قال أكاديمي يمني إن مسألة الانتماء للوطن تتأثر بالحاجات الاجتماعية، والنفسية، التي إذا ما فُعلت بأسلوب صحيح تترسخ بفاعلية قصوى, بدءاً بالأسرة ثم المدرسة، فوسائل الإعلام، ومؤسسات المجتمع المدني؛ من تنظيمات سياسية، ومنظمات غير حكومية.ويتحقق بها التجذير الحقيقي للعلاقة ما بين المواطن، والوطن، والمجتمع، والدولة بمؤسساتها المختلفة , وهو ما يجب تحقيقه في اليمن لتجاوز الانتماءات الضيقة، ويبقى انتماءنا للوطن فقط لأنه بذلك تستطيع البلد تجاوز كل مُعضلاتها، الاقتصادية، والسياسية، والثقافية، والاجتماعية حد قوله.
وأشار أستاذ علم الاجتماع المساعد بكلية الآداب جامعة صنعاء الأستاذ الدكتور أحمد عتيق في محاضرة "المعنى النفسي والاجتماعي للانتماء" في فعالية نظمها مركز "منارات" بالتعاون مع المعهد الأمريكي الفرنسي بعنوان "التأسيس لثقافة حماية الوحدة وتجذير ثقافة الانتماء الوطني والقومي والإنساني في الوجدان الجمعي" إلى أن أهمية الانتماء تبرز على المستوى الاجتماعي كونه العماد الفقري للجماعة وبدونه تفقد الجماعة تماسكها إذا لم يتم تحقق حاجات أفرادها. موضحا أن الجماعة تحقق حاجات الفرد من خلال تأثيرها على أفكاره وسلوكه عن طريق تلك الفوائد التي يحصل عليها من وراء انتمائه لها والمتمثلة في تحقيق الرغبات الشخصية والاجتماعية التي يعجز عادة عن تحقيقها بمفرده, والشعور بالانتماء إلى جماعة, واكتساب الميراث الثقافي الذي يمكنه من التفاعل ايجابياً مع أفراد مجتمعه, ومساعدتها للفرد على ممارسة أنواع من النشاط، يستغل فيه قدراته ويكتشف قدرات أخرى. ولفت عتيق إلى أن الانتماء يعني الارتباط والانسجام والإيمان مع المنتمي إليه وبه، وأنه مفهوم ينتمي إلى المفاهيم النفسية الاجتماعية ويعني الاقتراب والاستمتاع بالتعاون أو التبادل مع آخر وأن دافع الانتماء يعود إلى احتياج الفرد الاجتماعي. منوها بأن "الانتماء" يلازم الإنسان ولا يفارقه في حياته وبعد مماته، فهو بمثابة بطاقة هوية للتعرف بالشخص في حله وترحاله, ويترتب عليه التزامات معينة من الواجبات الأخلاقية والأدبية والموضوعية والقانونية وفقاً للتشريعات الخاصة بكل دولة وبكل عصر، وهذه الالتزامات تندرج تحت ما يسمى الولاء.مبيننا وجود علاقة إيجابية بين الولاء للوطن والصحة النفسية وأنها أمرٌ ضروري للفرد، إذ إن الشخص الذي يتصف بالاضطراب النفسي غالبًا ما يكون ولاؤه ضعيفًا نحو وطنه.
الممارسة السليمة للنظام والقانون
من جهته تحدث محمد الباشق حول "خاطرة عن الولاء الوطني" في أربع نقاط لخصها في معنى الولاء والوطن وعامل الربط بينهما, وأهمية الحديث عنه (الولاء) ومفاهيمه, وواقعنا، والولاء الوطني. وقال: "إن عقده تقسيم الأرض إلى دار إسلام ودار حرب وعدم ضبط سعه مجال الولاء الفكري في الإسلام قد جعلت البعض (مع حسن الظن بهم) يعتقد بأن الولاء الوطني بالمفهوم السياسي الذي نعيشه في الواقع ولا نستطيع الفرار منه يتعارض مع سعه مفهوم الولاء الوطني في الإسلام والذي يقوم على إن الأرض كلها للمسلم وطن وان الموافق له في أصول الفكر والمنهج الإسلامي له عليه واجب الولاء مهما نأت به الديار أو حجزت بيننا وبينهم تضاريس الأرض ومهما تنوعت الثقافات واختلفت اللغات مع إقرارنا وتأكيدنا وتسليمنا بما سبق". مؤكدا أن الولاء للوطن الغالي اليمن لا يتعارض البتة مع الولاء للوطن الكبير (العالم العربي) ولا مع الولاء لكل فرد من أبناء امتنا الإسلامية, بل يتسع ليشمل حب الخير وحب السلام لكل من على هذا الكوكب، وأنه يجب التعمق في فهم مصطلح تقسيم الأرض إلى دار إسلام ودار حرب بانه تقسيم فقهي كان له ما يبرره لا يجوز جعله نصا مقدسا ونطبقه على واقعنا المعاش. داعيا إلى ضرورة التأكيد والعمل على نشر سعه وعمق مفهوم الولاء الوطني وانه الممارسة السليمة والتطبيق السليم للنظام والقانون, جعل التنمية محاطة بالانتماء متقدة بالولاء مستندة على قيم المحبة والإخاء، كونها الترجمة الحقيقية للولاء الوطني, منوها أن تجذير وتعميق وترسيخ الولاء الوطني تقع على كل فرد مهما عظمت أو صغرت مسئوليته فالكل في الولاء للوطن مسؤولية واحدة. الكاتبة زعفران المهنى اعتبرت في ورقة "الثقافة الوطنية.. الواجبات والتحديات" أن المرأة النبع الأول الذي يستقي منه الطفل ثقافته الوطنية والولاء الوطني من خلال منظومة القيم والأخلاق وهو ما ينبغي للمرأة التركيز عليها لتعزيز المواطنة الصالحة وحب الوطن والانتماء الوطني وخلق ثقافة وطنية. وأوضحت أن المرأة اليوم تدور في دوائر عجيبة من المحرمات إلى الحقوق والحريات إلى الإنتاج والانشغال بلقمة العيش ليعطل دورها التربوي ويدفع بها لتنشغل بتفاصيل بعيدة كل البعد عن الحفاظ عن المؤسسة الأسرية وبالتالي تغيب أمور كثيرة منها الثقافة الوطنية.
صنعاء (السياسية) ـ غمدان الدقيمي:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق