سألنا أحد تلاميذ المرحلة الأساسية بإحدى مدارس أمانة العاصمة: ماذا تعني الصحة المدرسية؟ وبعد صمت لعدة دقائق، أجاب: لا أدري. وجهنا له سؤالا آخر: هل سمعت بهذا من قبل وأين؟ أيضا بدا متخبطا وبالكاد قال: "أعتقد قبل عدة أشهر سمعتها داخل المدرسة"... كان ذلك مبررا ضمن عدة مبررات دفعت بـ"السياسية" إلى النزول الميداني إلى عدد من مدارس العاصمة لرصد ما يجري بخصوص "الصحة المدرسية" ودور الجهات المعنية.
ما يحزّ في النفس أن كثيرا من التلاميذ والطلاب ليس لديهم أي معلومات حول "الصحة المدرسية" وكذلك حال الكثير من الشباب ممن تخرجوا في المدارس. والمؤسف أن تجد معلمين عندما تسألهم عن هذا الموضوع يجيبون: "لست مطلعا على ما تتحدث وليس لدي أي فكرة". يحدث هذا في الوقت الذي يؤكد فيه المختصون والمعنيون محليا ودوليا أن الصحة الجيدة في المدارس استثمار للمستقبل وأن برامج الصحة المدرسية أداة فاعلة للارتقاء بصحة المجتمعات؛ كونها تخاطب جيل المستقبل ممن تتراوح أعمارهم بين الخامسة والثامنة عشرة فإرساء هذه المفاهيم ينعكس إيجابا في مستقبل صحتهم خاصة وأن إجمالي عدد طلاب المدارس في اليمن 6 ملايين طالب وطالبة يلتحقون في 16 ألف مدرسة بمختلف محافظات الجمهورية.
وما خفيا كان أعظم
في ديسمبر من عام 2007 كانت لنا وقفة حول الموضوع ذاته، ورصدنا كثيرا من القضايا المتعلقة بهذا الجانب في أمانة العاصمة، وكان الوضع حينها مقبولا إلى حد ما في المدارس التي زرناها، ولمسنا حماسا للنهوض بالواقع من الجهات الرسمية. حسبنا ونحن نجري هذا التحقيق، حاليا، وبعد مرور ما يقارب ثلاث سنوات، أن الواقع قد تطور وأن الإشكاليات تقلصت، سواء تلك الموجودة داخل المدارس أم في إطار الجهات الرسمية؛ لكن الحقائق تشير إلى أن توقعاتنا ليست في محلها وما خفي كان أعظم.
أطعمة المكشوفة
ونحن نتجول في عدد من مدارس العاصمة –كنموذج- منذ أكثر من شهر رصدنا عدة ملاحظات منها مازال تلاميذ وطلاب بعض المدارس يتناولون وجبة الفطور أثناء فترة الراحة بين الساعة العاشرة والعاشرة والنصف خارج المدارس. يبرر بعضهم السبب بـ"عدم التزام المقصف الموجود داخل المدرسة بالنظافة"؛ ولكن في المقابل نجد طلاب آخرين يتوافدون على الأطعمة المكشوفة أمام المدارس، ما يعني غياب الوعي بخطورة تلك الأطعمة، وهو ما يعكس نفسه مباشرة على برامج وأنشطة الصحة المدرسية التي لا تكاد تنفذ في تلك المدارس، وإلا لما توافد الطلاب على مثل هذه الأطعمة.
زرنا بعدها العديد من البوفيهات المدرسية، صحيح أننا لا حظنا في بعضها غياب النظافة والمسؤولية، ولكن في الحقيقة كانت زيارتنا بعد فترة الراحة مباشرة، وهو ما يعني أن السبب في العبث القائم في بعضها سببه ازدحام الطلاب على المقاصف أثناء فترة الاستراحة، خصوصا وأننا لم نلاحظ -كما كان في التحقيق السابق- عصائر ومشروبات تباع داخل أكياس بلاستيكية.
ذلك ما أكده أيضا بعض القائمين على البوفيهات أن "توافد الطلاب عليهم أثناء الاستراحة هو السبب في الوضع القائم". وأكدوا أنهم يحملون بطاقات صحية وملتزمون بالشروط المحددة من قبل الجهات المختصة برغم أنهم بالغوا بعض الشيء.
لا تصاريح ولا فحوصات!
لكننا في المقابل وجدنا كثيرا من المقاصف لا تحمل تصاريح عمل ولم تجر فحوصات للعاملين فيها بصورة دورية، وغياب الإشراف الدوري سواء من قبل إدارات المدارس أو الجهات المعنية في وزارتي التربية والتعليم والصحة العامة والسكان بهذا الموضوع وعدم الالتزام بأدنى الشروط الصحية والبيئية وعدم التزام العاملين بارتداء الزي المخصص لهم، وعدم لف الساندويتشات مسبقا بالورق الأبيض الصافي، وعدم الالتزام بأدنى الشروط الخاصة بالمقصف والذي ينبغي أن يكون مناسبا لجميع المواد الغذائية من ناحية العرض والتخزين وملتزما بالنظافة والتبليط والتهوية وكذا عدم استخدامه، للنوم وحصول المتعهد والعمال على الوثيقة الصحية وعدم استخدام الأكياس البلاستيكية للمشروبات والمأكولات الساخنة وغيرها، ضف إلى ذلك أن الكثير من المقاصف في بعض المدارس لا تصلح أن تقدم فيها الوجبات الغذائية لأبنائنا الطلاب والطالبات، فأين دور الصحة المدرسية والتي تنفق باسمها ملايين الدولارات كدعم حكومي ودولي؟!
ويبرر بعض مدراء المدارس -باعتبارهم المسؤولين المباشرين- بأنه لم تصلهم تلك الشروط الخاصة بالمقاصف المدرسية، لكي يتسنى لهم تطبيقها قبل توقيع العقد مع المكلف في المقصف -حد قولهم- وعدم الإشراف من قبل الصحة المدرسية بالأمانة كونها المسؤولة عن منح التراخيص للعاملين، إلى جانب تداخل جهات الإشراف الحكومية على عمل المقاصف مما أدى إلى تساهل في تنفيذ أبسط الشروط وغيرها.
الأدوية والإسعافات الأولية
وفي هذا السياق، أشار مدير مدرسة الوحدة الأساسية بمنطقة التحرير بأمانة العاصمة عبد الله النعامي إلى أنهم يعانون كثيرا فيما يتعلق بالصحة المدرسية وأن الجهات المختصة ممثلة بالإدارة العامة للصحة المدرسية لم تقدم لهم شيئا وبالمثل برنامج الصحة المدرسية، وأن ما يتوفر لديهم من أدوية وإسعافات أولية في عيادة المدرسة تم توفيره بجهود ذاتية بحسب إمكانيات المدرسة وقال: "كان يفترض من الجهات المعنية أن تدعم إدارات المدارس بهذه المتطلبات بما يخدم الطلاب وصحتهم في حال أي طارئ صحي ويجب معالجة إشكالية الإشراف من قبل وزارتي التربية والصحة وتوحيد العمل".
ذات المشكلة وجدناها في مدرسة الرماح الأساسية الثانوية للبنات بمنطقة الحصبة والتي تتمثل بعدم تقديم أي شيء ملموس من قبل وزارتي التربية والصحة في هذا الجانب باستثناء التوعية والتعميمات وما شابه وكذا دورة تدريبية خاصة بالإسعافات الأولية شاركت فيها الأخصائية الاجتماعية بالمدرسة لعدم وجود أخصائية صحية -بحسب مصدر في المدرسة طلب عدم ذكر اسمه- والتي طالبت بضرورة رفد المدرسة بطبيبة صحية لأهميتها للطالبات مع توفير جميع متطلبات الصحة المدرسية وهو ما يجب أن يتوفر في جميع مدارس الجمهورية.
وبالمثل في مدرسة الفاروق بالأمانة، بحسب وكيلها منصور العريقي، الذي يؤكد أن الصحة المدرسية تسير داخل المدرسة بجهد ذاتي؛ لكنه لم يخف إشراف الصحة المدرسية على مدرسته ونزولهم بين الحين والآخر.
لا نجد له أثرا
من جهته أكد مدير ثانوية الكويت بالأمانة، أحمد الحبابي، أن الصحة المدرسية مجرد اسم يسمعونه لكنهم لا يجدون له أثرا في الواقع وفي ثانوية الكويت تحديدا. وقال: "بعكس ما كان في السابق أتذكر قبل حوالي عشرين عاما كان لدينا غرفة داخل المدرسة وفيها ممرض منتدب من الصحة المدرسية يقوم بواجبه بالشكل الأمثل"، موضحا أنهم قاموا بتوفير بعض متطلبات الإسعافات الأولية وتوزيعها في صناديق وفي أكثر من مكان داخل المدرسة وبجهود ذاتيه وما تم تقديمه من أحد لمواجهة أي طارئ يتعرض له الطلاب.
ولفت الحبابي إلى أنهم قاموا بتشكيل جماعة الصحة المدرسية من الطلاب يشرف عليها أحد وكلاء المدرسة وتم تنصيب بعض اللوحات الإرشادية والنصائح الطبية في جدران المدرسة للتوعية، معترفا بأنهم رغم ذلك لا يستطيعون القيام بمهام الصحة المدرسية بالشكل الأمثل باستثناء معالجة بعض الجروح التي يتعرض لها الطلاب وأنهم يجهلون التعامل مع حالات الإغماء التي يتعرض لها بعض الطلاب أحيانا وكذا بعض الأمراض الأخرى التي يستطيع المتخصص الصحي التعامل معها.
وزاد: "طلب منا قبل فترة ترشيح أحد المعلمين للمشاركة في الدورات التدريبية الخاصة بالصحة المدرسية ولكن للأسف لا يوجد لدينا عنصر بشري متفرغ لهذه المهمة".
الهلال الأحمر
وبالرغم من ذلك وفرت إدارة مدرسة الشهيد الثلايا الأساسية بمنطقة الثورة بالأمانة -بحسب مديرها علي القعشلة بعض الأدوية والمستلزمات بالتعاون مع أعضاء المجلس المحلي أو عبر وزارة الصحة العامة والسكان وشراء جزء من السوق. وأضاف: "كما شكلنا جماعة الهلال الأحمر من طلاب المدرسة وأجريت لهم دورة تدريبية بالتعاون مع المجلس المحلي بالمديرية تعنى بمجال الصحة المدرسية ولديها مهام بإشراف الأخصائية الاجتماعية تتابع النظافة ومهام الإسعافات الأولية في حال تعرض أحد الطلاب أو أكثر لأي إصابة بسبب الازدحام أثناء فترة الراحة والدخول والخروج من وإلى المدرسة إلى جانب الإشراف على نظافة المقصف المدرسي ومأكولاته بحكم أن غالبية الطلاب يتناولون وجبة الإفطار داخل المدرسة".
وطالب القعشلة مكتب التربية بالتعاون مع مكتب الصحة بإيصال الأدوات الخاصة بهذا الجانب إلى مدرسته وبقية المدارس بدلا من تكليف المدراء بمتابعتها والخروج من المدرسة لعدة أيام تعيق أحيانا العملية التعليمية لعدم تواجده داخل المدرسة.
مدارس محرومة
من المؤكد أن واقع الكثير من المدارس في مختلف محافظات الجمهورية أكثر سوءا، والدليل على ذلك مدارس محافظة صنعاء في منطقتي "شفث" بمديرية بني مطر و"حمل" بمديرية سنحان، وأخرى في وادي ظهر وغيرها، والتي أكد القائمون عليها أن هناك غيابا تاما لهذا النشاط وأن دور إدارة الصحة المدرسية بمكتب التربية بالمحافظة كان ينحصر خلال الأعوام الماضية في منح الإجازات للمعلمين فقط ولكنه اختفى حاليا.
إدارات غير مسؤولة!
حملنا تلك الإشكاليات واتجهنا إلى الإدارة العامة للصحة المدرسية وإدارة الصحة المدرسية بأمانة العاصمة علهم يردون على استفساراتنا ولمرتين متتاليتين؛ ولكن للأسف الشديد لم نجد سوى عدد من موظفي الإدارة بأمانة العاصمة بينما أبواب الإدارة العامة للصحة المدرسية مغلقة باستثناء أحدها لكن المفاجأة بعد أن دخلنا تلك الغرفة ـ إن صح تسميتها بذلك -لم نجد سوى طاولة لأحد المكاتب يرثى لحالها (انظر الصورة)، وهو ما يؤكد واقع الإدارة العامة المسمى مجازا "صحة مدرسية".
حصلنا بعد ذلك على رقم هاتف المدير العام علي العلفي، وعند تواصلنا معه كانت المفاجأة! وبالرغم أن مدير الصحة المدرسية بالأمانة وعدنا باللقاء والرد علينا، ولكنه في الأخير رفض حتى الرد على اتصالاتنا، وهو ما يؤكد صحة ما قاله أحد الأشخاص أثناء خروجنا من المكتب بداية أبريل الماضي: "مهمتهم فقط توقيع الإجازات المدرسية للمعلمين".
الازدواجية ضيعتها
مدير برنامج الصحة المدرسية بوزارة الصحة العامة والسكان، الدكتورة بشرى مفضل، بخصوص شكاوى المدارس قالت: "الشكاوى في محلها والتقصير واضح جدا من قبل الوزارتين وتتحمل وزارة التربية كجهة مسؤولة عن الصحة المدرسية بقرار جمهوري العبء الأكبر والمشكلة في الصحة المدرسية أن الازدواجية بين الوزارتين ضيعتها ولم تصبح ذات أولوية لا في التربية ولا في الصحة ولكن وضع الصحة المدرسية في المحافظات أفضل من أمانة العاصمة".
وبدت مفضل متحمسة للحديث حول هذا الجانب والطموحات التي تنوي تحقيقها بالرغم أنها عينت في هذا المنصب منذ أقل من ثلاثة أشهر تقول: "نبحث جاهدين لإيجاد فرصة للصحة المدرسية كأنشطة وخدمات لخدمة الطالب والمجتمع المدرسي، وبدأنا عقد لقاءات بهذا الخصوص مع أطراف وجهات مانحة عديدة (داخلية وخارجية) من ضمنها منظمة الصحة العالمية وتلقينا وعودا بالاهتمام ومعالجة الاختلالات الراهنة، والصحة المدرسية ذات أهمية بالغة، ويقع على عاتقنا عبء كبير ولا يوجد في المقابل الدعم الكافي، فنحن أضعف برنامج بالنسبة للميزانيات في إطار وزارة الصحة، ولكن هناك اهتمام من قيادة قطاع الرعاية الصحية الأولية والذي أصدر تعميما لكل البرامج وأنشطة الرعاية الصحية الأولية بأن تتعاون معنا داخل المدارس وبدأنا العمل بالفعل بتنفيذ أنشطة كبيرة داخل المدارس لكننا مازلنا في البداية وفي العام القادم سنبدأ بداية صحيحة على عكس ما كان قائم خلال هذا العام".
برنامج المدارس المعززة
واعترفت مفضل أن الخدمات الصحية المقدمة لطلاب المدارس ضعيفة جدا ولا تشكل أي رقم مقارنة بالخدمات المماثلة في الدول العربية والخليجية وبينت أن دور البرنامج ينشط حاليا في الجانب التوعوي وتدريب الأخصائيين العاملين في المدارس وكذا إلقاء بعض المحاضرات داخل المدارس كون إمكانياتهم محدودة وأضافت: "خلال الثلاثة الأشهر الماضية قمنا بحملات توعية في 48 مدرسة بالتعاون مع برنامج مكافحة السل ونزول ميداني إلى أكثر من 25 مدرسة لتعبئة الاستمارات الخاصة بمعايير المقاصف المدرسية لإعداد تقرير شامل ومفصل حول وضعها ومدى التزامها بالشروط واللوائح وأطلقنا بمناسبة اليوم العالمي للصحة مبادرة إعلان برنامج (المدارس المعززة للصحة) وعقدنا اتفاقية مع الاتحاد الأوربي للبدء في تنفيذها في ثلاث محافظات (تعز ولحج والحديدة) وأوكلت المهمة وتسليم المبالغ لمكاتب الصحة بتلك المحافظات بهدف تأسيس مقومات المدارس المعززة للصحة وتنفيذ ثمانية مكونات تعزز من أنشطة الصحة المدرسية والتي سيتم اختيارها (أي المدارس) وفق شروط معينة ممن لديها رؤى وحماس للجانب الصحي لإنجاح المشروع الذي نعتبره النواة لانطلاقنا".
سألناها عن نتائج النزول الميداني فأوضحت أنه لم يتم استكمال إعداد التقرير؛ لكنها أشادت بدور بعض الإدارات المدرسية التي لديها اهتمام بالصحة المدرسية وعاتبت الإدارات المدرسية المقصرة وزادت: "سنعمل جاهدين مع بداية العام الدراسي القادم على تكثيف وتكرار نزولنا الميداني إلى المدارس والمقاصف المدرسية للمراقبة والإشراف بهدف النهوض بوضعها وإجراء الفحوصات الطبية للتأكد من خلو العاملين فيها من الأمراض وبما يحقق الهدف المنشود".
اتهامات ونفي!
وفيما أكد مصدر لـ"السياسية" في وزارة الصحة العامة والسكان (فضل عدم ذكر اسمه) أن الميزانية الحكومية لبرنامج الصحة المدرسية التابع لوزارة الصحة -دون احتساب أجور ورواتب موظفي البرنامج- تبلغ سنويا 6 ملايين ريال تنفق كبدل مواصلات لفريق البرنامج أثناء النزول الميداني إلى المدارس للقيام بحملات التوعية والإشراف على المقاصف المدرسية وتوزيع ملصقات ومنشورات وأدبيات صحية تكاليف إقامة ثلاث ورش عمل تدريبية حول هذا الجانب تخصص لكل ورشة مبلغ مليون و100 ألف ريال والفساد القائم في هذا الجانب والتلاعب في صرف المبالغ.
وفي ردها على ذلك استنكرت بشرى صحة تلك المعلومات ووصفتها بـ"المغلوطة" وقالت إن الميزانية الحكومية للبرنامج بلغت هذا العام 7 ملايين ريال تتخللها بنود كثيرة والية محددة للصرف لا يمكن نتجاوزها وان خطة البرنامج تشمل تدريب وإرشاد وطباعة وتوزيع ملصقات ونزول ميداني وأشياء أخرى كثيرة لا يغطي المبلغ المذكور سوى جزء يسير من الخطة ولفتت بأنه لا يمكن الصمت عن أي مخالفات في الصرف أو التجاوز خارج إطار الخطة والأهداف وألمحت بتوقف أحد الأشخاص عن العمل بحجة التورط في مخالفات مالية.
ونوهت بأن البرنامج نفذ في اليوم العالمي للصحة نزول ميداني إلى 50 مدرسة في خمس محافظات لتوزيع مطبوعات وإشراف بلغت التكلفة تكلفة 100 ألف ريال فقط.
تناقص دعم الصحة العالمية!
وبخصوص تناقص الدعم المقدم للبرنامج من منظمة الصحة العالمية من 60 ألف دولار خلال عام 2008 إلى 45 ألف دولار عام 2009 ووصل خلال العام الجاري 2010 إلى 5 آلاف دولار بسبب غياب الكفاءة والقدرة على استيعاب تلك المبالغ وعدم تخصيصها لأهدافها المحددة -بحسب مصادر مطلعة- وهو ما يثير كثير من التساؤلات!
حاولنا التأكد من صحة ذلك من منظمة الصحة العالمية والأسباب وتقييمهم لواقع الصحة إلا أن المعنيون في المنظمة أوضحوا بأن الشخص المختص بهذا الموضوع مسافر خارج الوطن وليس لديهم ما يفيدنا.
وفي معرض ردها عن ذلك أكدت مدير برنامج الصحة المدرسية بوزارة الصحة أن الدعم المقدم من منظمة الصحة العالمية قبل ست أو سبع سنوات كان كبيرا - "لست متأكدة من الأرقام". وما يقال حول دعم المنظمة للبرنامج خلال عام 2008/ 2009 نفت صحة تلك المعلومات، وقالت إن الدعم المقدم من المنظمة خلال العام الجاري للبرنامج بلغ 6 آلاف دولار تم تسخيرها ضمن مبالغ خطة البرامج المعززة للصحة المدرسية وأشادت بشرى بدعم المنظمة لأنشطة وزارة الصحة في اليمن وأوضحت أن هناك مباحثات مع الممثل المقيم للمنظمة في اليمن ووعود بدعم خطط البرنامج الجديدة.
ازدواج السلطتين
طرحنا على طاولة نائب وزير التربية والتعليم الدكتور عبد الله الحامدي شكاوى المدارس بخصوص غياب دور وزارتي التربية والصحة رد قائلا: "ما أدى إلى ضياع الصحة المدرسية في المدارس هو ازدواج السلطتين بين وزارتي الصحة والتربية ونأمل فصل هذه الازدواجية وأن تتولى إحدى الوزارتين القضية الصحية داخل المدارس وتتحمل المسؤولية كاملة".
*****************
العلفي: الآلية الحالية أثبتت فشلها ويجب إعادة النظر في تقديم الدعم
طالب مدير عام الصحة المدرسية بوزارة التربية والتعليم علي العلفي الجهات والمنظمات المانحة بإعادة النظر في آلية المبالغ المقدمة لليمن باسم "الصحة المدرسية" والتي تقدر بملايين الريالات وإعادة تقديمها وفق آلية سليمة وصحيحة.
وأشار العلفي إلى أن الآلية الحالية أثبتت فشلها الذريع، خصوصا وأن طلاب المدارس والتربويين لم يلمسوا لها أي أثر في النهوض بواقع الصحة المدرسية منذ سنوات طويلة وحتى اليوم.
مؤكدا أن الدعم سواء من منظمة الصحة العالمية أو غيرها والتي يثمن جهودها يقدم عبر أكثر من برنامج من برامج وزارة الصحة (الملاريا والبلهارسيا والإيدز وبرنامج الصحة المدرسية) وأن تلك البرامج تنفذ كثير من النشاطات الشكلية عبارة عن ورش تدريبية لا تحقق أي نتيجة ايجابية سوى تحميل البلد والأجيال القادمة قروضا هم في غنى عنها.
وطالب بتفعيل العمل "بالاستراتيجية الوطنية للتغذية والصحة المدرسية في اليمن 2008 ـ2015" والتي لم يتم إقرارها كونها المرتكز الأساسي لعمل منظم وصحيح، خصوصا وأن ما يتم تنفيذه من قبل البرامج حاليا في المحافظات والمدارس يتم دون علم الإدارة العامة للصحة المدرسية بوزارة التربية والتي تتفاجأ في الأخير أنها ليست إلا شكلية وإسقاط واجب.
وفي ذات السياق أعترف العلفي بقصور دور إدارته في تفعيل نشاط الصحة المدرسية داخل المدارس والمتابعة والإشراف على المقاصف المدرسية.
وأشار إلى أنه غير راض عن هذا الوضع سواء في أمانة العاصمة أو بقية المحافظات، لكنه أوضح أن دور إدارته أصبح محدود جدا (إشرافي وتوجيهي فقط) في ظل وجود السلطة المحلية وأنها قامت بإنزال العديد من التعاميم واللوائح المنظمة لعمل المقاصف وأن التجاوب متفاوت على مستوى المحافظات والمدارس.
محملا مسؤولية تردي أوضاع الصحة المدرسية داخل المدارس والمخالفات القائمة، سواء بخصوص تصاريح العمل أو غيرها، إدارات الصحة المدرسية بالمحافظات والمديريات وإدارات المدارس وكذا السلطات المحلية، مطالبا جميع تلك الجهات أن تضطلع بدورها في هذا الشأن ومحاسبة المقصرين والمخالفين للائحة.
وقال إنه في حال عجز إدارات المدارس عن ردع إدارات الصحة المدرسية بالمحافظات أو عدم تجاوب مكاتب التربية لمعالجة تلك الإشكاليات يجب الرفع إلى الإدارة العامة لاتخاذ الإجراءات اللازمة عبر الإدارة العامة للرقابة والتفتيش والشؤون القانونية بوزارة التربية والتعليم ووزارة الصحة.
وذكر أن عدم تجاوب تلك الجهات ناتج إما عن عدم شعورهم بالمسؤولية تجاه العمل وإما أن هناك إغراءات أخرى من بعض أصحاب المقاصف تقدم للمشرفين أو الموجهين الصحيين أو غيرهم.
عدم وجود رؤية واضحة
وأكد العلفي أن ضعف دور الإدارة العامة للصحة المدرسية هو ناتج عن عدم قناعة قيادتي وزارتي التربية والصحة لأهمية نشاط الصحة المدرسية واختلافهما حول تبعية الإدارة وعدم توفر أي نفقات تشغيلية للإدارة العامة سواء من وزارة التربية أو وزارة الصحة مما أعاق من تحركاتها وانعكس سلبا على وضع الصحة المدرسية والطلاب داخل المدارس، حد قوله، إلى جانب عدم وجود رؤية واضحة في التشريعات المنظمة لهذا العمل واعتبار الصحة المدرسية إدارة ثانوية لدى قيادتي الوزارتين واللتين لم تولياها الاهتمام الكافي.
وطالب قيادتي الوزارتين بأن ترتقيا بدور الصحة المدرسية إلى مستوى الأولوية وعكس ذلك على كافة مباحثاتهم سواء مع الجانب الحكومي أو المانحين، لما لها من أهمية تتعلق بصحة أكثر من 6 ملايين طالب وطالبة بعموم محافظات الجمهورية وتوفير نفقات تشغيلية لإدارته لتتمكن من النزول الميداني المباشر إلى المدارس لتقييم عملها ومخاطبة السلطة المحلية.
***********
د. مفضل: اين مردودات شهادات التسنين والشهادات الصحية!
من جهتها أبدت مدير برنامج الصحة المدرسية بوزارة الصحة، الدكتورة بشرى مفضل، استغرابها من تصريحات الإدارة العامة للصحة المدرسية بوزارة التربية بخصوص عدم توفر نفقات تشغيلية وتساءلت عن مردودات شهادات التسنين والشهادات الصحية التي هي مسؤولة عنها.
وأشارت فيما يتعلق بإنشاء وحدة القرض إلى أن لدى البنك الدولي حاليا في اليمن خبير لدراسة وضع الصحة المدرسية وتقديم تقرير مفصل للبنك بالحال الراهن وتحديد الدعم اللازم لليمن في هذا الجانب وأنها عقدت منذ تعيينها في البرنامج لقاءات موسعة لمناقشة الوضع بما فيهم المعنيون بوزارة التربية ممثلة بنائب الوزير الدكتور عبدالله الحامدي والذي أعترف لها بالتجاوزات التي تحصل من قبل إدارات الصحة المدرسية التابعة لوزارته والعراقيل القائمة في هذا المجال.
وفيما يتعلق بمنحة الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا التي تم التوقيع عليها بين وزير الصحة والصندوق والبالغة قيمتها 75 مليون دولار جزء منها مخصصة لطلاب المدارس وكيفية التنسيق لإنفاقها في هذا المجال قالت مفضل: "هناك اتفاقية بين الصندوق واليمن ممثل بالثلاثة البرامج وبرنامج الملاريا في (الجولة السابعة) ارتأى الصندوق العالمي أن من الأفضل لليمن أنه يكون مع هذا البرنامج الكبير عدة برامج متلقين فرعيين تعقد بينهم وبين برنامج الملاريا اتفاقية للمشاركة بأنشطة معينة، وكان للصحة المدرسية نشاط مع هذا البرنامج يتمثل في طباعة مطبوعات وتوزيعها على جميع المدارس في المحافظات الموبوءة بالملاريا وتم توقيع الاتفاقية نهاية فبراير الماضي وبدأنا الآن بنشاط المطبوعات واخترنا منظمة الصحة العالمية لتتكفل بالموضوع بهدف ضمان سلامة صرف المبالغ في أهدافها المحددة ولكن لأن العام الدراسي الجاري قارب على الانتهاء سنضطر لتوزيع المطبوعات بداية العام الدراسي القادم".
وحول تكلفت المطبوعات ومدى صحة ما قيل بأنها 800 ألف دولار من ضمنها قيمة سيارتين كدعم لبرنامج الصحة المدرسية لمحت مفضل بأن المبلغ الذي كان مرصودا هو 800 ألف دولار ولكن بسبب تأخير توقيع الاتفاقية -بحسب المعنيون في برنامج مكافحة الملاريا- أصبح المبلغ 660 ألف دولار. وأكدت أن هذه المبالغ تقدم (منح) لليمن وليس قروض كما يزعم البعض.
(السياسية) ـ غمدان الدقيمي:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق