الأحد، 24 مايو 2009

التحولات التاريخية للوحدة اليمنية .. من هنا بدأت

شهد اليمن خلال الـ19 عاما من عمر الوحدة اليمنية المباركة العديد من التطورات في مختلف المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية. ومن هذا المنطلق وبالتزامن مع احتفالات بلادنا بهذه المناسبة أجرت "السياسية" استطلاعا يتمحور حول أبرز التحولات التي شهدها اليمن في ظل الوحدة فيما يخص التعددية السياسية والحزبية والانتخابات ومشاركة المرأة والحقوق والحريات وموقف البعض مما يجري في بعض المناطق اليمنية في الوقت الراهن...
في البداية تحدث لـ"السياسية" نائب رئيس جامعة صنعاء للشؤون الأكاديمية، الدكتور أحمد الكبسي، قائلا: "أولا نبارك للوطن ولصحيفة السياسية بالذكرى التاسعة عشر لإعادة تحقيق وحدة الوطن اليمني التي لا شك أن هناك عدة إنجازات تحققت خلال هذه السنوات أولا الأحزاب التي كانت تعمل بالسرية ومن وراء حجاب ظهرت إلى العلن، يعني التداول السلمي للسلطة، بدلا من الدبابة والمدفع أحزاب ببرامج يمكن أن تتنافس فيما بينها لتصل إلى السلطة للحكم، إما منفردة أو في تشكل أحزاب وتشكل حكومة ائتلافية، وهذا المكسب الأول من مكاسب الديمقراطية"، مشيرا إلى ممارسة الشعب حقوقه عن طريق الانتخابات، بالإضافة إلى مؤسسات المجتمع المدني وهي مؤسسات مهنية أو إنسانية أو غيرها وتعد ثمرة من ثمرات الديمقراطية، لافتا إلى أن الشعب مارس حقوقه في ثلاث دورات انتخابية نيابية ودورتين انتخابات رئاسية ودورتين محلية ودورة انتخابات محافظين، بالإضافة إلى ذلك الاستفتاءات على دستور الجمهورية الذي أجري عدة مرات آخرها عام 2001 وما نحن مقبلون عليه حاليا من استفتاء جديد لتطوير النظام السياسي والنظام الانتخابي وإجراء التعديلات التي تتطلبها الظروف السياسية.

توسيع المشاركة الشعبية
ولم يخف الكبسي ما شهده اليمن في مجال حرية الصحافة وحرية التعبير، باعتبارها حقا من حقوق المواطن أن يعبر عن رأيه بشتى الوسائل ولكن دون المساس بالثوابت الوطنية والأخلاقية وثوابت المجتمع خاصة وحدة الوطن (الوحدة الوطنية) كونها مقدسة وضمن المقدسات التي لا نقبل لأي كان أن يشكك فيها أو يهددها، معتبرا أنه بخصوص الضوابط الأخلاقية وغيرها تم إنشاء محكمة للصحافة، ولكنها لا يمكن أن تحد من حرية التعبير أو المنجزات التي نعتز ونفتخر بها والتي أتت كنتاج لإعادة تحقيق الوطن ويفتخر بها كل مواطن يمني.

استنكار لأصوات النشاز
من جانبها تؤكد منى باشراحيل، عضو مجلس الشورى، أن الإنجازات التي تحققت منذ إعادة تحقيق الوحدة اليمنية لا ينكرها إلا جاحد برغم ما واجهه الوطن خلال هذه الفترة من أزمات سياسية واقتصادية بدءا بأزمة حرب 94. وأشارت إلى أن الوحدة اليمنية نعمة من نعم الله تعالى الذي أنعم علينا بها وأنها "مصير الشعب اليمني ككل وتاج رأسنا جميعا وفخرنا وعزنا وقوتنا ونهوضنا"، وستظل نعمة دائمة خصوصا وأن التجارب أثبتت سلبية ومآسي الفرقة والتشرذم والشتات سواء ما كان حاصلا في اليمن قبل عام 90 حيث لم يكن من السهل التواصل بين الأهل المتواجد نصفهم في الشطر الجنوبي والنصف الآخر في الشطر الشمالي أو ما يجري حاليا في بعض الدول. واستنكرت منى أصوات النشاز التي يدعو إليها البعض سواء بالانفصال أو غيرها التي يديرها حد قولها أفراد همهم الأول والأخير الإضرار باليمن ومصلحته وأمنه وسلامته. واعتبرت أن الوحدة ليست ملكا لفئة أو قبيلة أو حزب أو جماعة معينة وإنما ملكا لكافة أفراد الشعب اليمني الذي ينبغي أن يفهم ذلك ويحافظ عليها مهما كلف الأمر. وأوضحت ضرورة استيعاب الجميع لما له وما عليه تجاه الوطن وتنميته والتوعية السياسية للأبناء والطلاب من خلال التربية والتعليم والمناهج منذ الصفوف التمهيدية لما تلعبه من دور في تكريس قيم الولاء الوطني والتعريف بأن الوطن واحد لا فرق بين جنوب ولا شمال ولا شرق ولا غرب وألا توضع الوحدة كما يصورها البعض "علاقية" أو شماعة. ونوهت منى بأن هناك أخطاء يرتكبها أو ارتكبها البعض أدت إلى تلك التداعيات الأخيرة التي تشهدها بعض مناطق اليمن برغم أن الكثير من أبناء الوطن يعانون من تلك المشاكل. واعترفت بأن هناك مشاكل أخرى وفسادا سواء من قبل الحزب الحاكم أو أحزاب المعارضة، وأن الجميع مسؤول هنا وينبغي الوقوف أمامها تحت طاولة الحوار لمناقشتها ووضع النقاط على الحروف وأن على الحكومة والجهات التنفيذية أن تعمل بيد من حديد لمعالجة تلك المشاكل ومحاسبة الظالم أولا بأول وعدم تركها تتكرر مستقبلا وتتراكم يوما عن يوم. ولفتت إلى أن ما يسمى بقضايا الجنوب أو غيرها ليست إلا توزيعا ومناطقية تؤدي إلى احتكاك بين أبناء الوطن الواحد تفرق ولا تجمع مما يعني أنها غير مقبولة وينبغي ألا ينجر وراءها أحد ومحاسبة كل من أخطأ بحق الوطن ووحدته والجلوس لحل أي إشكاليات تحت سقف الوحدة اليمنية المباركة.

نالت الكثير من حقوقها
وقالت باشراحيل فيما يخص مشاركة المرأة: "مقارنة بالمرأة في البلدان العربية والمجاورة فالمرأة اليمنية نالت الكثير من حقوقها وإن لم يكن ما لم تطمح إليه. أما فيما يخص الكوتا فقد دعونا لها على أساس أن تطبق في الوقت الحاضر، لأننا ورثنا عادات مازالت تنظر للمرأة بالدونية فالكوتا ستساعد على تبوؤ المرأة مناصب قيادية وإبراز قدراتها سواء في مجلس النواب أو المجالس المحلية أو غيرها لكي يؤمن المجتمع بعد ذلك أنها قادرة على العطاء والتي قد تفوق فيه بعض الرجال في إمكانياتها والعكس. وينبغي أيضا أن يحتل الشخص المناسب في المكان المناسب سواء كان رجلا أو امرأة".

نظام حكم لا مركزي
من جهته أكد رئيس اللجنة الدستورية والقانونية بمجلس النواب، علي أبو حليقة، أن الوحدة اليمنية في الأساس أحدثت تحولا تاريخيا في حياة اليمنيين وتاريخ اليمن الحديث تمثل أوله في الانتخابات البرلمانية، معتبرا الـ27 إبريل انطلاقة واضحة للحياة الديمقراطية في اليمن ثم الانتخابات الرئاسية وتحديدها بفترتين رئاسيتين وصولا إلى الانتخابات المحلية التي أسست وأصلت حد قوله سلطة محلية (نظام حكم لا مركزي) على مستوى الأقاليم في الجمهورية اليمنية والمحافظات، معتبرا أن هذه الخطوة مهمة على سبيل فرض المشاركة الواسعة في صناعة القرار من مختلف فئات المجتمع وشرائحه. ولفت أبوحليقة إلى أن هذه المرتكزات والمحطات تعد من التحولات الديمقراطية التي تؤصل تأصيلا حقيقيا لنظام الحكم في اليمن وهو ما نفتخر به أمام الآخرين وأنه من خلال هذه المنطلقات تحققت الكثير من المنجزات على الصعيد التنموي والثقافي والاجتماعي والبنية التحتية التي شهدها ويشهدها المواطن اليمني الذي سيشهد خلال الأعوام القادمة كثيرا من المنجزات التاريخية التي سترفع الكيان اليمني ومستوى حياة المواطن بشكل أو بآخر، موضحا أن الوحدة اليمنية في ذات الوقت فتحت مناخات وآفاق واسعة للرأي والرأي الآخر والتعددية الحزبية وشكلت منجزا تاريخيا حقيقيا على طريق، إن شاء الله، تحقيق الوحدة العربية الشاملة حيث كانت محل إعجاب وتقدير الإخوة والأصدقاء ومختلف دول العالم وبالأخص أنها تأتي في وقت تتجزأ فيه الشعوب ومحاولات يائسة دولية تسعى لتجزئة عديد من الشعوب العربية والإسلامية. واستطرد أبوحليقة أنه في ظل الوحدة اليمنية تحقق لكل اليمنيين كبريائهم وعزتهم وشموخهم وبالأخص أنها كانت عنوانا وعرفانا بارزا للتوجهات السياسية التي نهجتها قيادتنا السياسية ممثلة بفخامة الرئيس علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية.

انتحار سياسي
وأضاف أبوحليقة: "هناك أصوات نشاز حاولت أو تحاول بصورة يائسة أن تنخر في جسد الوحدة اليمنية وهي فئات مأجورة ومرتمية في أحضان بعض النفوس المريضة في الخارج تحاول التشكيك أو بالأصح الصيد في الماء العكر ولا شك أن المجتمع اليمني بأسره يرفض دعوات هذه الأصوات ونقول لمثل هؤلاء الناس أننا كبرنا عندما أعدنا تحقيق الوحدة اليمنية وأن نشاطكم بمثابة الانتحار السياسي وستواجه تلك المواجهات الفاشلة واليائسة بقدرة وقوة الشعب اليمني الذي سيدافع عن وحدته ومكتسباته الوطنية. وأؤكد أيضا أن هناك محاولات سبقت للنيل من هذه الوحدة وفشلت أمام قوة وإرادة الشعب والمعروف أن الشعب اليمني لم يتوحد إطلاقا منذ العصر الأول للتاريخ مثلما توحد وأجمع رأيه حول الوحدة اليمنية".

تأصيلا حقيقيا للحريات العامة
وفي رده على سؤال بخصوص التحولات التي شهدها اليمن خلال هذه السنوات في مجال الحقوق والحريات أكد أبوحليقة أنه من خلال التشريعات الدستورية والقانونية وقوانين (الصحافة ومجلس النواب ومنظمات المجتمع اليمني) أثبتت تأصيلا حقيقيا للحريات العامة وحقوق الإنسان، وأن منظمات المجتمع المدني سواء كانت أحزابا سياسية أو منظمات أو نقابات وهي بالآلاف، بالإضافة إلى الجمعيات ليست إلا دلالة واضحة على تأسيس بنية مجتمعية وسياسية واقتصادية واجتماعية تعني أساسا بحقوق الإنسان بالإضافة إلى الصحافة (قفزت قفزات نوعية) وهي تعنى بالمقام الأول وتعبر عن إرادة المواطن اليمني، مؤيدا صحة الإجراءات القانونية فيما يتعلق ببعض الصحف الصفراء حد قوله التي تحاول أن تعمق الكراهية والاختلاف والتباين في المجتمع الواحد وتنخر في صلب الوحدة اليمنية متجاوزة قانون الصحافة والأدبيات ومتجاوزة للدستور والقانون داعيا إلى العمل في إطار القاعدة التشريعية والقانونية وخدمة المواطن من خلال تعميق الحب والمحبة ومن خلال النقد الذاتي لا النقد الذي يفرق ولا يجمع.

مكانة حضارية يستحقها اليمن
وفي ذات السياق يقول أمين عام مجلس الشورى، الدكتور نجيب عبد الملك: "مما لا شك فيه أن الوحدة اليمنية هي المحطة الأهم والأبرز في تاريخ اليمن المعاصر حيث مثل يوم الثاني والعشرين من مايو 1990 مولد وطن وانطلاقة شعب عانى طويلا من مآسي التشطير ولا أحد ينكر حجم التطورات التي طرأت خلال الـ19 عاما من عمر الوحدة اليمنية المباركة في كافة المجالات وعلى وجه الخصوص التعددية السياسية والحزبية والتداول السلمي عبر صناديق الانتخابات وتمكين المرأة وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على صدق توجه القيادة لسياسية ممثلة بفخامة الأخ علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية باني وحدة اليمن الحديث. وأوضح نجيب أنه يكفي اليمن فخرا التزامها وتطبيقها للنهج الديمقراطي وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية ومحلية وما شهدته مؤخرا من انتخابات للمحافظين على أساس حر ومباشر (حكم الشعب نفسه بنفسه)، معتبرا أنه استحقاق فريد تميزت به بلادنا على كثير من دول العالم الثالث وأضحى مقياسا نوعيا رفع اليمن إلى المكانة الحضارية التي تستحق.

الديمقراطية حق ومسؤولية
في المقابل يقول عضو مجلس الشورى، الدكتور مطهر السعيدي، إن ما تحقق في اليمن ديمقراطيا منذ تحقيق الوحدة المباركة يتجاوز مجرد إحداث تحول -مهما كان- في مسار مستمر للممارسة الديمقراطية، إلى تخليق هذا المسار بدءاً وتخليق وتطوير لبناته الدستورية والقانونية والمؤسسية، وتأصيل مرتكزاته الجماهيرية توعويا ومسلكيا باعتبار الديمقراطية حق ومسؤولية، وبالذات بالنظر إلى الدور المركزي لآلية العمل السياسي الديمقراطي كوسيلة لتحقيق التوافق المجتمعي السلمي والبناء إزاء خيارات ومصالح المجتمع بمختلف فئاته، وإعلاء المصلحة العامة وتفعيل مقومات الفعالية والاستمرارية والوضوح المرجعي فيما يتعلق بخيارات ومهام البناء والإصلاح الوطني بمختلف مجالاتها، على الأقل من حيث المبدأ، ولا يقف هذا الأمر عند مستوى الدولة وفي إطارها، بل أنه يشمل البنية العامة لمؤسسات العمل السياسي الديمقراطي في المجتمع عموما، بما في ذلك الأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني التي أصبحت تعد بالمئات ومؤسسات صناعة الفكر والمؤسسات الإعلامية على اختلافها وتحديد وتأصيل الحقوق والحريات التي تحكم ممارسات مختلف هذه الكيانات.واستطرد السعيدي بالقول: "لعل أخطر ما يهدد مسار البناء الديمقراطي ومناخ الاستقرار المجتمعي عموما هو أن يتحول ما تتيحه الديمقراطية من الحقوق والإمكانات إلى وسائل غير راشدة للتدمير الذاتي والانحراف بهذه الوسائل عن غاياتها الدستورية كوسائل لتحقيق التوافق المجتمعي السلمي والبناء والدفاع عن مصالح المجتمع إزاء كل تجاوز بما في ذلك تجاوزات الدولة وتعزيز التفاهم والتواصل بين مختلف الرؤى ووجهات النظر في المجتمع وتحويلها بدلاً عن ذالك إلى وسائل هدامة لبث الفرقة وإشاعة الكراهية وإثارة الشكوك المتبادلة وتخليق أجواء الفتنة بين أبناء المجتمع الواحد.

(السياسية) ـ استطلاع غمدان الدقيمي:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق