الاثنين، 21 يونيو 2010

تقرير:السياسات الاجتماعية في اليمن غير مواكبةللمتغيرات الإقليمية والدولية




شدد تقرير رسمي حديث على أهمية الاستفادة من التطور التكنولوجي المتسارع في وسائل الاتصال وتقنياته في التفكير الجاد لتصميم برنامج وطني شامل للتأهيل والتدريب لضمان الوصول إلى مكانة مرموقة في النظام الدولي الجديد، كون التخلف عن ذلك له تداعيات شتى؛ اجتماعية واقتصادية وثقافية، تبرز آثارها السلبية لمن لا يخططون لسياساتهم الاجتماعية.
وأوضح التقرير الاجتماعي 2008 - 2009 (السياسات الاجتماعية في اليمن.. الآفاق والتطلعات)، الذي يُصدره المركز اليمني للدراسات الاجتماعية وبحوث العمل سنويا، أن من أبرز المشاكل المستقبلية التي ينبغي إيلاؤها اهتماما ضمن السياسة العامة للدولة عموما، والسياسات الاجتماعية خصوصا، مراجعة أهداف السياسات الاجتماعية الوطنية بالأخذ في الاعتبار مشكلات الحاضر وتوقّعات المستقبل.
مشكلات التضخّم والأسعارعلى هذا الصعيد، يعطي التقرير أهمية لدعم اللامركزية وإعادة هيكلة الإنفاق العام، كشرط أساسي لفاعلية أي جُهد مستقبلي تبذله السياسات الاجتماعية، تبنِّي مفهوم شامل للسياسات الاجتماعية لمواكبة التطوّرات الإقليمية والعالمية لتحديد مسارها المستقبلي بالاعتماد على التكامل بين السياسات الاقتصادية والاجتماعية وسياسات العمل، وتخطِّي المفهوم الضيِّق للسياسات الاجتماعية باتخاذ جُملة من الإجراءات والتدابير، أهمها:تبنِّي برنامج وطني شامل للتخفيف من الفقر. حماية القوى الشرائية لذوي الدخل ومعالجة مشكلات التضخم وارتفاع الأسعار وانخفاض فرص العمل والبطالة.البحث في آليات فعالة تساهم في تخفيف مقومات التكامل بين السياسات الاقتصادية والسياسات الاجتماعية لحماية ذوي الدخل المحدود والمعدمين والفقراء.صياغة سياسات فعّالة لدعم السلع الأساسية وتوفير الاحتياجات الأساسية من صحة وتعليم وإسكان وخدمات اجتماعية تصميم برامج لتوفير فرص عمل للشباب العاطلين والباحثين عن عمل بفتح مجالات عمل جديدة تتلاءم مع احتياجات سوق العمل. صياغة برامج وخدمات نوعية متميِّزة في مجالات التربية الشاملة والتأهيل الاجتماعي للمُعاقين لضمان الوصول إلى المُعاقين في مختلف المناطق، وبخاصة الريفية الأشد احتياجا. تقوية الآليات المؤسسية الحالية لدعم برامج الحوار الاجتماعي الموجّه نحو قضايا العمل والعمّال بين أطراف الإنتاج الثلاثة، وبخاصة فيما يتعلق ببرامج الثقافة العمالية ورفع مستوى كفاءة العمال. توفير المرونة والاستجابة الكافية لتلبية احتياجات سوق العمل والتغيّرات التكنولوجية.
تعزيز مجالات الشراكة
وزاد التقرير أن "من ضمن الإجراءات والتدابير تدعيم سياسات النوع الاجتماعي وإدماج أدوات تحليل النوع الاجتماعي في التخطيط التنموي لضمان القضاء على الفجوة النوعية وتعزيز فُرص المساواة والمشاركة الكاملة بين النساء والرجال، تعزيز مجالات الشراكة والتعاون بين المؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني، لمنح المزيد من الفرص والخيارات لها لتمكِّنها من الاطلاع بالأدوار المنتظرة منها لتقديم خدمات نوعية متعددة والتخفيف من الأعباء والجهود التي تبذلها الدولة لتتجه المنظمات بعد ذلك إلى تنفيذ البرامج والمشروعات الخدمية التي تجسّدها تلك السياسات في حين تتولى الدولة رسم السياسات الاجتماعية।

وجاء التقرير في سبعة محاور: سياسة التنمية الاجتماعية، (مقارنة نظرية)، السياسيات الاجتماعية اليمنية "دراسة إختبارية من منظور معايير الحوكمة"، السياسة الاجتماعية في اليمن - (الإطار المؤسسي )، تقييم سياسة الإنفاق على الخدمات الاجتماعية، القوانين الوطنية المعنية بالسياسات الاجتماعية، دور السياسات الإعلامية المصاحب لسياسة التنمية الاجتماعية، و"نحو رؤية مستقبلية للسياسات الاجتماعية في اليمن".
عدم وجود فلسفة
نوه التقرير بالجهود التي تبذلها الحكومة حاليا لرسم السياسات الاجتماعية، لافتا في الوقت نفسه إلى عدم وجود فلسفة واضحة لهذا النوع من السياسات، كما تكشف عنه الممارسات المؤسسية للمؤسسات الاجتماعية। الأمر الذي يتطلّب صياغة سياسات واضحة لضمان خلق استجابة وعدم تجزئة السياسات والتلكؤ في الاستجابة للمشكلات والأوضاع المتغيّرة، حتى لا تظل هذه السياسات ردود أفعال أو إدارة أزمات أكثر من اتجاهها نحو وضع سياسات ومبادرات مخططة وواضحة الأهداف، للأخذ بمشكلات الحاضر وتوقّعات المستقبل لوضع عدد من القضايا ضمن جدول الأعمال، ومن أهمها: مواجهة مشكلات البطالة، وتدنِّي الإنتاجية، مشكلا العمالة وضعف الحوار بين أطراف العملية الإنتاجية بتفعيل الحوار الاجتماعي।

مرتكزات أساسية للسياسات
يرى التقرير أن صياغة سياسات اجتماعية فعالة ومؤثرة تستلزم الانطلاق من مرتكزات أساسية لا غنى عنها: وضوح في الأولويات والأهداف -بمعنى على السياسات الاجتماعية أن تنطلق من فلسفة وأهداف واضحة ومحددة مع التركيز على ترتيب أولوياتها في ظل شح الإنفاق العام على هذا النوع من السياسات، وذلك برصد أدواتها وبرامجها خلال فترات زمنية منتظمة لضمان معالجة أي إشكاليات أو مستجدات قد تبرز أو تحدث أثناء تصميم هذه السياسات، أو أثناء تنفيذها। التكامل بين السياسات؛ لسد الفجوات والثغرات بين السياسات المختلفة التي تربطها علاقات تفاعل وتأثير, والشمول والتوازن سواء في القطاعات أم في المجالات والفئات المستفيدة؛ باعتباره احتياجا مُلحا تقتضيه هذه السياسات التي تُعنى بتنمية الإنسان، بالإضافة إلى التنسيق الأفقي والرأسي।

البيروقراطية الإدارية
شدد التقرير على ضرورة تطوير الأُطر المؤسسية للسياسات الاجتماعية، بدءا بالسياسات التشريعية والقانونية وأداء المؤسسات الحكومية والمنظّمات غير الحكومية, والاستفادة من الهيئات والمؤسسات الإقليمية والدولية الداعمة।كما شدد على إلى أهميّة إزالة كافة المعوِّقات التي تقف أمام تطبيق التشريعات والقوانين وتسيير كافة الإجراءات اللازمة لوضع التشريعات والقوانين المستمرة للقوانين وتطويرها وتحديثها واختزال عدد من القوانين التي تحكم فاعلية السياسات الاجتماعية।

واعتبر التقرير أن تطوير البنية المؤسسية للمؤسسات الحكومية يتمثل في تطوير الأبعاد المؤسسية التي تتولّى إدارة السياسات الاجتماعية بالمُراجعة الشاملة والدائمة والدّورية لسياسات وأنظمة العمل وآلياته لرفع مؤشرات الأداء الفردي, إعداد القيادات والكوادر المناسبة التي تتولّى مسؤوليات إدارة السياسات الاجتماعية, التخطيط لهذه السياسات والتنفيذ ومسؤوليات المُتابعة والتقويم.
وأكد ضرورة إزالة البيروقراطية الإدارية التي تعقّد من تطبيق القوانين ولوائح وقواعد وأنظمة العمل وأساليب إدارتها, تطوير آليات وأنظمة العمل لضمان الوصول إلى جودة الخدمات المقدّمة للعملاء المستهونين - المستفيدين من الخدمات الاجتماعية (أكبر قدر من السرعة إلى أكبر عدد من المستفيدين)، والاهتمام ببناء قُدرات القيادات الإدارية والفنية على مختلف المستويات، توجيه المزيد من الاهتمام للدراسات والأبحاث الاجتماعية وتوفير المؤشرات والمعلومات والبيانات الإحصائية الدقيقة التي تبرز واقعها ومُتطلّبات النهوض بها، وبخاصة بيانات التعليم وبيانات حول العمالة وتوزيعها الجغرافي وتكوينها واتجاهات حركتها.
فرص عمل للفقراء
وأوصى التقرير برفع المُخصصات التي يقدّمها صندوق الرعاية الاجتماعية للمستفيدين؛ بحيث تُواكب الحد الأدنى للأجور وما يعادل ذلك، وحثّ المجالس المحلية للمشاركة في هذه المساعدات, التركيز على إيجاد فرص عمل للفقراء والقادرين على العمل وخاصة في المشاريع ذات العمالة الكثيفة والاهتمام بتدريبهم على مختلف المهن التي يمكن أن تفي باحتياجاتهم الأساسية وتحافظ على كرامتهم وحمايتهم من الاستغلال الاجتماعي, تعزيز الإجراءات الخاصة بتطبيق حقوق المرأة والطفل، وتشجيع مؤسسات المجتمع المدني العاملة في هذا المجال, تشجيع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل على المبادرة على تكوين صندوق خاص بمشكلات عمالة الأطفال وحمايتهم من الأضرار ومن التهريب خارج الحدود اليمنية। كما أوصى بإجراء المزيد من الحوارات حول حقوق مختلف الفئات الاجتماعية وخاصة المهمّشين منهم بغرض زيادة وعي المجتمع والأجهزة والمؤسسات بحقوقهم المشروعة كمواطنين, الاهتمام بشريحة المسنّين والعجزة ووضع برامج خاصة لرعايتهم وتكوين دُور للمسنين في مختلف المحافظات, والاهتمام بشريحة الشباب وتشجيعهم على القيام بمشاريع الخدمة الاجتماعية في المجتمعات المحلية، وخاصة في مجال محو الأمية وإصحاح البيئة ومعسكرات العمل الصيفية وفق برامج مدرُوسة تعدها وزارتا الشؤون الاجتماعية والشباب، بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني المهتمة بقضايا الشباب।

بناء نظام اجتماعي عادل
شدد التقرير على أهمية تشجيع إنشاء المزيد من الأُطر المؤسسية والقانونية والشّبكات الاجتماعية الفاعلة للتصدِّي لظواهر العُنف والتمييز في المجتمع اليمني, وتشجيع المؤسسات البحثية في مجال سياسة التنمية الاجتماعية والبشرية، ومنها مركز الدراسات الاجتماعية وبحوث العمل، الذي يقوم بدور إيجابي في مجال البحوث الاجتماعية والتطبيقية।معتبرا أن التنمية المستدامة تنمية ديمقراطية تهدف إلى بناء نظام اجتماعي عادل ورفع القُدرات البشرية عبر رفع مستوى مشاركتهم الفاعلة والفعّالة في القرارات التي تتعلق بحياتهم وتُؤثِّر فيهم، وعبر تمكين الفئات المهمّشة، وتوسيع خيارات المواطنين وإمكانياتهم।

وشدد على ضرورة إصدار أو تعديل القوانين الناظمة لنشاط المجتمع المدني لتستجيب للمعايير الدولية ذات العلاقة بحُرية تكوين الجمعيات؛ لما يمتلك هذا القطاع من قُدرة على تأطير المواطنين للعمل التطوعي في الشأن العام، وفي كل قيم المشاركة المدنية والتنمية التشاركية بصفته شريكاً أساسياً في عمليات التنمية المستدامة, وتوفير بيئة أعمال إيجابية لنشاط القطاع الخاص تمكِّنه من القيام بنشاطاته الاقتصادية والاجتماعية كشريك فاعل وأساسي في التنمية المستدامة.
برنامج الإصلاحات مبيناً أنه كان وما زال لبرنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي والإداري أثر مجتمعي شديد الوطأة وساعد في تفاقمها اختلالات الهيكل الإنتاجي، وهيكل الموازنة العامة، وسياسة الإنفاق، وهذا جعل الأثر من حيث نسبته يتساوى من حيث الأولوية, لذا يتوجّب على القطاع الخاص والمجتمع المدني التدخّل في الأولويات بهدف المبادرة أو المعالجة، والتي تتمثل في: التعليم (نسبة الالتحاق، التسرب، جودة المناهج، الإدارة، فجوة النوع الاجتماعي، التفاوت بين الريف والحضر، محو الأمية...), الصحة والصحة الإنجابية (تدهور الأوضاع الصحية وتدني مؤشرات التنمية البشرية), الفقر (اتساع رقعته بكل أشكاله وبنسب عالية), العمل / البطالة (نسب عالية على المستوى العالمي), تمكين المرأة (اتساع الفجوة، تدني مشاركتها في سوق العمل، فرص التعليم...), شحة الماء (تدني نصيب الفرد واستنزافه...الخ), وتدهور البيئة.
تصحيح المفاهيم المغلوطة
طالب التقرير بتوسيع قاعدة مشاركة المرأة في مواقع اتخاذ القرار في هياكل السلطة العُليا في كافة المؤسسات الإعلامية؛ كونها أكثر قُدرة في التعبير عن آراء النساء واحتياجاتهن العملية والاستراتيجية, وأن تقدّم وسائل الإعلام والاتصال نماذج لقصص نجاح نساء رائدات في العمل الاجتماعي والعمل التنموي لتصحيح الكثير من الأخطاء والمفاهيم المغلوطة عن النساء ومساهماتهن في مختلف مناحي الحياة، ومنحها مساحة أوسع في نشر مثل هذه البرامج مع ضمان استمرارية إنتاجها।

كما أوصى بإعادة صياغة السياسة الإعلامية، بإضافة مكوّن النوع الاجتماعي, والاستمرار في تعديل الصورة التقليدية النمطية عن أدوار المرأة ومكانتها لضمان إعادة إنتاج القيم الثقافية وإرساء ثقافة منصفة للجنسين تقوم على أساس العدالة والإنصاف والمساواة وإيجاد رأي عام مساند وداعم لقضايا المرأة وللتحديدات التي تجابهها على مختلف المستويات والصّعُد।
(السياسية) ـ غمدان الدقيمي:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق