموضوع، وأن همه الرئيسي أن تعمل السلطة والمسؤولون على تحسين أوضاع المواطنين ومعيشتهم، ويطالب المجالس المحلية بأن تفي بما وعدت به المواطن قبيل الانتخابات.
مواطن آخر يؤكدا أن دور المجالس المحلية على أرض الواقع يكاد يكون مشلولا؛ بسبب عدم وضوح الصلاحيات الكافية لها، وفي ظل عدم وضوح دور الرقابة والمحاسبة، وعدم فهم الكثير من الأعضاء لدورهم وصلاحياتهم في المجلس، موضحا في الوقت ذاته أن هذا لا يمنع من أن العمل بنظام المجالس المحلية خطوة هامة في طريق تعزيز الديمقراطية في البلاد وحكم الشعب نفسه بنفسه، أملا أن تتلاشى كافة الإشكاليات الموجودة حاليا في المستقبل القريب مع تطور التعليم وظهور الإنسان المتعلم المتمكن من أداء واجباته وحقوقه.
ماهية المجالس المحلية
وفي السياق ذاته، أكدت رئيسة مؤسسة "مدار" القانونية للتدريب والتأهيل، غناء المقداد، أن من أهم الأعمال المناط بها المجالس المحلية دراسة وإقرار مشروعات خطة التنمية والموازنات السنوية والموافقة على مشروع الحساب الختامي ودراسة الإحصاءات والمعلومات وإجراء المسوح الميدانية للتعرف على أولويات التنمية وتقييم مستوى تنفيذ المشاريع والتوجيه والإشراف والرقابة على أعمال الأجهزة التنفيذية ومتابعة تبسيط وتحسين تعامل الأجهزة التنفيذية مع المواطنين في كافة المجالات من حيث تشجيع قيام المشاريع الاستثمارية، واتخاذ التدابير الكفيلة بمعالجة الصعوبات المعيقة للاستثمار وغيرها.
ولفتت المقداد إلى أن الهدف مما سبق تعريف المواطن بماهية المجالس المحلية ومهامها بناءً على القانون الذي اُستمد من الدستور اليمني، وأن هذا مهم جدا للمواطن؛ باعتباره يولّد معرفة لديه بشكل أكبر وفهما أعمق، وأنه يفترض على المجالس المحلية أن تدرس احتياجات المواطنين وتوفِّر لهم كافة الخدمات الأساسية، وغيرها دون تمييز.
جهل قانوني
وأكدت المقداد أنه إذا تم تفعيل المؤتمرات الفرعية للمجالس المحلية بجدية، وسعت إلى أن تبحث على احتياجات كل مديرية بجديّة وأمانة على موجب دراسات حقيقية، مما لا شك فيه ستصل إلى حلول تقي البلد مما هو فيه، خصوصا وأن تنفيذ أي مشروع خدمي أو تنموي يهدف إلى تحسين مستوى معيشة المواطن يجب أن يستند على أرقام ودراسات تبيّن العلة وكيفية حلها.
وأشارت إلى أنه يفترض أن تقوم المجالس المحلية بتسهيل مهام منظمات المجتمع المدني (الفعالة) وليست الشكلية؛ كونها ستساعدها على تنفيذ كافة خططها، وأن يتم التواصل فيما بينها سواء بإعداد الدارسات أم بغيرها.
ونوهت إلى أن هناك جهلا قانونيا منتشرا على مستوى الوطن، سواء بين الأميين أم بين المتعلمين، بما فيهم المجالس المحلية، وأنه في هذا الإطار لو أبدت المجالس المحلية تعاونها مع منظمات المجتمع المدني العاملة في هذا المجال ستحقق ايجابيات كبيرة فيما يخص توعية المواطنين بهذا الجانب. وتنشد المقداد من المؤتمرات الفرعية للمجالس المحلية أن ترفع ضمن تقاريرها وتوصياتها التي سترفعها للمؤتمر العام الخامس للمجالس المحلية أهمية وضرورة التنسيق بين منظمات المجتمع المدني والعمل على تشجيع إنشاء منظمات مجتمع مدني مختلفة خاصة في الأرياف، ويا حبذا منظمات متخصصة لتكون الرديف للمجالس المحلية -حد قولها- وباعتبارها أيضا من مهام ومسؤوليات السلطة المحلية.وفي ردها عن سؤال بخصوص التعاون بين مؤسستها والمجالس المحلية، قالت المقداد: لا يوجد أي تعاون بيننا وبين المجالس المحلية بشكل مباشر، وإنما نسعى لذلك "وبالرغم أنني لا أحبذ الحديث عن مؤسستي فقط، ولكن كمؤسسة قانونية هدفنا أن نتعاون مع كافة المجالس المحلية، خصوصا وأننا نعمل في أكثر في منطقة ومحافظة في التوعية القانونية للمواطن.
تصورات متعددة
من جهته، أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء، الدكتور محمد الظاهري، أن القضية تجاوزت قضية المجالس المحلية بوضعها الراهن، وأن هناك تصورات متعددة ورؤى لم تعد محصورة للخروج مما يعيشه اليمن اليوم، خاصة وأننا نسمع عن مبادرات ووجود أكثر من خلاف وحكم محلي كامل الصلاحيات أو واسع الصلاحيات والفدرالية وغيرها.
مشيرا إلى أن المجالس المحلية لم تأتِ بما هو مطلوب منها، وأن الإشكالية لم تعد قضية مجالس محلية أو مؤتمرات فرعية للمجالس المحلية، ولا الحكم المحلي، وإنما بقدر ما تحققه من حياة العزة والكرامة لجميع المواطنين اليمنيين، وأنها لا بُد أن توفِّر الاحتياجات الأساسية.
وأشار الظاهري إلى أنه يجب علينا أن نتعرف على أن الإطار المجتمعي اليمني لم يساعد على قيام حكم محلي ومؤسسات حديثة. وأوضح أنه لا يعوّل كثيرا على المؤتمرات المقبلة بالنسبة للمجالس المحلية، وإنما على إيجاد رؤية جديدة هي -إن جاز التعبير- تستطيع أن تستلهم ما يمر به الوطن في الوقت الراهن، وأن القانون رقم 4 لعام 2000 بشأن المجالس المحلية لم يعد كافيا لحل المشاكل القائمة، منوها إلى أنه يجب توزيع السلطة ما بين المركز والوحدات المحلية للحفاظ على الوحدة.
ويضيف الظاهري: نحن عند ما ندرّس طلاب الجامعات ما يسمى اللا مركزية السياسية (كاملة أو جزئية)، يقصد بها توزيع السلطة ما بين المركز والوحدات الإدارية. وهناك لا مركزية إدارية ويقصد بها: تفويض السلطات بمعنى "تفويض السلطة المركزية للمحليات"، واليمن بحاجة إلى إحداث نوع من التوازن بين سلطة المركز وبين سلطة الوحدات المحلية، والمشاركة الشعبية؛ لأننا نقول إن من أهم ما نسميهم "الحكم الرشيد أو الحكم الجيّد" هو أن يتم توزيع السلطة ما بين المركز والوحدات المحلية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق