أوصت دراسة حديثة بضرورة تعديل وتفعيل القانون رقم 40 لسنة 1992 الخاص بحيازة الأسلحة الصغيرة وحضر حيازتها في كافة المدن اليمنية بدون استثناء والعمل على إغلاق الأسواق الخاصة ببيع الأسلحة والتشديد على جميع المنافذ مع الدول المجاورة الحدودية البرية والبحرية لمنع تهريب دخول الأسلحة إلى اليمن. وتفعيل دور القضاء في حل النزاعات بين الأفراد والإسراع في تفعيل الدعوة الرئاسية بتقديم الحلول النهائية لظاهرة الثأر في اليمن مع الدفع بالاستمرار في الصلح العام الذي اتخذته بعض القبائل استجابة لهذه الدعوة لدى كافة القبائل اليمنية. كما أوصت الدراسة الموسومة بـ"الأسلحة الصغيرة في اليمن"، وهي دراسة ميدانية اجتماعية أعدها الأستاذ المساعد بقسم علم الاجتماع بجامعة تعز الدكتور عبد السلام الحكيمي، بضرورة القيام بالحملات الوطنية المختلفة الحكومية والأهلية الخاصة بتوعية الأفراد من أضرار ظاهرة الثأر وحيازة السلاح واستعمال الأسلحة الصغيرة والقيام بحملات توعوية بالأضرار الناتجة عن حيازة وحمل السلاح وحظر استعمال السلاح في أوقات الأفراح والمناسبات.
بطاقات ترخيص السلاح
بطاقات ترخيص السلاح
ونوهت الدراسة بأهمية التشديد في إعطاء الرخص الخاصة بحيازة السلاح للمواطنين وتطوير قانون الإدارة المحلية لترسيخ مفهوم الدولة في المناطق القبلية ورفع حجم العقوبات المرتبطة بتجارة السلاح والتنسيق بين الجهات المختصة في وزارتي الداخلية والدفاع بالعمل المشترك في توحيد بطاقات الترخيص لحيازة السلاح وإدخالها ضمن قاعدة بيانات على الكمبيوتر من أجل ضبط الرخص الممنوحة للشخصيات الاجتماعية. وأكدت شراء الذخائر من الأسواق والتجار والمحلات الصغيرة العشوائية، مع ضرورة إعطاء الأسلحة والذخائر لأفراد الأمن والقوات المسلحة بتراخيص وبعدد محدد على أن يتم متابعتهم عند نقصها أو ضياعها مع رفع العقوبات المناطة بذلك والتنسيق مع الدول المجاورة في المنطقة من خلال إنشاء قاعدة لتبادل المعلومات الأمنية للحد من تهريب الأسلحة وتسللها إلى داخل كل دولة. ودعت الدراسة إلى اتفاقية تلتزم فيها جميع الدول بعدم التدخل في النزاعات المسلحة المحلية وتزويد طرف أو أكثر بالأسلحة مما شأنه إطالة أمد النزاع المسلح لخدمة أغراضها السياسية. وأكدت الدراسة أن المجتمع اليمني ضمن المجتمعات التي تتميز بانتشار الأسلحة الصغيرة فيها وأن عوامل اجتماعية وثقافية وسياسية لعبت دورا في استمرارية هذه الظاهرة في اليمن وأن فترة التسعينيات من القرن الماضي شهدت انتشارا لهذه الظاهرة خارج الحدود القبلية، وتجسد ذلك برؤية حمل السلاح في العديد من المدن الرئيسية التي لم تشهد انتشارا لها في الفترة السابقة، وأن ذلك ساعد على ارتفاع عدد الضحايا نتيجة لسوء الاستعمال لحمل السلاح من قبل البعض. وهدفت الدراسة، التي تعتبر دراسة اجتماعية وصفية تحليلية حيث اعتمد فيها على المنهج الوصفي لاستطلاع هذه الظاهرة وجمع المعلومات حولها وتحليلها وتفسيرها، إلى التعرف على: الأسباب التي أدت إلى انتشار ظاهرة حمل السلاح الناري وحيازته في المجتمع اليمني والعلاقة بين انتشار الأسلحة وحيازتها من قبل الأفراد في المجتمع ومعوقات التنمية والعوامل التي ساهمت في سوء الاستخدام والنظرة الاجتماعية لها لدى مختلف الفئات الاجتماعية في الريف والحضر.
10 ملايين قطعة سلاح
10 ملايين قطعة سلاح
ولفتت الدراسة -التي حصلت "السياسية" على نسخة منها- إلى أن البحث الميداني حول الأسلحة الصغيرة في المجتمع اليمني دراسة اجتماعية لسوء الاستعمال ومعوقات التنمية أظهر عددا من النتائج أهمها: بلوغ عدد الأفراد الذين يمتلكون الأسلحة 1267 شخصا من الإجمالي الكلي لأفراد العينة البالغ عددها 2083 شخصا تم اختيارهم عشوائيا من مختلف محافظات الجمهورية من الريف والحضر، وأن نسبة الحيازة للأسلحة في المنازل عند أفراد العينة من الذكور والاناث بلغت حوالي 60.8 بالمائة، أي أن نسبة الملكية بشكل عام لدى جميع أفراد المجتمع المبحوث بلغت حوالي 60.8 بالمائة؛ ما بين كل مائة أسرة هناك 60 - 61 تمتلك السلاح الناري. وقارن الباحث، الرقم السابق مع عدد سكان الجمهورية اليمنية بحسب تعداد 2004 وخلص إلى أن الغالب أن يكون لدى اليمن حوالي 5 ملايين و43 ألفا و174 قطعة سلاحا ناريا صغيرا وأنه لو أضيف إلى هذا العدد التقديرات التي وضعها الباحث ديريك ب. ميلر، والتي قدرها أن ما يمتلكه الشيوخ بـ184 ألف قطعة سلاح إلى جانب 30000 قطعة متواجدة في الأسواق بالإضافة إلى ما يقدر بحوالي مليون و500 ألف قطعة سلاح ناري يدخل ضمن ممتلكات الدولة لوجدنا أن لدينا تقريبا في اليمن 6 ملايين و757 ألفا و174 قطعة سلاح صغيرة.
ولم يكتفِ الباحث الحكيمي بهذه الفرضية (فرضية أولى) بل طرح أنه لو تم الافتراض (فرضية ثانية) أن كل أسرة يمنية تمتلك سلاحا ناريا صغيرا وفي كل أسرة يوجد ثلاثة أشخاص من الذكور ممن يفترض في حوزتهم سلاح ناري سيصبح لدينا بعد ضرب إجمالي الأسر في ثلاثة حوالي 8 ملايين و267 ألفا و499 قطعة سلاحا، وعند إضافة هذه الأرقام إلى ذلك الرقم الذي أورده الباحث ميلر سيصبح في اليمن حوالي 9 ملايين و981 ألفا و499 قطعة سلاحا ناريا. مؤكدا أن الأسباب المؤدية إلى حيازة الأسلحة النارية من قبل أفراد العينة المبحوثة اختلفت حيث كانت مبررات الحيازة في المدينة يعود لكونه يمثل للدفاع عن النفس بنسبة 44.7 بالمائة وللشعور بالأمان عندما يكون السلاح بحوزتهم 2.8 بالمائة ولكي يتم استخدامه عند الحاجة 11.6 بالمائة ولكونه مُهماً بسبب المشاكل والثارات التي لديهم 2.7 بالمائة وللحماية والزينة 11.2 بالمائة ولكونه ضروريا 2.7 بالمائة وسلاحا شخصيا 4.8 بالمائة، وللزينة 0.6 بالمائة. أما بالنسبة لمبررات الحيازة في المجتمع الريفي جاءت نسبة 60.5 بالمائة كون حيازة السلاح لديهم للدفاع عن النفس بينما تفاوتت النسب البقية. وأوضحت الدراسة أن حيازة الأسلحة في المجتمع اليمني لا تقتصر على مستوى تعليمي معين أو فئة عمرية أو دخل محدد أو محل إقامة معينة ريف –حضر، بل إنها منتشرة بين كل تلك الفئات الاجتماعية والعمرية وأن الحيازة تتصاعد تدريجيا وتقل عند الفئات العمرية العليا أي عند أربعين سنة فأكثر وأنها منتشرة في الريف بنسبة 66.6 بالمائة من إجمالي العينة وفي الحضر بنسبة 59.1 بالمائة.
عوامل مساهمة
عوامل مساهمة
وأظهرت الدراسة أن هناك عدة عوامل ساهمت في حيازة وانتشار الأسلحة النارية، من هذه العوامل: ضعف القضاء في تطبيق وتنفيذ القوانين، وبلغت نسبة الموافقة على هذا العامل من المبحوثين نسبة 81.8 بالمائة، وعدم وجود حلول لإنهاء ظاهرة الثأر وانتشار حمل السلاح، حيث وافق على ذلك 82.0 بالمائة وهيمنة القبيلة وسلطانها المباشرة وغير المباشر على المواطنين مما أثر على ظاهرة انتشار السلاح بنسبة 78.9 بالمائة، إلى جانب أن هناك من أرجع سبب الحيازة للسلاح الناري في المجتمع إلى العادات والتقاليد الاجتماعية التي لها من الضغط والإلزام على الأفراد من اتباعها وعدم قدرتهم على الابتعاد عنها بنسبة 86.1 بالمائة وغيرها. وبين أن من أهم العوامل التي تسبب سوء استعمال الأسلحة النارية: ترك السلاح في متناول الأطفال بنسبة 88.7 بالمائة أو تركه معبأ بنسبة 80.1 بالمائة أو غير مأمون 86.7 بالمائة إلى جانب الجهل بكيفية استخدامه من قبل البعض بنسبة 80.9 بالمائة وحمله من قبل أطفال صغار في السن بنسبة 87.3 بالمائة واستعمال السلاح أوقات الأفراح والمناسبات 82.4 بالمائة أو حمله من قبل الأفراد ثشكل مستمر (يوميا) بنسبة 77.7 بالمائة. وأكدت الدراسة أن هناك أضرارا تترتب من جراء حيازة السلاح الناري تتمثل في كونه: يترك أضرارا بشرية بنسبة 95.1 بالمائة وأضرار نفسية على الأسرة والطفل بنسبة 71.2 بالمائة، وكذا أضرار مادية تتمثل في الاستيلاء على الأراضي والنهب والتقطع في الطرقات للسيارات بنسبة 78.1 بالمائة.
استعمال السلاح ومصادر شرائه
استعمال السلاح ومصادر شرائه
ولفت إلى أن حيازة السلاح وحمله من قبل أفراد العينة وسوء استعماله يتسبب في عدد من الحالات والتي تمثلت في الآتي: استعمال السلاح في حالة الشجار عند أفراد العينة بنسبة 14.2 بالمائة وفي حالة النزاع القبلي بنسبة 11.7 بالمائة وفي حالة الثأر بنسبة 4.0 بالمائة ولاسترداد حق معين بنسبة 14.2 بالمائة وفي الأفراح والمناسبات بنسبة 60.2 بالمائة. وأظهرت الدراسة الميدانية أن أهم مصدر لشراء الأسلحة عند أفراد العينة تمثل في أسواق السلاح بنسبة 73.6 بالمائة والتجار المعروفين في المدن والمديريات بنسبة 23.6 بالمائة يليها من عند بعض الأقارب والأصدقاء ومثلت نسبة 1.6 بالمائة إلى جانب أولئك الأفراد في المجتمع الذين تحصلوا على أسلحتهم نظرا لكونهم ينتمون إلى القوات المسلحة والأمن بنسبة 1.2 بالمائة. وأن النظرة الاجتماعية لحيازة السلاح من قبل أفراد العينة تكاد تكون إيجابية، وأن ذلك يعود إلى عدة عوامل اجتماعية ساهمت في ترسيخ مثل هذه القيمة الايجابية تجاه الظاهرة، وأنها بلغت نسبة النظرة الايجابية من قبل الأفراد لحيازة السلاح من قبل المدنيين حوالي 13.8 بالمائة من الذكور مقابل 61.6 بالمائة للإناث, ومعظم أفراد العينة حسب نتائج الدراسة ينظرون إلى هذه الظاهرة نظرة سلبية، وأن معظم أفراد العينة كان لديهم تقييم سلبي للفرد الذي بحوزته سلاح ناري، واعتبره 84.5 بالمائة سلوكا متهورا بينما من يرون أنه سلوك متزن فنسبة 12.4 بالمائة. واستطردت الدراسة بالقول إن 85.6 بالمائة من إجمالي العينة اعتبروا أن إغلاق أسواق بيع السلاح يعد من العوامل المهمة في الحد من انتشار الظاهرة، وأن 92.1 بالمائة من أفراد العينة أكدوا أن لتفعيل دور القضاء عاملا مهما في حل النزاعات بين المواطنين، وما يترتب عليه من الحد من انتشار الظاهرة بينما أكد 90.5 بالمائة من أفراد العينة على القيام بالحملات الوطنية الرسمية وغير الرسمية من أجل توعية الناس بأضرار السلاح الذي من شأنها الحد من انتشار ظاهرة الحيازة للسلاح. كما بينت نتائج الدراسة أن أغلب أفراد العينة وبنسبة 86 بالمائة أكدوا أن انتشار الأسلحة وحيازتها تسهم في إعاقة العديد من المشاريع الاستثمارية في المجتمع على مستوى الحضر والريف.
(السياسية) ـ تقرير غمدان الدقيمي:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق