للعام الرابع على التوالي ترصد "السياسية" مشاهد عامة للعملية الامتحانية لطلاب وطالبات الشهادة العامة؛ لكن هذا العام يبدو غير سابقاته، حيث واجهنا عدة صعوبات في مهمتنا لنقل آراء الطلاب والمشاهدات اليومية للامتحانات، وربما تجهض المهمة لأسباب لا نعلمها!
بدأت جولتنا إلى مركز مدرسة معاذ بن جبل للبنين بمنطقة هايل في أمانة العاصمة، لحظة انتهاء فترة الامتحان الأولى (قرآن كريم وعلومه)، علّنا نتمكن من لقاء الطلاب وسؤالهم عن مستوى الامتحانات، فمنهم من سيقول: "بسيط"، ومنهم من سيقول: "صعب"، وآخرون بين الخيارين؛ لكن الحال اختلف في أول أيام الامتحانات، ولم نتمكن من نقل الصورة في هذا المركز؛ بسبب تعميم وزاري بمنعنا من الدخول إلى المراكز الامتحانية عقب الفترة الأولى.
فوجئنا ونحن في المركز بمنعنا من الدخول إلى ساحة المدرسة للالتقاء بالطلاب والقائمين على المركز عقب فترة الامتحان الأولى، وفوجئنا أكثر بموقف وزير التربية والتعليم الدكتور عبد السلام الجوفي، الذي دخل المركز لحظة وجودنا أمامه وعندما خرج أبرزنا له هوياتنا الصحفية وشرحنا له مهمتنا الميدانية علّه يشفع لنا بالدخول، لكنه رفض تماما، وقال: "انتظر حتى خروج الطلاب من الفترة الثانية، التي يستعدون لها حاليا.
ذات الوضع حصل معنا أيضا في مدرسة نسيبة للبنات ولم نتمكن من اللقاء بأحد هناك، يبدو أن الوضع كما هو في مدرسة معاذ ابن جبل كون المدرستان متلاصقتين.
لا ندري ما أسباب تلك الوجيهات الوزارية، رغم أن كل ما نهدف إليه هو نقل الصعوبات التي تواجه الطلاب ومجريات العملية الامتحانية في المراكز وكل ما نحمله عبارة عن مسجلات وأوراق وأقلام لكتابة الآراء وليس لنقل الغش عن طريقها!
الجو كان هادئا
تواصلنا بعد ذلك عبر الهاتف مع رئيس المركز الامتحاني بمدرسة عمر المختار بالأمانة جلال المقرمي، والذي أكد لنا أن عدد الطلاب الذين يؤدون امتحان الثانوية في المركز 450 طالبا من القسم العلمي يتوزعون على 19 لجنة، وفي كل لجنة حوالي 20 طالبا ومراقبان اثنان ومراقب مشرف على الممر.
يقول المقرمي: "امتحان الفترتين جمع بين السهل والصعب، أدخلنا الطلاب إلى لجان الامتحان قبيل الثامنة صباحا، وألقينا لهم محاضرات توجيهية، وبعض التعليمات والتوجيهات التي تخص الطالب نفسه، من حيث ما الذي يجب أن يحضره، وما الممنوع إحضاره. جلس الطلاب في أماكنهم في وقت قياسي، وجو الامتحان كان هادئا جدا، والملاحظون استعدوا تماما لتوفير جو مناسب للامتحان. كما تم إدخال طلاب الفترة الثانية في الحادية عشرة تماما، وخرجوا في الواحدة ظهرا ولم يشهد المركز أي خلل أو فوضى".
صعوبة وكثافة
لم نيأس من إجراءات التربية في المراكز السابقة، وواصلنا جولتنا الاستطلاعية. وفي تمام الساعة الواحدة ظهرا كنا بانتظار خروج طلاب الثانوية من مركز علي ابن أبي طالب، والذين أجمعوا على أن امتحان الفترة الأولى القرآن وعلومه كان "صعبا ومكثفا"، وأن الوقت لم يكن كافيا، وذهب آخر للقول إن هناك "أسئلة وردت في امتحان التربية الإسلامية من خارج الكتاب"، ورغم ذلك أوضح توفيق محمد صالح (ثانوي علمي) أن نسبة نجاحه لن تتعدى 75 بالمائة في كل فترة على حده، ويقترح زملاء صالح أن يكون امتحان "القرآن وعلومه" في يوم و"التربية الإسلامية" في يوم آخر، بدلا من جمعهما في يوم واحد كما هو سائد.
إلى ذلك شكا عدد من طلاب هذا المركز من أنهم تسلموا أوراق أسئلة الامتحان في الفترة الأولى في تمام التاسعة صباحا، في حين تم سحب دفاتر الإجابات في العاشرة والنصف، وآخرون وجدناهم يشكون من إزعاج المراقبين لهم.
في ذات السياق نفى رئيس المركز الامتحاني بمدرسة علي ابن أبي طالب، أمين الزماني، صحة ذلك، مؤكدا أن الطلاب تسلموا أسئلة الفترة الأولى في التاسعة إلا ربع وتم سحب دفاتر الإجابات في الحادية عشرة إلا ربع، وأرجع ذلك إلى إرباك يحصل عادة خلال اليوم الأول من الامتحانات، لعدم معرفة الطلاب بمواقع اللجان.
وأوضح أن تجمهر المواطنين حول المركز تسبب لهم في إزعاج، برغم أنه في ذات الوقت لم يعتبرها مشكلة.
وأكد الزماني أن الامتحان سار في يومه الأول بشكل طبيعي، وأن ما يقارب 490 طالبا من مدرستي قتيبة والأمجاد الأهلية أدوا امتحانهم بشكل طبيعي، وأن الأسئلة كانت مناسبة، إلا أنه قال: "بحسب إفادات الطلاب أسئلة القرآن الكريم كانت مكثفة والوقت المحدد بساعتين غير كاف".
ختاما: "من جدّ وجدَ"، وليس هناك شيء سهل أو صعب، وإنما من ذاكر واجتهد طوال العام سيحصد امتحانا سهلا، ومن أضاع وقته باللهو مع رفاق السوء لن يحصد إلا امتحانا صعبا، وأمنياتنا للطلاب التوفيق في أداء امتحاناتهم، وللقائمين على التربية والتعليم تهيئة الجو الأمثل للطلاب.
+++++++++++++++++++++++
ما هكذا تعامل الكتب!
لفت انتباهي وأنا أتجول في مركز علي ابن أبي طالب عقب انتهاء امتحان اليوم الأول الإهمال الكبير من قبل الطلاب للكتب المدرسية والتي وجدناها مرمية على الأرض وممزقة, وكألاَّ أحد سيستفيد منها بعد اليوم (الصور توضح ذلك), أضف إلى ذلك أن هناك من يقوم بتمزيق أجزاء من الكتب واستخدامها للغش, وهي مشكلة لا تنحصر على هذا المركز، وإنما في جميع المراكز، وقد سبق وأن أشرنا لها في السنوات الماضية، ولكن دون جدوى. نتمنى تخصيص مواقع معينة للاحتفاظ بالكتب كونها تكلف الدولة ملايين الريالات ومن حق الآخرين الاستفادة منها في الأعوام القادمة.
د. الجماعي: كاس العالم شتت أذهان الطلاب
أكد رئيس قسم العلوم النفسية والتربوية بجامعة عمران أن بطولة كأس العالم 2010 المقام حاليا في جنوب افريقيا يعتبر أحد المشتتات التي يتعرض لها بعض طلاب الثانوية العامة والذين يخضعون حاليا لامتحانات نهائية العام الدراسي 2009/ 2010، ويؤثر عليهم سلبا خاصة المهتمين بالكرة من الجنسين.
ودعا الدكتورصلاح الجماعي طلاب الثانوية العامة إلى عدم الخضوع للمشتتات (متابعة التلفاز بقنواته، واستخدام التلفون السيار أو الخروج والتسكع مع رفقاء السوء وغيرها)، أثناء المذاكرة وخلال فترة الامتحانات بهدف التفوق الدراسي।
ونصحهم بالعمل بالمثل اللبناني: "نم بكير، اصحى بكير، شوف الصحة شو بتصير", والتخطيط والاستعداد المسبق والقراءة بعد صلاة الفجر ليس فقط أثناء الامتحانات وإنما طوال العام الدراسي، لما لها من أهمية وفوائد عظيمة, وأن تهيئ الأسر في الوقت الحالي جوا مناسب لأبنائها الطلاب وإبعادهم عن كل ما يؤدي بهم إلى التفريط في الوقت.
وزاد: "على الطلاب الابتعاد عن المشتتات كشرب الشاي والقهوة بكمية كبيرة والابتعاد عن التدخين والقات وما شابهها من المنبهات والمنشطات, كونها منشطات وقتية تزول بأسرع ما يمكن، بينما يبقى أثرها السيئ, وعدم الإسراف بالطعام والتخفيف من الأطعمة الدسمة كالدهون قبل الذهاب إلى مراكز الامتحانات, وعدم الخوف والاستعانة بالله وقراءة القران عند استلام ورقة الامتحان استشعارا بهيبة الله سبحانه وتعالى, ثم قراءة جميع الأسئلة قبل الإجابة والبدء بالإجابة على الأسئلة الأكثر سهولة, كون العقل البشري دائما يمارس نظام التداعي الحر في استدعاء المعلومات تلو الأخرى, ناهيك عن الشعور بالثقة بالنفس والإنجاز, مع ترتيب إجابات الأسئلة حتى لا يربك المصححين".
"الفوبيا" وعلاجه
وحذر الجماعي من خطورة الضغوط الشديدة التي يتعرض لها طلاب الثانوية العامة حاليا سواء من قبل الوالدين حيث يتوقعون من أبنائهم نسبة عالية وكذلك المجتمع وغيرهم، وهو ما يضطر الكثيرين للحصول عليها بالطرق غير المشروعة (الغش) وهو ما يؤثر عليهم وعلى المجتمع سلبا، حاضرا ومستقبلا, أو أن يصاب بالقلق ويتعرض البعض للـ"فوبيا" (الرهاب) لدرجة أن الطالب يشعر بالعمى. وشرح الجماعي قصة أحد الطلاب تعرض العام الماضي للـ"فوبيا" أثناء أدائه امتحان الثانوية العامة والطريقة التي عالجه فيها (مجموعة من النصائح والمحفزات للنفس ورفع الروح المعنوية) بعد أن أعلنت حالة الطوارئ في المركز الامتحاني, في حين تجاوز الطالب محنته بعد ساعات من الإصابة، وفي اليوم التالي كان طبيعيا؛ "رفعنا له تقريرا طبيا بما تعرض له بصدق وأمانة"، موضحا خطورة تصوير امتحان الثانوية بأنه نهاية الحياة ومصير وإعلان حالة الاستنفار, حتى وإن كانت مرحلة مهمة يتحدد عليها المعدل الذي يمكنه من الدخول إلى الكلية التي يرغب فيها وما إلى ذلك, كون ذلك يتسبب بمخاطر كثيرة منها بالإضافة إلى ما سبق (الانتحار) وهو ما حدث مع أحد الطلاب العام الماضي في محافظة إب وكالمثل في كثير من محافظات الجمهورية والدول العربية.
وأكد ضرورة أن يعتبر الطلاب وأولياء الأمور ومدراء المراكز الامتحانية والمراقبون امتحان الثانوية مثل أي امتحان آخر في أي مرحلة دراسية ولا يجب أن يعطى الاهتمام المبالغ به لدرجة أن يشكل مشكلة أو عائق أمام الطالب.
وأكد أن الطالب إذا ما استعد للامتحان منذ بداية العام الدراسي لن يتعرض للضغوط أو الخوف أو القلق وسيكون شخصا طبيعيا, في حين عكس ذلك في الغالب يتسبب بإشكاليات كما ذكر آنفا.
ولفت إلى ما تعرضت له سيارة وزارة التربية والتعليم الجمعة الماضية أثناء توجهها إلى محافظة عدن لنقل امتحانات المرحلين الأساسية والثانوية, والتي تعرضت للاختطاف من قبل مجموعة مسلحة, منوها بأنه رغم ترك أسئلة الامتحانات إلا أنها أصبحت حد قوله غير ذات جدوى وتعتبر بحكم المكشوفة ولا يمكن الاعتماد عليها.
(السياسية) ـ غمدان الدقيمي:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق